بالمنطق نهاية الديناصورات صلاح الدين عووضه [email protected] * حاج ماجد كان قد(هرم من أجل لحظة تاريخية) يحقق فيها ما لم يحققه أحد غيره.. * ولكنها لحظة حين تحققت لم يسعد بها ابن بلدتنا هذا مثل سعادة (أحمد هرمنا) التونسي بلحظته تلك التي وثقتها الفضائيات.. * فقد كان حاج ماجد يتمنى عمراً مديداً مذ كان شاباً اشتهر بحبه للحياة ومباهجها وغوانيها وأسمارها و (مُذهباتها للعقل).. * وتحقق لماجد ما أراد حتى بلغ من الكبر عتيا.. * وطفق رفقاء دربه يتساقطون الواحد تلو الآخر وهو سائر في الدرب هذا دون أن يتوقف حتى في (استراحاته) المخصصة لالتقاط الأنفاس بدواعي الرهق والعنت والإجهاد.. * أي دون حتى أن يمرض.. * ولكن الدرب هذا بدا وكأنما لا نهاية له تلوح في الأفق حتى انتبه حاج ماجد - أخيراً- إلى أنه قد أضحى بلا (رفيق).. * فقد مات (أنداده) جميعاً ولم يبقَ لم من يؤنس وحشته في مشوار الحياة.. * وبدت الحياة من حوله غريبة عليه بمباهجها وغوانيها وأسمارها و (مُذهباتها للعقل).. * فالأشياء لم تعد هي الأشياء... * فما عاد العمدة - مثلاً - هو الآمر الناهي وفقاً لما هو ممنوح له من سلطات.. * وما عادت السواقي تدور - مع دوران ثيرانها - لترفد أوركسترا الطبيعة بأنغام نأيها ذي الشجن الى جانب الخرير والحفيف والتغريد والهديل والثغاء والخوار.. * وما عادت (المساير) محفزاً من محفزات التغني بانسدال الليل على جبين القمر لحظة النهوض من الخدر.. * وما عاد (الدكَّاي) يضاهي (مشعشعات) تغزل في تماثلها لعين (الديك) كثير من شعراء دولة بني العباس.. * وما عاد (البوبلين) هو الكساء الذي يحق لمرتديه أن (يقدل) في سوق الاثنين الشهير.. * وصار حاج ماجد يتمنى الموت الذي لطالما زجر ذاكريه في مجلس هو حاضر فيه.. * وشبهه بعض مثقفي البلدة من الشباب بديناصور انقرض كل بني جنسه وبقي هو وحده في زمان ليس فيه مقومات بقاء لأمثاله.. * وما زال كبار السن في بلدتنا يذكرون ما استشعره حاج ماجد هذا من (سعادة) حين صادف لافتةً في الدرب الذي يسير عليه منذ نحو مائة عام تشير الى أنه قد (انتهى المشوار).. * أو بعبارة متخيَّلة أخرى: (لحد هنا وخلاص).. * وكذلك (لحد هنا وخلاص) بالنسبة لأنظمة ديناصورية من حولنا هذه الأيام.. * فقد (انتهى مشوار) أنظمة كلٍّ من بن علي ومبارك والقذافي وعلي صالح.. * وبصدد ان ينتهي - كذلك - مشوار النظام (الأسدي) في سوريا.. * ثم كل نظام ديناصوري آخر حكم ب (القوة) لعقدين من الزمان وأكثر.. * والديناصورات انما انقرضت من قبل لاعتمادها على عامل (القوة) وحده في معركة البقاء.. * فليس ب (القوة) وحدها تحيا الأنظمة.. * وليس (أحمد هرمنا) التونسي وحده الذي (هرم من أجل لحظة تاريخية).. * وليس (المعمرون) - على الكراسي- جميعهم مثل حاج ماجد يتمنون رؤية اللافتة تلك على جانب الدرب (الطويل).. * اللافتة التي كُتب عليها: (خلاص، انتهى المشوار).. * أو: (لحد هنا وخلاص يا ديناصورات).