[email protected] يحكى أن قطا نظر في الماء فرأى نفسه أسدا .. صار يمشي مشية الأسد .. و اعتقد اعتقادا قويا أن مواءه اللطيف زئير يصل إلى دواخل حيوانات الغابة قبل أسماعها .. صدق كل شيء إلا حقيقة أنه قط يزن كيلوجراما واحدا أو يزيد بقليل.. كان شيئا واحدا يقلق هذا القط المستأسد .. لم تكن الحيوانات تعيره اهتماما .. لا تفر إن هو زأر أو مر .. بل إن الإوزة التي طالما تميزت بالوداعة تفرد جناحيها و تمد منقارها مهاجمة إياه دون أن تخشى مخالبه و لا أنيابه! كان يرى الفئران كائنات صغيرة لا تناسب ترتيبه في مجتمع الغابة .. ماذا ستقول الحيوانات إن علمت أن الأسد ملك الغابة يأكل فئرانا؟ .. عزم على رفضها حتى كمقبلات ... كان يمشي بخيلاء و تؤدة وسط غابة من تلك الفئران الفضولية التي كادت أن تعصف بها الدهشة أن القط الذي طالما أقض مضجعها اعتزلها و صارت بعد خوف و ترقب آمنة مطمئنة من عدوها اللدود. لم يقدر قطنا المستأسد على صيد الأيائل و لا الخنازير البرية أو الحمر الوحشية و أمام عضة الجوع الذي لا يقاوم عمد إلى صغار الفئران و صار يلتهمها في خفاء شديد .. و بينما كان مستلقيا ذات نهار صائف للقيلولة تناهى إلى سمعه دوي رعد هائل جعله يرتعد .. ثم دوى الرعد ثانية و ثالثة و جاهد ملك الغابة على الصمود و لكن أرجله الراجفة خانته .. خشي أن تراه بقية الحيوانات فتذهب هيبته و يستصغر .. خرج من مخبئه لتراه الحيوانات و لدهشته فقد كانت السماء صافية و خالية من السحب .. حانت منه إلتفاته نحو اليمين فرأى غبارا هائلا و أصوات بدت أنها أصوات عراك .. جزم المستأسد على أن الغبار بفعل الفيلين الذكرين كعادتهما .. عند خروجه لاستطلاع الأمر جفل فيل ضخم و صار يجري هاربا من مجموعة فئران .. رسخت أسودية القط أكثر .. ماله و للإوزة إن كان فيلا ضخما يفر منه ... و لكن أصوات الرعد لم تنقطع ... أسدان انتهكا حرمة أراضيه .. قال القط في نفسه: كان عليهما مواجهتي أولا قبل أن يتواجها .. الآن سألقنهما درسا... انتفخ قطنا و بدا لنفسه ضخما بما فيه الكفاية لمقاتلة الأسدين دفاعا عن مملكته .. أخرج مخالبه و كشر عن أنيابه و ماء ثم ماء ثم ماء و لكن ذهب جميع مواءه أدراج الرياح وسط زئير الأسدين الذين لم يتنبها حتى لوجوده ... انجلت المعركة عن فوز أحد الأسدين .. و في أثناء فراره بذات الموقع الذي كان يقبع فيه قطنا المستأسد .. حانت التفاته من الأسد المنهزم نحو الخلف ليرى إن كان الآخر في أعقابه .. لوى الأسد المنهزم بذيله ليطرد ذبابات تضايقه لكن الذيل – دون قصد من الأسد - ضرب قطنا المستأسد مباشرة على وجه .. أغمي عليه .. أفاق بعد يوم كامل .. تلفت يمنة م يسرى ... لم يرى حيوانا .. حمد الله في سره .. ثم لم يسمع أحد بأمر القط .. لم تفتقده غير الفئران!