[email protected] صعود الاخوان بقيادة الدكتور محمد مرسي مع الفلول جنبا الى جنب ويدا بيد بفارق هامشي لا يميز بينهما انما هو افراز طبيعي لتأخر الحياة الاجتماعية والسياسية ولتخلف الانظمة الديمقراطية واجراءات الممارسة العملية في اوساط المصريين فضلا عن انعدام الرؤية الفكرية وهشاشة البناء التنظيمي للمجموعات الشبابية للثورة التي كانت مبعدة ومطاردة ومغيبة منذ انقلاب 1952 بالتساوي مع النقابات ومنظمات المرأة واشكال الحياة المدنية المختلفة , فكان الاخوان وفلول الحزب الوطني الذي حكم منفردا وبيد من حديد طيلة ثلاثين عاما وجهين لعملة واحدة هي الدكتاتورية التي مارستها جماعات مبارك ففتحت السجون وغرف التعذيب واطلقت ايدي اجهزة الامن لارهاب المصريين وقواهم التنظيمية , فكانت اقسام الشرطة وضباطها ادوات للتخويف والتنكيل بالمواطنين , وبلغت اعداد المنتمين لاجهزة الامن والمطاردة والتعقب اكثر من اثنين مليون مجند وكان وزير الداخلية حبيب العادلي المسجون الان في طرة اقسى جلاد وخائن عرفته مصر وفي سبيل ابقاء النظام واطالة عمره لم تسلم منه حتى الكنائس واماكن العبادة المتهم الان بتفجيرها وبزعزعة الامن ونشر الاضطرابات من المسلمين والمسيحيين . في انتخابات مجلس الشعب كأول انتخابات نزيهة وبها مراقبة قضائية فاز الاخوان بنصف الاصوات ولكنهم اجتازوا انتخابات الرئاسة بصعوبة بالغة لانهم شغلوا المجتمع المصري برغبتهم في السلطة وبالسعي وراء مصالحهم ومصالح جماعتهم الخاصة في وقت تعاني فيه الشوارع المصرية من البلطجة والنهب وتعاني المدن من انعدام الامن واضطراب المعيشة وندرة الطاقة وشرعوا في البرلمان للدفاع عن توجههم السياسي الاحادي فاجازوا قانون العزل السياسي في فترة وجيزة بينما رفضوا اجازة قانون تمويل الارهاب ووعدوا القوى السياسية بالمشاركة في الحياة السياسية تعبيرا عن مبدا الفصل بين السلطات الديمقراطي ولكنهم رشحوا احدهم لانتخابات الرئاسة ثم عززوه بثان وبرغم فوزهم الذي عده الكثيرون خسرانا وتراجعا حيث حققوا نسبة بسيطة جدا من اصوات الشعب المصري لم تتجاوز 25% من الاصوات المسجلة الا ان صعودهم يمكن ان يتواصل فقط في حالة تأييد الجماعات العلمانية والليبرالية لهم من تلك الكارهة للفريق احمد شفيق وخلفيته العسكرية وعمله في نظام حسني مبارك ومشاركته كما يقولون في معركة ( الجمل ) وبفوزهم في انتخابات الاعادة في 16/17 يونيو سيتواصل الصراع بينهم وبين الجيش وبينهم وبين اجهزة الامن وسيحاولون اختراقه وتجنيد من يستطيعون منه فبعد ان يسقط الشعب تحت اقدامهم بمؤسساته لن يتبقى الا الجيش كي يسقط المستقبل ويهمش الشعب . الاخوان اخطر على الديمقراطية من الفريق احمد شفيق الذي عمل من خلال منظومة ساهمت في تحديث مصر ووصلها بمراكز الثقافة والتطوير والحداثة دون فرض توجه محدد او ايدولوجيا لا يجوز التخلي عنها او الانصراف الى غيرها لان الاخوان وبحسب تجاربهم وخاصة التجربة السودانية لا يعرفون الديمقراطية ولا يحترمونها او يحترمون من يمارسها وينتهج نهجها فهم لم يمارسوها في تنظيماتهم التي لا تؤمن الا بسلطة الشيخ ولو دعا للقتل والاغتصاب وحمل ( السيخ ) وتؤمن بمبدا البيعة وقداسة المرشد والابتعاد عن النقد والمراجعة واعمال الفكر والاتجاه المطلق نحو التنفيذ بقلوب عمياء وادمغة معطوبة لانهم تربوا على الطاعة والامتثال لشيوخ بيدهم خيوط المال والترقيات والسلطة وهم اخطر ما يكونون على التعددية واختلاف الاراء لانهم يخلطون بين السياسة والدين في وقت اصبح الدين متعدد المشارب متعدد الوجهات حسب اختلاف الفقهاء وطوائف المجتهدين وصارت الشريعة على قلة بنودها القانونية موزعة بين مفاهيم الجماعات واجتهادات الائمة من زعمائها وصارت افضل شعار تدخل به الحركات الاسلاموية عالم السياسية والمال والعلاقات الدولية فهم يطالبون بها من طالبان والقاعدة وبوكو حرام والمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي وجماعة حازم ابواسماعيل وجماعة الدكتور مرسي وصارت الشريعة عنوانا سياسيا ومدخلا حزبيا اكثر منها حقيقة دينية سامية خالدة وصارت الواجبات كصلاة الجماعة عندهم واجبات حزبية اكثر منها عبادة وتواصلا مع الله ولذلك فهم في حياتهم الخاصة يعتبرون كل ما هو مطلوب منهم دينيا هو السياسي بعينه فلا يفرقون بين الحلال والحرام ولا بين السحت والرزق ولا بين مال اليتيم والمسكين والفقير الواجب لهم من الزكاة واموالهم التي يكتنزونها لليوم المعلوم واكثر المتمسكين بها والمنادين بتطبيقها من يحملون السلاح ويزهقون ارواح المدنيين بالتفجيرات كي يبرروا بها سفك دماء الابرياء من اهل الملة حيث لا مبرر من الدين ولا من الشريعة التي يجأرون بها امام الملأ . من خصائص الدولة الدينية انها دولة الحزب الواحد ودولة الجماعة الواحدة ودولة المرشد او الامين العام الواحد ولا يوجد تفصيل واضح لها في التاريخ الديني مثل الدولة الدينية التي حكمت في السودان ما يقارب الان الفترة الزمنية التي حكم فيها حسني مبارك في مصر , وكل اعراض هذه الدولة المهترئة وتورماتها تظهر اليوم في حزب الاخوان ومناهج عملهم السياسي في مصر من الرغبة المبدئية في الاقصاء ومصادرة الراي ورفض المشاركة والشفافية ورفض تحمل المسؤولية وتفصيل القوانين باتجاه الدولة الشمولية وممالأة الغرب في ما هو اساسي ومبدئي او قل ديني وظهر كل ذلك في عملهم السياسي بعد الثورة في مجلس الشعب الذي سيطروا على نصف مقاعده وفي مجلس الشورى وفي الجمعية التأسيسية للدستور التي ارادوا تكوينها معبرة عن اتجاههم في الاستحواذ والسيطرة والاقصاء لباقي المكونات المصرية المهمة كالازهر والكنيسة والنقابات والمجتمع المدني وفي محاولاتهم المستمية البدائية في اختراق الجيش والشرطة واجهزة الامن حينما اوعزوا لبعض منسوبيهم في اعفاء اللحى في الشرطة واقاموا الارض واقعدوها في قانونية او عدم قانونية اطلاق اللحية وناقشوها في الفضائيات والصحف مما جعل ادارات هذه الاجهزة تحيل كل من يخالف ما جرت عليه العادة في الاجهزة المصرية الى التحقيق او الايقاف الى حين البت في امره , ومن خصائص الدولة الدينية انها تنسى الشعب وتنسى فقره وتعتبر الشعب ( رعية ) لا حق لها في حرية او معاش او تعليم او كرامة انسانية خاصة حينما تطبق مقررات صندوق النقد في تحرير الاسعار فتترك الرعية تتضور جوعا وبؤسا كالعير في البيداء يقتلها الظمأ لأن العناصر والافراد الذين ينادون بالدولة الدينية في كل مكان هم جماعة تتعالى على السكان وتدين بالعنصرية وبأفضليتها على الاخرين ولا تؤمن بالتواضع او المجاورة او المساواة , ومن خصائص الدولة الدينية انها تعمل لصالح فئة محدودة ضيقة ولو بلغ عدد سكان البلد المعني الملايين فوق الملايين , ومن خصائصهم التي ظهرت في مصر انهم لا يتحالفون مع الجماعات الاسلامية الاخرى ولو تحالفوا فان تحالفهم لا يصل الى نهاياته المرجوة , فهم تجنبوا التحالف مع السلفيين في مصر وهم اصحاب كتلة تصويتية كبيرة تبلغ خمسة مليون صوت وتجنبوا الجماعات الصوفية المنتشرة في كل اصقاع مصر وعددهم يفوق عدد السلفيين من جماعات النور والجهاد , ورأينا في السودان كيف كان الشيخ الترابي يحتقر الجماعات السلفية ويسخر منها من جهة وكيف كان يكره ويحقد على المجددين امثال محمود محمد طه طيب الله ثراه من جهة اخرى . ان الفرصة الاخيرة لانقاذ مصر دون تكلفة وان كان ذلك قاسيا على طوائف مصرية كثيرة هي دفع الفريق احمد شفيق الى الرئاسة فهو على الاقل سيضمن دولة مدنية وسيضمن دستور يتوافق عليه كل المصريين ولن يتلاعب في التركيبة الاجتماعية التي قامت عليها مصر ولن يغامر بالاقتصاد في المجهول ولن يحارب الثفافة ودور النشر والمؤلفين ولن يسعى الى السيطرة على الاجهزة المصرية ايديولوجيا كما سيفعل الاخوان بتوصيات من اخواننا في الخرطوم الذين تمرسوا على ادوات ( التمكين ) والتأمين ولن يسعى لتفكيك الجيش وتحويله الى مليشيات تابعة لعنصر واحد او قبيلة من قبائل اهل مصر ولن يدخل في الساحة المصرية المتجذرة ثقافيا عقليات ( لحس الكوع ) وعقليات ( نحن ما دايرين اسرى او عقلية امسح اكسح قوشو القروسطية التي نشرت العنق بين المواطنين والقتل وعقوبات الاعدام .