أحداث ومؤشرات مطر الرشاش الرش د.أنور شمبال [email protected] صمتت هيئة الارصاد الجوي عن الإفصاح عن التنبؤات لخريف هذا العام 2012م، بعد أن جاءت نتائج تنبؤاتها في الخريفين الماضيين عكس توقعاتها، حيث أنها زادت جرعة التفاؤل بخريف ماطر بكل السودان، وإذا بها كانت أمطار متقطعة، وكان الإنتاج الزراعي المطري دون الطموح الأمر الذي أدى الى بروز فجوات غذائية هنا وهناك ومنها ولايات كردفان ودارفور وغيرها من الولايات، وفسر بعض المراقبين صمت الهيئة دليل تخوف من الإخبار بتنبؤات غير سارة. ولكن علامات خريف هذا العام غير التنبؤية تقول إنه مبشر، حيث أن هطول الأمطار (مطر الرشاش) بدأ مبكراً في الأسبوع الماضي في القضارف، وسنار، والجزيرة، والنيل الابيض وجنوب دارفور وغيرها من الولايات، واستنشقت على أساسها الخرطوم غبار العواصف الترابية، وربما تتوالى الأيام المقبلات وتصحبها هطول أمطار غزيرة هنا وهناك بولاية الخرطوم لغسيل ما علق من غبار، وتحيل الأجواء رشاش أو ما يعرف (بجو الفول). بدأت كالعادة وزارات الزراعة بالولايات تؤكد اكمال استعداداتها للموسم، و(تقشر) بالمساحات الكبيرة القابلة للزراعة، وحجم التمويل الذي وفرته، وغيرها من الاستعدادات الكلامية التي لا مردود لها عند نهاية الموسم، وبالطرف الآخر تصور اتحادات المزارعين الموقف بأنه غير مطمئن، وتضخم في حجم تعثر المزارعين، وأوضاعهم السيئة الى درجة التهويل؛ بالتالي يكون الحصاد إنتاج ضعيف يعيد ذات السيناريو كل عام وبنغمة واحدة. لا أدري هل بعد الضائقة (أو الزنقة) الاقتصادية التي تعيشها البلاد نسبة لخروج بترول الجنوب، وفقدان رسوم عبور البترول، وتضاعف تكاليف الحرب، يواصل التفكير في شأن الزراعة بذات العقلية والأسلوب القديم؟، وما شكل الاستحداث الذي يتم حتى تصبح الزراعة، على قائمة الموارد الأساسية التي يعتد عليها اقتصادنا؟، وكيف توظف الدولة جيوش العاطلين في الزراعة؟. ربما يجيب على هذه الأسئلة جميعها وغيرها وزير الزراعة الدكتور عبدالحليم اسماعيل المتعافي اليوم الاربعاء في مؤتمر صحفي تنظمه وزارته لهذه المهمة الصعبة، ولكن الذي أقوله هو ذات القول الذي ظللت أكرره، ولا أمل من ذلك بل أعتقد أنه الصحيح وهو الطريقة التي يمكن بها إعادة الزراعة الى مركزها الرائد في الاقتصاد الوطني، وهو مساعدة وتشجيع المزارعين التقليديين بتوفير تسويق مجزي لمنتجاتهم، بمعنى آخر على الدولة التدخل في صالح المزارعين عندما يكون لهم إنتاج كبير يفوق حاجة السوق المحلي الذي تنخفض فيه أسعار بعض المحاصيل بصورة مخيفة، الى درجه لا تقابل تكاليف إنتاجها، وبذلك تكون الدولة خسرت محصولا زراعيا، وفقدت مزارعا، وهو بالضبط ما حدث للزراعة حتى صارت بوضعها المائل هذا، وأعتقد أن الارتفاع الكبير في أسعار الذرة هذا العام قد يكون أكبر محفز للمزارعين في زيادة حجم مساحته والاهتمام به في هذا الموسم.