إليكم الطاهر ساتي [email protected] (موسس) ... وسلطات بلا أخلاق..!! ** ليلى، هي تلك الطفلة التي ولدتها الرذيلة..أوهكذا يعرفك الروائي محمد عبد الحليم عبد الله ببطلة روايته (لقيطة)، ثم يبحر بك في بحر الأحزان..وكم هي مؤلمة مواقف البحث عن الهوية التي عاشتها ليلى في مجتمع لايرحم، حسب سرد الرواية.. إجتهدت - بانسايتها - في ترويض المجتمع، بحيث يكون (أباً وأماً)، ولم تفلح..فالمجتمع كان إستنكارياً، ليس للأطراف والظروف التي جاءت بليلى الى قيد الحياة بلا هوية، بل كان يستنكر حياة ليلى ذاتها، وكأنها ليست بضحية لتلك الأطراف والأسباب..لم تحتمل ليلى دنيا الناس، وفارقتها بعد محطات من المآسي والمحن..لقيطة، رواية تُبكيك دماً ودموعاً، وتعيد تعريف الخطيئة في عقلك وقلبك بأنها ليست هي فقط تلك الفاحشة التي تلد مولوداً بلاهوية ، بل هي أيضاً كل مجتمع لايرحم ذاك المولود ..!! ** وهذا مايحدث حالياً للطفل السوداني (موسس)..لقد أخطأت السلطات الحكومية التي وزعت - لصحف الأثنين الفائت - صور وأخبار الطفل السوداني ( موسس)..هذا الطفل لم يُذنب في حق أحد، وليس من العدل أن يكون حدثاً إعلامياً، أو كما أرادت سلطات مطار الخرطوم بمظان أنها حققت إنتصاراً ونجحت في إفشال عملية إختطافه من قبل أسرة جنوبية..لا، ماهكذا الوصف، فالأسرة الجنوبية لم تخطف موسس، وهذا تضليل للرأي العام وتزييف للحقيقة.. ولقد أحسنت صحيفة الرأي العام عملا حين إستنطقت المجلس القومي لرعاية الطفولة، ليقول بالنص : (الطفل موسس لم يكن مختطفاً، ولكنه لايملك أوراق ثبوتية، ثم أن كفالة الأسرة الجنوبية له لم تكن رسمية، وهذا أسقط حقه في السفر الى الجنوب مع الأسرة، فهو لايملك أوراق ثبوتية) ..تلك الأفادة بمثابة تأكيد بأن خبر الإختطاف لم يكن صحيحاً، وأن الجهة التي بثت الخبر - وصورة الطفل - لم تكتف فقط بإشانة سمعة الأسرة الجنوبية التي ظلت تتكفل بهذا الطفل السوداني طوال السبع سنوات الفائتة، بل - بجهل - وضعت تلك الجهة تفاصيل حياة طفل مجهول الأبوين في دائرة الضوء، بلا أي تفكير في مستقبله وأثر تلك الدائرة عليه..نعم، لقد أخطأت تلك الجهة وهي توثق في الصحف حياة طفل مجهول الأبوين بالصورة والقلم، لتحقق لذاتها إنتصاراً مزيفاً..!! ** فالأسرة الجنوبية كانت بمثابة حياة لهذا الطفل، إذ أنقذته من مصير مجهول بالتبني والرعاية وهو في الأسبوع الأول من عمره، وأسمته (موسس) ووفرت له كل وسائل الحياة الكريمة حتى بلغ من العمر سبعاً، و صار فردا من أفراد هذه الأسرة، ولايعرف أسرة سواها، والدموع التي انهمرت من مقل موسس وأفراد الأسرة بمطار الخرطوم - في لحظة الفراق - تشهد بأن موسس جزء من الأسرة..وفي وضع كهذا، ليس من العدل ولا العقل بأن يسمى سفر موسس مع أسرته الى الجنوب بالإختطاف، فالأصوب هو ما قاله المجلس القومي للراية والطفولة ( كفالته غير رسمية)، واكتشاف كفالة غير رسمية ليس بحدث يستدعي (دق الطار)، أو كما فعلت تلك الجهات الملقبة بالمختصة..إذ بالمدائن والأرياف الف موسس وموسس تتكلفهم الأسر بالطريقة السودانية التي تتصدق في الخفاء وتتكفل بلا ضوضاء..!! ** ولوكانت حياة هذا الطفل ذات قيمة عند تلك السلطات التي شهرت به، لإكتشفت تلك الكفالة غير الرسمية قبل سبع سنوات، أى عندما كان في الأسبوع الأول من عمره، وليس بعد أن نشأ في كنف تلك الأسرة بمنتهى الحرية وفي هواء كسلا الطلق..لماذا لم يتم ايداعه في دور رعاية حكومية، بحيث تكون الكفالة رسمية ؟.. ومن المسؤول عن عدم الايداع ؟..وكم موسس في بحر المجهول، بحيث لايعرف هويته، وكذلك لاتعرف السلطات الأسرة التي ترعاه وتتبناه ؟، ورسمية كانت تلك الكفالة أو غير رسمية ؟..فاعتذروا لهذه الأسرة الجنوبية، وأشكروها على حسن رعايتها لهذا الطفل السوداني..لهم الله، أمثال موسس، فهم بعض ضحايا هذا الوضع البائس..فلتعالج السلطات قضاياهم بمسؤولية وحكمة.. أي بلا تشهير اعلامي يلازمهم مدى الحياة..(انتو ناس ما عندكم أخلاق ولا ضمير)، أوهكذا لسان حال كل الذين صدمتهم صحف السلطات بصور موسس وقصة ميلاده واتهام تلك الأسرة بالإختطاف..!!