عميد / عبد القادر إسماعيل [email protected] كثيراً ما يزعجني ألاّ تسمّي الأشياء بأسمائها .. و ما يزعجني أكثر بعض أبناء بلادي من المثقفين الذين امتهنوا مهناً يقتضي الفلاح فيها شفافية و حياداً و حسّاً ينير ظلمة و يرفع جهلاً و يوثق معرفة و يعدل ميزاناً .. كالصحافي مثلاً ، و أعني بمكتوبي هذا ما جاء بمقال الأخ الدكتور البوني تحت عنوان ( رد الجميل ) بتاريخ / 19 / 6 .. إذ أن الكاتب أغفل المبدأ و الأصل في الأمور و طرح فكراً يهمل الحق و يلاطف من تغوّل و طغي .. فرأيت أن أجادله في الآتي : طالما أن الخزانة الخاوية ستتفرطق علي رؤوس الجميع حسب قولك أخي البوني.. لماذا ترجوهم إرجاع بعض الأموال التي تعترف أنها منهوبة من المواطن حتي تظل الساقية مدورة .. ؟ هل تري إن أكلَ الراعي أو المسؤول أموال الناس بالباطل يوجب علينا نصحه أن يعيد جزءاً منها لتظل الساقية مدورة .. ؟ ألا تري ما أحدثته تلك الساقية المدورة بالوطن و بالمواطن .. ؟ ألم تسمع أن أرباب هذه الساقية استلموا الوطن ( حدادي مدّادي ) مليون ميلاً مربعاً فانتهجوا خبالاً و ساسوا خسّة وأضاعو نصف البلاد و العباد .. ألم يكذبوا و يتملّقوا و يتحلّقوا حول السلطان و بطانته يقتاتون مما يعف عنه الرجال و يمسحون الجوخ و يخرسون عن الحق ويخادعون الله و الذين آمنوا بالتهليل و التكبير ..؟ ألم يقتادوا القصّر و البسطاء و أنصاف المتعلمين لمقاتلة أهليهم بوعد الشهادة و الجنة و الحور العين و غسل أدمغتهم يروائح المسك و السحابة التي تظلل و القردة التي تستخرج الألغام ..؟ ألم ينتهكوا الحرمات و يجيزوا الربا و يقتلوا الشباب و الفتيات و يرملوا النساء ؟ ألم يأكلوا السحت و يتطاولوا في البنيان غير مبالين يكنزون و يربون من عنت الضعفاء و العمّات و الخالات .. ؟ ما الأمر يا البوني .. ألم تسمع بالخصخصة و المتاجرة في البنيات الأساسية للإقتصاد و قانون / 2005 / الذي خرّب مشروع الجزيرة و شرّد المزارعين و أسرهم و عقود العمل الخرافية و الغير قانونية للأفراد و الشركات و الموالين ..؟ أفسدوا أيّما إفساد و ظلموا أيّما ظلم و نسي كبيرهم و صغيرهم إذ كان لحافه جلد شاة .. و إذ نعليه من جلد البعير .. أناس خرع خنع لا خير فيهم أتاح لهم الزمن الرديئ قياد الوطن فقمعوا و حيّدوا الشرائح المستنيرة و القلّة المتعلمة و شردوا الكوادر المؤهلة و ذوي الخبرة في الإدارة و الخدمة المدنية و نواحي الإختصاص المختلفة بهيئات التعليم و الصحة و الإقتصاد و الفكر و الأدب و الإحصاء و العلوم و الطب و الزراعة و التصنيع .. الخ .. كل ذلك لأغراض التمكين و الولاء و التشبث بالسلطة .. لم يكتفوا بل ساموا الخلق أنواع العذاب من تقتيل و قهر للصغار و الطلاّب و حبس و سحل و جلد للمناضلين و الرافضين و الحرائر .. ما شبعوا و لا قنعوا بل امتدت أيديهم لمال الله في كفالة الأيتام و الحج و الذكاة و ما هو وقف لوجه الخالق .. كل مطلع شمس يلعقون سعادة بلهاء يتزلّفون السلطان و يلتحفون النعيم الأجوف .. كلما هداهم هاد أو نصحهم ناصح انشغلوا عنه و أردفوا أعجاز الكذب و السحت و الرياء و المغالاة و أكل أموال الناس بالباطل .. و كلما شار إعلامي أو صحافي أو كاتب أو عالم أو عارف أو حكيم جعلوا أصابعهم في آذانهم و ناءوا بكلكل سعيهم خسّة و تفلّتاً و مماهاة و عنجهية و صلفاً .. كتعوا في المخازي ما كفاهم و تسربلوا بالسّفه الفاقر فاه .. لا يردهم حياء و لا أصل و لا خلق كريم .. يا أخي من تود نصحهم أن يعيدوا بعض ما اختلسوا قماش من الناس .. تجاوزوا ظلم الرعية ليظلموا أنفسهم .. فاشتروا الضلالة بالهدي ليصلحوا دنياهم بفساد آخرتهم .. و لا أجد رشَداً غير ذهابهم .. هذا ما أحسبه ..و إن كان بقولي بهتان فرده عليّ أستغفر ربي !