لم تبارح المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان نقطة الحوار حول المناطق العازلة والمناطق الحدودية المتنازع عليها والاتفاق علي آلية مشتركة في التحقيق في إدعاءات كل من الدولتين بحدوث اختراقات ، فيما تشير عقارب الزمن إلي مضي أكثر من ثلثي المدة التي حددها قرار مجلس الأمن 2046 والداهي للوصول إلي اتفاق بين دولتي السودان وجنوب السودان وفق خريطة وضعهتها الآلية الرفيعة المستوي التابعة للاتحاد الأفريقي برئاسة رئيس دولة جنوب أفريقيا الأسبق ثامبو مبيكي . وعلي الرغم من أن القرار أكد علي جلوس الأطراف للتفاوض دون شروط مسبقة مشدداً علي التوصل لنقاط اتفاق في قضايا فصلها القرار وفق جدول زمني ألا أن الأطراف جاءت للتفاوض بشروطها وبرفع سقف مطالبها مما أضاع كثير من الوقت فانفضت كثير من الجلسات وعادت الوفود إلي بلادها بخفي حنين. ويتوقع المراقبون السياسيون أن تمارس الوساطة مزيد من الضغوط علي الدولتين وأن تكثف العمل في الجولة القادمة والتي ستبدأ في الخامس من الشهر الجاري ، أي قبل أقل من شهر من إنتهاء المدة التي حددها قرار مجلس الأمن للوصول لاتفاق علي القضايا العالقة بين البلدين ، وذلك عبر دعم بعض اللجان بخبراء دوليين كاللجنة الأمنية العليا وبمحاولة ترتيب لقاء رئاسي يقرب المسافات وربما يتم فيه توقيع اتفاق حول أكثر القضايا سخونة ، أو يصادقا علي الاتفاقيتين اللتين تم التوقيع عليها من قبل وهما اتفاقية ترسيم الحدود ، وحالة مواطني كل دولة في الدولة الأخري والتي تتعلق بأوضاع المواطنين في كل من الدولتين ، وذلك بالعودة الي اتفاق الحريات الأربعة والذي تم التوقيع عليه في 13مارس 2012 . ويبدو أن الاتحاد الأفريقي متفائل باحداث إختراق في الجولة القادمة معولاً علي ما وصفه في بيان أصدره مؤخراً بجدية الطرفين ورغبتهما في حسم الملفات العالقة . وأكد ذلك ثامبو مبيكي في حديث للصحفيين عقب إنتهاء الجولة السابقة فقال "إن الطرفين أبديا نضجاً وجدية في مقاربتهما للمفاوضات". ويري المراقبون أن الظروف الاقتصادية المتردية والاحتجاجت التي شهدتها البلاد مؤخراً وحاجة كل من الدولتيبن لأموال النفط ستكون واحدة من آليات الضغط عليهما ، إلا أن هنالك من يري أن الوصول لاتفاق مع دولة الجنوب ليس بالأمر السهل علي الحزب الحاكم في السودان بعدما شهدته البلاد من احتجاجات عارمة رافضة لزيادة اسعار المحروقات ومطالبة بالتغيير حيث أن المؤتمر الوطني يحتاج لمواجهة هذه الاحتجاجات لتوحيد صفوفه ولبعض المجموعات الدينية المتشدة والرافضة لاتفاق الحريات الأربعة والتي يحتاج لمساعدتها في قمع تحرك الشارع السوداني وإيقاف مسيرته المتسارعة نحو الربيع العربي . الأمر الذي تؤكده الاتصالات التي بدأها الرئيس الأثيوبي لدعوة كل من سلفاكير والبشير للحضور لأديس آبابا في موعد يتوقع أن يكون متزامناً مع جلسة المفاوضات القادمة والتي ستيدأ هذا الأسبوع.