بالمنطق منتهى الغباء..!!..حجبته الرقابة الأمنية صلاح الدين عووضة * نفس الملامح والشبه .. * وإن أردتها بالفصحى نقول: الملامح ذاتها والشبه نفسه.. * فأول ما بدأت تظاهرات الاحتجاج في تونس - مثلاً - ضد نظام ابن علي سارعت الحكومة إلى وصف المتظاهرين ب(الشرذمة المارقة!!).. * ولكن (الشرذمة!!) هذه واجهتها الحكومة ب(جيوش!!) من أفراد الأمن والجيش والعسس.. * فعلت ذلك - حكومة ابن علي - دون أن تتحسب للسؤال الاستنكاري الساخر في مواجهتها :( وهل تُقتل الذبابة ب " المرزبة؟!" ).. * ثم تطور التوصيف للتظاهرات هذه - بعد ذلك - إلى (أجندة خارجية تسعى للنيل من استقرار تونس ومقدرات شعبها!!).. * ثم تطور إلى (مؤامرة صهيونية!!).. * وخلال كل مرحلة من المراحل التوصيفية هذه كانت ( السخرية!!) هي النغمة الغالبة على الخطاب الحكومي.. * سخرية من المتظاهرين والمعارضين والمحتجين.. * ويتبارى منسوبو ابن علي - عبر أجهزة الإعلام الرسمية - في ابتداع عبارات تضج بمعاني ( الاستخفاف!!) و(التريقة!!).. * والسخرية هذه مبعثها ( انجعاص!!) الساخرين لأكثر من عشرين عاماً على كراسي الحكم.. * فهي فترة كفيلة ببث( الغرور!!) في النفوس ولسان الحال يردد مقولة:( يا تونس ما فيك إلا نحن!!).. * ثم تجيء - أخيراً - مرحلة ( الآن فهمتكم!!).. * تجيء بعد فوات الأوان.. * ويعض ابن علي بنان الندم في منفاه وهو يقول في سره :( ليتني فهمتهم في الوقت المناسب!!).. * والوقت المناسب هذا يتحاشاه - بغباء شديد - (أشباهٌ!!) لابن علي في كلٍّ من مصر وليبيا واليمن.. * وفي سوريا الآن كذلك.. * فكل الأنظمة هذه ترفض أن ( تعي الدرس!!) وهي تحذو حذو ابن علي ب(المسطرة!!) .. * إنكارٌ لوجود تذمر شعبي بادىء الأمر .. * ثم تصدٍّ للتذمر هذا بآلة القمع الأمنية.. * ثم توجيه لأصابع الاتهام نحو ( أجندات خارجية!!).. * ثم تأتي بعد ذلك مرحلة ( الآن فهمتكم!!) بعبارات مختلفة.. * ( يفهمون!!) بعد أن يصف أحدهم أفراد شعبه بأنهم ( جرذان!!).. * أو يصفهم آخر بأنهم ( عايزين يتسلوا!!).. * أو يصفهم ثالث بأنهم ( فاتهم القطار!!).. * أو يصفهم رابع - مثل بشار الآن - بأنهم ( جماعات إرهابية!!).. * والغريب في الأمر أنهم جميعهم يطلبون (الرحمة!!) في أخريات أيام أنظمتهم.. * يطلبونها من الذين لم يرحموهم هم ( أبداً!!) أثناء تظاهراتهم الاحتجاجية (المشروعة!!) ضدهم.. * ثم لم يكونوا يرحمونهم (أصلاً!!) طوال سنوات تسلطهم عليهم عبر أنظمة شمولية.. * فمنهم من تسلط لما يربو على العشرين عاماً.. * ومنهم لما يربو على الثلاثين عاماً.. * ومنهم لما يربو على الأربعين عاماً.. * وسنوات التسلط (الطويلة!!) هذه هي سبب الشعور ب(الغرور!!).. * والغرور هذا هو مبعث (السخرية!!).. * والسخرية هذه هي (وقود الثورة!!).. * أو هي أحد محفزاتها.. * فلولا كلمة (جرذان!!) - مثلاً - لما كان الإصرار على الثورة إلى حد ( قتل!!) القذافي ربما.. * إنه ( الغباء!!) الكامن وراء (الغرور!!) في أسمى معانيه .. * أو إن شئت قل : منتهى الغباء..!!!!! الجريدة