رمضان كريم .. فى الأسبوع المنصرم، تعرّضت، فى جزئية من المقال ، لقضيّة ظلّت على مدى التاريخ الإسلامي محل جدل طويل، لافتاً أنظار القرّاء الكرام لما أسميته “إستغفال " و “إستكرات " وأطلقت عليه صفة ( إستغلال ) للمنابر الدينيّة في الدعاية والبروباقاندا. وأستشهدّت بالوثيقة المًسرّبة (موجّهات خطبة الجمعة في ظل الأوضاع الراهنة) و" حديث " السيّد علي عثمان من على منبر مسجد كادوقلي، وتوجيهات غيره من قيادات الانقاذ في المساجد أو مع (الأئمّة). ((راجع مقالي " الخطاب الديني لتبرير الإنهيار الإقتصادي " )). وتشاء الصُدفة المحضة أن يتحدّث الإُستاذ عبدالمحمود أبُّو – الجمعة الفائتة – في شأن له تداخلات وتشابكات دينيّة ودنيوية وسياسيّة، من على منبر ديني ، وهو مسجد السيّد عبدالرحمن بأمدرمان . فقد أعلن الشيخ أبُّو صراحةً من موقعه الديني في هيئة شؤون الأنصار" الأمين العام “وإمام وخطيب المسجد،عدم موافقته أو على الأصح ( موافقتهم ) على أداء (شعيرة دينيّة) وهي “صلاة الغائب " في مسجد الأنصار، على أرواح شهداء نيالا، الذين إغتالتهم أسلحة الشرطة في قمعها لتظاهراتهم السلميّة. وقد أثار حديث الشيخ عبدالمحمود موجة من الجدل، وصلت حد السخط والغضب والإستياء والإحباط خاصّة بين الناشطين من فئة الشباب من الأنصار وحزب الأمّة وغيرهم في الأحزاب والكيانات المختلفة والحركات الشبابيّة (التغيير الآن) وغيرهم . الأستاذ عبدالمحمود أبُّو على المستوى الشخصي، مشهود له بالحكمة والموضوعيّة والصلابة والوقوف بشجاعة فائقة وبقوّة ومبدئيّة في مواجهة عنف الإنقاذ .وله تجارب وصولات وجولات في مصادمتها وتحمُّله لأذاها. لذا فإنّ حديثه الصريح ،من الصعب أن يُحسب أنّه قرار أو موقف شخصي وفردي لأسباب ذاتيّة متعلّقة بإيثارسلامته الشخصيّة ...إلخ .ولا بدّ من النظر للقرار بأنّه قرار أصيل من مُجمل( الهيئة) وفق تراتيبيتها المعروفة. فالأنصار لهم قيادة يقف على رأسها (إمام ) مثلما لحزب الأمّة قيادة سياسيّة و( رئيس). والتداخلات بين الديني والسياسي في الحزب والطائفة معلومة. وتاريخ ( الأحباب )،في التشابك والتداخل ما بين الديني والسياسي، به نماذج ساطعة في التاريخ القديم والحديث.ومن حقّ الأجيال الجديدة إعادة قراءة التاريخ. ولا شك أنّ الشباب عموماً، وشباب الطائفة والحزب- تحديداً- قد قرأوا توثيق أحداث (الجزيرة أبا ) ودروس( ضربة ودنوباوى ) وقصّة (طائرة )" القذُافي" التي قصفت بيت الإمام بأمدرمان، وحتّى يتم حسم الجدل ( الطويل) بين تشابك السياسي والديني والطائفي والحزبي وبين(التاكتيكي والإستراتيجي) في قرارات وخيارات حزبي الأُمّة والإتحادي وطائفتي الأنصار والختميّة، من الأفيد و"الأرجح " للشباب الثائر، البحث عن ساحات ومنابر أُخرى وملاذات آمنة ،أكثر براحاً لتقبُّل الفعل السياسي الجرىء، بدلاًعن الوقوع في فخاخ صعوبات فهم المواقف(الرماديّة) وبراثن الإحباط . ولن يعدموا الأمكنة والساحات التي يواصلون منها عمليّة النضال الشاق، لتحقيق طموحاتهم والإنتصار للشعب .. .ورمضان كريم . الميدان