إليكم الطاهر ساتي [email protected] كُرباج لآداء الواجب ..!! ** ومن لطائف دافوري الزمن الجميل، لعبنا مباراة مهمة بفرصتي الفوز أو التعادل، لنتأهل للمباراة النهائية..لحسن حظ فريقنا، غاب عبد النور - أخطر مهاجم بالفريق الخصم - عن تلك المبارة المصيرية..ومع ذلك، خرج فريقنا مهزوماً بهدفين أحرزهما مدافعنا حماد في مرمامنا، أي تجرعنا الهزيمة بسوء تقدير مدافعنا الأشتر حماد الذي أدخل كرتين - براسو المربع داك - في شباكنا ،بدلا عن إبعادهما عن الشباك..بعد المباراة بأيام، سألت المهاجم عبد النور عن سبب الغياب، فرد مطمئناً ( لاماف حاجة، كنت عندي شوية مغص)، ثم أكمل شامتاً ( لكن ما شاء الله حمادكم ماقصر، سد خانتي بشكل كويس)..وهذا تقريباً ما يحدث بين واشنطنوالخرطوم حول تأمين السفارة الأمريكية بسوبا..!! ** إذ بلغ إستخدام العنف في فض تظاهرة المتظاهرين أمام السفارة الأمريكياً لحد قتل ثلاثة مواطنين - رحمهم الله - بالدهس والرصاص، ومع ذلك تستأذن واشنطنالخرطوم لحماية سفارتها بالمارينز، والخرطوم تعتذر وترفض طلب واشنطن.. واشنطن تستجيب لرفض الخرطوم وتصرف النظر عن أمر حماية سفاراتها بجيشها..وعندما تصرف واشنطن النظر عن أمر حماية سفارتها بجيشها، بالتأكيد تفعل ذلك بلسان حال قائل : (فعلاً ماشاء الله شرطتكم تب ما قصرت، سدت خانة جيشنا بشكل كويس)، وهذا ما عكسته القوة المفرطة التي أُستخدمت ضد المتظاهرين ..قتل ثلاثة - بالدهس والرصاص - فعل لاترتكبه الشرطة الأمريكية عندما تفض تظاهرات شعبها الأعزل، ولكن يرتكبه الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان وغيرها..!! ** نعم، فالعنف الذي إستخدمته الحكومة هنا ضد شعبها لحماية السفارة الأمريكية يوم الجمعة الفائتة، يكاد أن يكون موازياً ومساوياً للعنف الذي تستخدمه أمريكا ضد شعوب العالم الثالث وجيوشها لحماية مصالحها.. ولذلك، ( ماف داعي للمارينز، ونحن بنقوم بالواجب)، أوهكذا لسان حال الخرطوم..وصدقاً (قامت الشرطة بالواجب)، وأكثر، حسب طلب الساسة.. والمريب في أمر البطش هذا، أن موقع السفارة الأمريكيةبالخرطوم لايمكن الوصول إليه (بأخوي وأخوك)، أي لايمكن بلوغ الهدف باليسر الذي سارت به المسيرة التي إستهدفت السفارتين الألمانية والبريطانية..فالسفارة الأمريكية تقع جغرافياً في إحدى ضواحي الخرطوم التي لايمكن الوصول إليها إلا بشق الأنفس و (بصات الوالي)، وذلك بعد قطع ما لايقل عن عشرين كيلومتراً من وسط الخرطوم وأطرافها ..!! ** بمعنى، إن لم يكن في الأمر إنّ، كانت بإستطاعة الحكومة إغلاق كل الطرق والمسارات التي تؤدي الى موقع السفارة الأمريكية منذ فجر الجمعة، وخاصة أن رغبة الوصول الى السفارة لم تكن مخفية..وكذلك كانت باستطاعة الحكومة - إن لم يكن في الأمر إنّ - تحديد أي مكان بالخرطوم، الساحة الخضراء على سبيل المثال، بحيث يكون سوحاً للحشد الجماهيري والتعبير عن الغضب، أو كما فعلت مراراً وتكراراً في مناسبات أوكامبو والرسوم الدينماركية وغيرها..ولكن أن تمهد الحكومة الطريق للمتظاهرين الى السفارة - بالتعمد أو باللامبالاة - ثم تداهمهم بالدهس والرصاص والغاز المسيل للدموع في عقر دار الأمريكان، فهذا أمر عجيب ويثير الشك والظنون..وقالها أحد شيوخ الطرق الصوفية لصحف السبت الفائت حائراً بمنتهى الوضوح : ( ياخ ما معقول يصدقوا لينا بالمظاهرة ويداهمونا ويضربونا بالرصاص)، والشيخ المسكين لايعلم بأن كل الأفعال اللا معقولة صارت - في نهج السلطة الحاكمة - معقولة جدا..!! ** على كل حال، ما حدث لشيوخ وشباب الطرق الصوفية بالسفارة الأمريكية يشبه - إلى حد ما - عرس الريف، مع إختلاف المشاعر والنوايا طبعا..فالعريس هناك يأتي من عالم الإغتراب ويوزع رقاع الدعوة لأصدقاء الطفولة والصبا، وبعد أن يقف بنفسه على إطعام الأصدقاء، ينظم لهم الحفل ويلهب ظهورهم ب (الكُرباج)..عريس الريف يفعل ذلك فرحاً ومنتشياً، وكذلك الأصدقاء يركزون لعريسهم طوعاً وإختياراً.. ولكن شيوخ وشباب الصوفية الذين لم يتحسبوا - ولم يتوقعوا - بأن عريسهم يخفي (كرباجاً دامياً)، تتراوح آثاره ما بين الدهس والرصاص.. ولذلك، عليهم الإستفادة من هذا الدرس المؤلم بعدم تلبية أية دعوة رسمية ما لم يتبينوا بأن العريس لايخفي كرباجاً مُراد به آداء الواجب لأمريكا أو رد الجميل لألمانيا...!! ....... نقلا عن السوداني