العائلات الأمريكية.. باي باي الخرطوم مصادر: الأمر غير متعلق بجمعة الغضب والمتظاهرون يحيطون بالسفارة الأمريكية والخارجية ترى منظر الاحتجاجات عبر الأقمار الصناعية، اتخذت الإدارة الأمريكية قرارا سريعا بتحرك قوات المشاة البحرية "مارينز" باتجاه الخرطوم لتعزيز تأمين الموظفين الأمريكيين.. كان غريبا بعض الشيء أن تتحرك تلك القوات قبل أخذ الإذن من الحكومة السودانية، فالاتصالات التي أجراها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مع النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان كانت بعد تحرك تلك القوات، فكان متوقعا أن تعتذر وزارة الخارجية وترفض طلب الإدارة الأمريكية باستقبال قوات المارينز في الخرطوم.. وبعد مرور ساعات فقط أبلغ أحد المسئولين سفينة المارينز بالعودة أدراجها وأرسلت الخارجية الأمريكية رسالة سريعة لسفارتها بضاحية سوبا بأن تغادر جميع العائلات والطواقم غير الأساسية الخرطوم في أعجل ما تيسر. تقرير: لينا يعقوب بلا شك ليست المرة الأولى التي تطلب الإدارة الأمريكية من موظفيها غير الأساسيين مغادرة الأراضي السودانية لاضطراب الأوضاع الأمنية، فهناك حوادث متفرقة في السنين الماضية جعلت بعض العائلات الأمريكية تغادر الخرطوم لمدة تقارب الثلاثة أشهر لتعود مجددا كأن شيئا لم يكن.. فالشاهد أن الأحداث التي كانت تقع لم تتعد في أقصى حالاتها أكثر من ثلاثة أيام. فمصادر مطلعة كشفت ل(السوداني) أن قرابة عشرين شخصا أمريكيا يعملون في السفارة غادروا الخرطوم. وبحسب تصنيفهم فهم غير أساسيين، بمعنى أنهم يعملون في السفارة لأنهم من ضمن عائلات الدبلوماسيين والإداريين، وهذا الأمر درجت عليه السفارات الأمريكية في كل أنحاء العالم، أنها توجد لتلك الأسر والعائلات وظائف لها داخل السفارة تسمى بالمؤقتة. أولئك الأمريكيون المغادرون قد يعودون إلى الخرطوم بعد مرور حوالي شهرين، وهي الفترة التي اعتاد المغادرون أن يقضوها خارج البلد المضيف إلى حين التأكد من استقرار الأوضاع، وتتكفل الإدارة الأمريكية بدفع تكاليف الرحلة في غالب الأحيان. ويبدو جليا أن موقف الإدارة الأمريكية بإجلاء الموظفين غير الأساسيين جاء كرد فعل لرفض الخرطوم دخول قوات المارينز، إلا أن لكل منهما وجهة نظر تؤخذ في الاعتبار. الخارجية: ما حدث بالجمعة مرفوض وزارة الخارجية استغربت طلب واشنطن باستقبال قوات "المارينز" خاصة أنها عززت الإجراءات الأمنية بحماية البعثة الأمريكية، وقد كشفت مصادر مطلعة أن الخرطوم استجابت لطلب واشنطن بزيادة تأمين السفارة قبيل ساعتين من بدء الاحتجاجات، وقد قال الناطق باسم الخارجية السفير العبيد مروح ل(السوداني) إن الحكومة السودانية جددت التزامها بأمن البعثات الدبلوماسية داخل أراضيها وأنه بالفعل جرت زيادة لعدد القوات الموجودة لحماية البعثات، وأشار إلى أن تقديرهم للأوضاع في السودان لا يعد خطيرا ولا تواجه البعثات الأجنبية أي خطورة "لأن الوضع آمن ومستقر". واعتبر أن التظاهر والتعبير بالوسائل السلمية مكفولان للمواطنين، موضحا أن التجاوزات التي حدثت أثناء الاحتجاجات يوم الجمعة، أمر مرفوض، مؤكدا قدرة السودان على حماية البعثات الدبلوماسية الموجودة في الخرطوم والتزام الدولة بحماية ضيوفها من منسوبي البعثات باعتبار أن ذلك واجب على الدولة وأنها ليست بحاجة للاستعانة بأحد لإنفاذ هذا الواجب. مصادر: الأمر لا يتعلق بجمعة الغصب إن كانت الخارجية ترى أن ما حدث يوم الجمعة جاء بمناسبة معينة ولا يعني بأي حال أن الحكومة السودانية غير قادرة على حماية البعثات الدبلوماسية فإن واشنطن ترى الموضوع من ناحية أخرى، فحسب مصادر مطلعة تحدثت ل(السوداني) فإن الإدارة الأمريكية لم تتخذ قراراها المتعلق بأمر الموظفين غير الأساسيين بالعودة إلى واشنطن لمجرد حدوث احتجاجات أمام السفارة، إلا أنها نظرت للأمر من بعد إقليمي آخر، واعتبرت أن الجماعات المتشددة دينياً لازالت تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي. ونوهت المصادر إلى التخريب الذي وقع على السفارة الألمانية رغم أنها تقع بقلب الخرطوم، واعتبرت ذلك دليلا يجعلها لا تطمئن على سلامة رعاياها، وأشارت أيضا إلى أن مقتل السفير الأمريكي بليبيا كريستوفر ستيفنز جعل واشنطن تعيد ترتيب أوراقها في منطقة الشرق الأوسط. ويبدو أن ما قالته المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند "أنه بالنظر إلى الوضع الأمني في تونسوالخرطوم أمرت الوزارة بمغادرة جميع العائلات والطواقم غير الأساسية من هذين البلدين، ووجهت في موازاة ذلك تحذيرات للمواطنين الأميركيين من السفر إليهما، لأن الوضع خطير" يتسق مع ما أشارت له المصادر. رسائل الرسائل التي أرادت واشنطن أن تبعثها للخرطوم أنها غير راضية على الإطلاق بمستوى تأمين السلطات الحكومية للسفارة الأمريكية رغم مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في احتجاجات الجمعة، وأيضا أنها لا زالت تعتبر الوضع في السودان خطيرا وغير مطمئن، الأمر الذي استدعى أن يغادر العشرات الخرطوم إلى واشنطن عبر (برلين) وهي رسائل سيكون لها ما بعدها في مسيرة علاقة البلدين التي تشهد في كل حين اضطرابا يحدث بأسباب حقيقية أو مفتعلة. وفي ذات الوقع تعتبر الرسالة تحديا أمام الخارجية السودانية بأن الحكومة قادرة على تأمين البعثات الدبلوماسية كما قال وزيرها علي كرتي، وأن لا تجعل أيا منها عرضة للتخريب والتدمير كما حدث للسفارة الألمانية.