إليكم الطاهر ساتي [email protected] قهر التربيةوتربية القهر ..!! ** زاوية البارحة، والتي عرضت قضية الطالبة رماح صلاح، غير قابلة لأي نوع من الإستغلال غير الحميد من قبل أية جماعة سياسية، إسلامية كانت أوعلمانية..كل ما في الأمر أن الطالبة رماح منقبة، ولائحة الكلية الوطنية تحظر النقاب، وهذا الحظر ينتهك الحرية الشخصية لهذه الطالبة.. بغض النظر عن أي سجال فقهي حول النقاب، وكذلك بغض النظر عن أي فكر داعم للنقاب أو رافض له، فان من حق هذه الطالبة - وغيرها - إرتداء نقابها طالما الإرتداء هذا لايعتدي على حريات الأخرين وحقوقهم، أوهكذا يجب أن ينظر أي عقل لهذا الأمر، بلا تنطع أو فلسفة..لللأسف، تنطع البعض لحد سب الكلية وشتمها ونعتها بنشر الفاحشة، وهذا النوع من رد الفعل هو المسمى شعبيا ب(الصيد في المياه العكرة)..!! ** أولئك هم الذين دأبوا على المزايدة و إستغلال قضايا الناس وإختزال تلك القضايا في أجندتهم السياسية، وتذوب القضايا في دهاليز تلك الأجندة (السلطوية)..وكذلك، كان - ولايزال - رد فعل بعض الفلاسفة فسلفة من شاكلة ( ماف نقاب في الإسلام)، و(ده هوس ديني)، و( ده جانا من الخليج)، و( أنا بحب الحجاب).. مثل هذا الرد يعكس بأن الحرية الشخصية أو حقوق المرأة كأنها محض شعار يُرفع عند (اللزوم )، وليس بقناعة راسخة في الوجدان وتكون إلتزاماً في كل (الأحوال الشخصية)..المهم، إحتراماً للحقوق والحريات، على إدارة الكلية الوطنية تعديل لائحتها بحيث تلبس الطالبة ما تشاء- نقاباً كان أو غيره - بلا فرض وصاية وكأنهن في سن ومرحلة (رياض أطفال) ..!! ** ذاك شئ، والشئ الآخر هو قهر الطلاب .. نعم، حال الطالب بالكلية الوطنية لايختلف كثيراً عن حال المجند بالجيش الألماني..فلنقرأ ما يلي على سبيل المثال : ( على الطلاب الذكور الإلتزام بإرتداء زي البنطال الأسود والقميص الأبيض، قصير الأكمام، دون خطوط، ولازوائد، ولاتطريز، والتعود على تنسيق شعر الرأس بالمشط، ويمنع إستخدام الكريمات والمثبتات بغرض التجعيد والفلفة والتلميع، وذلك حتى لاينشغل الطالب بمظهره عن دراسته وحتى لايدمن لفت الأنظار ومجارة الشواذ)، هكذا النص الذي يغرق في تفاصيل حياتهم الخاصة بحيث يلزمهم بتنسيق الشعر بالمشط ولبس (قميص نص كم) وغيره، وكأن طلاب الكلية لم يبارحوا مرحلة الأساس بعد..ليس هناك مايمنع بأن يكون لون الزي موحداً في حال موافقة الطلاب على ذلك، ولكن توحيد نوع حياكة الزي بحيث يكون الأمر لائحة من شاكلة (كم طويل لا، كم قصير نعم، مامطرز، ستة زراير، مافيها خطوط، و..و..)، هذا نوع من القهر الذي لايختلف آثاره عن آثار مراقبة (شعر الطالب) و (شكل التسريحة)..!! ** والأدهى هذا النص أيضاً : ( تحظر الألوان والعطور اللافتة)، هكذا التحذير، أي إذ إشتم أي فرد بالحرس الجامعي رائحة عطر في الطالب أو الطالبة، قد يكون هذا الشم سبباً للطرد أو التوبيخ أو الإنذار أو الغرامة، حسب اللائحة.. والمدهش إنهم يجوزون للطلاب تنظيم محاضرات ثقافية، ولكن تأمل هذا التناقض: (يمنع إستخدام مكبرات الصوت منعاً باتاً، ويمنع إقامة الحفلات الغنائية في الكلية والشوارع المحيطة بها)..ولايسمح للطالب إصدار صحف ونشرات إلا بإذن من العميد، أي يلعب العميد دور مجلس صحافتنا بحيث يرفض ويقبل ويصادر الإصدارة ..ولايجوز للطالب أن يسمح لأي شخص من طرفه بالبقاء أو المرافقه في الكلية إلا بإذن مكتوب من العميد، أي إن زارك قريب أو صديق يجب أن يبقى بالخارج لحين إحضار إذن مكتوب من العميد، وهكذا تقريباً النظام المعمول به في السجون..المهم، الزاوية لن تسع المحاذير القاهرة، وعلى الإدارة مراجعتها بحيث يشعر الطالب بما كان يشعر به عميده وأساتذته الذين تخرجوا - أسوياء - في جامعة الخرطوم وأخريات لم تكبلهم أو تقهرهم بمثل هذه اللائحة عندما كانوا طلاباً..فالتربية ليست قهراً ولا القهر بتربية، وأعلموا إن كنتم لاتعلمون بأن قهرالطالب لحد مراقبة ملبسه وشعر رأسه وضيوفه وصحفه وحركته وسكونه - ولو بحسن الظن وصدق النوايا - لايُقدم للمجتمع ( إنساناً سوياً)..!! ............ نقلا عن السوداني