[email protected] جامعة الجزيرة 30/7/2012م جاء على لسان السيد الموقر النائب الأول لرئيس الجمهورية بكادوقلى عن تأهيل مسجدها العتيق بعد إعلان الإجراءات الاقتصادية الأخيرة ما يلي: إن الأرزاق لا ينقصها ولا يزيدها انخفاض أو ارتفاع الدولار لأنها مكتوبة عند الله الذي لا تنفذ خزائنه. نقول نعم أم خزائن الله لا تنفذ. كما نعلم بأنه إن أخذ كل مخلوق من هذه الخزائن ما يكفيه ويزيد ما نقصت محتويات هذه الخزائن مثقال ذرة. أما في دنيانا هذه التي يتحكم فيها البشر على رقابنا ويفرضون علينا ماذا نأكل وماذا نشرب وماذا نلبس وكيف نفسر القرآن والأحاديث..الخ، بل يخطئون أخطاءا اقتصادية فادحة ويطلبون منا أن نتقبلها ونعتبرها ابتلاءات/ اختبارات من الله على صبرنا فهذا ما لا نقبله. عندما يصدر هذا عن الرجل الثاني في الدولة فيصبح الأمر جد محيرا!! كيف يمكن أن يصدق راع الضأن في الخلاء بأن الدولار وتغيير سعره لا يؤثر في الاقتصاد؟ أي في المعيشة، أي في الرزق!!! فهو سيبيع خرافه بالجنيه السوداني وبالدولار واليورو. أن اعتبرنا أن أسعار الأخيرين ثابتة عالميا، فبكم سيبيع بالجنيه السوداني الذي انخفضت قيمته الى النصف؟ بالتأكيد سيطلب ضعف السعر بالجنيه السوداني حتى يوحد سعر البيع. بكم سيغذى قطيعه ؟ وبكم سيرحله؟ وكم سيدفع للعاملين معه؟ وكم سيصرف بالسوداني لتغذية نفسه وعماله بالخلاء (المرعى)؟ أما سيادتكم أن كنت تشترى الشاة الواحدة (حمل) في حدود 500 جنيه فسيطلب صاحبها الآن ألف جنيه. وان كان العبد لله سيشترى كيلو الضأن بثلاثين جنيه فسأدفع الآن 50 الى 60 جنيها على حساب أشياء أخرى، أو أتنازل عن نصف الكمية، اى سأقوم بشراء نصف كيلو أو أقل من ذلك ونكمل البقية خبزا أو كسرة! هل سمعتم بنصف الربع (ثمن لحمة!!) يسمى بمدني (قدر ظروفك) وفيه يقوم الجزار بوزن ربع كيلو ويقسمه على الكفتين الى جزئين متساويين!! ربنا يزيد ويبارك. لا تنسى سيادتكم أن هذه الإجراءات قد ضاعفت أسعار الأدوية، خاصة تلك المنقذة للحياة ومنها أدوية القلب والأوردة والشرايين والضغط والكلى والسكر..الخ. كما أدت الى ارتفاع سعر الوقود الذي نستغله في الذهاب الى أعمالنا الحكومية والخاصة مع (إيقاف الترحيل) بالمؤسسات الحكومية وعدم دفع (بدل ترحيل). فكيف نصل الى أعمالنا؟ هل نذهب يوم ونترك الآخر؟ وطالب سيادته المواطنين (بألا) يربطوا حياتهم بارتفاع الأسعار أو الآثار السالبة للإجراءات الاقتصادية؟!! هل لنا خيار سيادتكم؟ نقول لسيادته: مجبر أخاك لا بطل كما يقول المثل. كيف لا أربط حياتي وحياة أسرتي بارتفاع الأسعار أو الآثار السالبة لها؟ طالما أن هنالك آثار سالبة (متوقعة ومعترف بها) فلابد من أن تنعكس على كل شئ بما في حياتنا جميعا حكام ومحكومين!!! أي أن كل من سيكون في حالة أزمة، ولابد وأن يكون قادرا على إدارة الأزمات والا ستنهار الأسرة أو نصاب بأمراض ناتجة عن الضغوط المختلفة اقتصادية واجتماعية وأسرية بما في ذلك الطلاق أو هروب الأزواج وتخليهم عن المسؤولية الأسرية وأشياء أخرى لا يليق الحديث عنها. ذكرنا سيادته بأن الصبر على القضاء والقدر( أقل) درجات الصبر. (فالأعلى درجة) هو الصبر على الطاعات، فالصبر على المعاصي، ثم الصبر على القضاء والقدر؛ و(الإشارة) لأهمية الرضا في التوازن النفسي في مثل هذه الظروف والذي يحققه الإيمان بالله والإيمان بالقضاء والقدر وكيف أن الشعوب الغربية تكاثرت على مستشفيات وعيادات الأمراض النفسية!! لا اعتراض لدينا في ما جاء أعلاه، لكن الصبر على الطاعات يكون عندما تكون القرارات صحيحة ومتفق عليها وتكون نهاية النفق المظلم واضحة ومعروفة وتقود الى الإصلاح الفعلي. القضاء والقدر لا دخل للإنسان فيه. لكن القرارات هذه تحتمل الصواب والخطأ. وهنالك إجماع في الأمة بأنها على الأقل غير مناسبة وتوقيتها خاطئ، خاصة وأن المواطن أصبح في حالة لا يحسد عليها. أما ما يحدث في الشعوب الغربية فأسابها لا علاقة لها بإجراءات اقتصادية، بل هي اجتماعية بحتة وتعتبر ضريبة للتقدم المذهل. قال أحد أوتاد النظام علينا (بالاستعانة بكثرة الاستغفار) لتجاوز الأزمة الطاحنة التي تعيشها البلاد. كما أوصنا وتد آخر بضرورة الصبر على المحنة الحالية كابتلاء من رب العالمين. وقال ثالث: فمن لا يرضى بالقضاء والقدر (ناقص العقيدة). نقول لا حول ولا قوة الا بالله. نحن نستغفر آلاف المرات كل يوم رغما عن بعدنا عن المعاصي والحمدلله، فنحن شعب مؤمن. عقيدتنا لم تكن ناقصة في يوم من الأيام ونؤمن بالقدر خيره وشره. لكن من يحلنا من أخطاء المتنفذين والمتحكمين في رقابنا. هم يخطئون ويتعلمون الحلاقة في رؤوس اليتامى، واليتامى (نحن) لا يستطيعون محاسبة المخطئ. أوافق على أن معاناة الناس لها (أسباب موضوعية) ناتجة عن سياسات خاطئة أو عن فساد، وانحراف في الأولويات وسوء في الإدارة وغير ذلك مما أودى باقتصاد السودان حيث حوله إلى اقتصاد ريعي يعتمد على النفط وعبر حماقات سياسية ضيع النفط . السيد النائب الأول نسى ما جاء عن بوابة العلم علي كرم الله وجهه قوله: عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس (شاهرا سيفه). ونسى المقولة الشهيرة لعمر ابن الخطاب (رضي الله عنه): ولينا على الناس نسد جوعتهم ونوفر حرفتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم. هذه هي قمة الديموقراطية وتوضح للجميع أن الحاكم الحقيقي هو (خادم للشعب) ليس سيدا له ينهى ويأمر ويفعل ما يبدو له ويطلب (الطاعة العمياء). أرجو أن تراجعوا أنفسكم وأسلوبكم فى الحكم. قد يكون صحيحا أن سوء الحال الاقتصادي (قضاء وقدر)، ولكن بما كسبت أيدي الناس (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)، وأن الناس لا يصلح أمرهم إلا بالرجوع عن كسبهم السيئ وتغيير ما بأنفسهم. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ). نحن كشعب لم نرتكب أخطاء تستدعى أن يعاقبنا الله في دنيانا مثل هذا العقاب. الفساد معترف به بواسطة رئيس الدولة والمنظمات الدولية. أكل الحرام وتهريب الأموال للخارج والاعتماد على الاقتصاد الطفيلي والنظرة قصيرة المدى لكل شئ مصيرها معروف، وهو ما نحن عليه الآن. لا يمكن لدولة أن تسمح للبنوك طوال 23 عاما أن تركز على القروض قصيرة المدى (مرابحات وشبيهاتها) وتتناسى متوسطة وطويلة المدى. والسبب معروف، وهو نوع رئيس من أنواع الفساد، الكسب السريع لأشخاص بعينهم. أما الآخرين فلهم السجون لعجزهم عن السداد لأسباب إدارية وتخطيطية فاشلة. الحل الوحيد لكل ما حدث طوال 23 عاما أن نراجع أنفسنا بواسطة لجنة اقتصادية محايدة أكاديمية (سودانية أو أجنبية) توضح لنا أين ومتى كان الخطأ، وكيفية علاجه وفق إطار زمني واضح ومحدد بطريقة علمية، مع مراعاة أن هذا الشعب لا يستطيع تحمل أكثر من ذلك. ثم نقوم (باستبعاد) كل من شارك فى هذه الأخطاء نهائيا، ونأتي( بأوجه جديدة) بأفكار اقتصادية حقيقية وإبداعية لتنفيذ (الخطة العلاجية)، والا فسنقع في ذات الأخطاء مرة بعد الأخرى، ونلوم القدر ونتهم الشعب إن لم يتحملها بالشرك بالله. أللهم نسألك اللطف (آمين).