.. [email protected] وفقا لتقارير لاتخلو من التعجب أو السخرية من بعض المراقبين المتتبعين لقمة الرئيسين البشير وسلفا كير ، الأخيرة في أديس ابابا ، فانها على حد تعبيرهم تستحق أن تدخل الى موسوعة ( جينيس ) لتحطيم الأرقام القياسية باعتبارها أطول القمم المتصلة بلا انقطاع في العصر الحديث اذا امتدت جلسات محادثاتهما الست على مدى أربعة أيام دون توقف الا للضرورات! فمن المتعارف أن الرؤساء عادة ما يحضرون للتوقيع بعد أن يعد الخبراء كل الصيغ القانونية و التفاصيل الفنية كاملة و يكون دور القيادات العليا محصورا في الجوانب البرتكولية للاتفاقات في شكلها النهائي ! من الواضح أن السودان بشقيه المنفصلين قد وقعا في هوة فريقين كل منهما يصلي على قبلته الخاصة ولا يسمع همهمات الآخر ، والا ما معنى أن تراوح المحادثات مكانها نحو مايزيد عن العام بعد الانفصال مع انقطاعات خفيفة لارسال التفاهم المشوش بينهما وهو يسبح مشتتا في فضاءات تباعد الرؤى وانعدام الانسجام على موجات الثقة التي لم تتوفر لديهما الا في حدها الأدني باجبار تحت ظلال عصا الضغوط الدولية ، ويتقطر لعابهما وراء جزرة تبتعد عن الطرفين كلما انزلقت عربة مشوارهما الى الحل بعيدا عن منصة توقيع وانطلاق الاتفاق الكامل الذي يغطي كافة الملفات ويسدل الستار على مسرحية مملة بطلاها يصران على الانفراد بتقرير مصير شعبيهما ولا يقران بالاخفاق و حجم المسئؤلية التاريخية وقد شطرا البلاد الى نصفين ، وبقية التصدعات فيهما تتسع شقوقها يوما بعد يوم تحت الأرجل وهما سادران في غي المصالح الذاتية ، بحثا عن ديمومة نظاميهما ، ولا يريان دمامل الفقر والعوز والفساد والدمار التي صارت جبالا على جسد الوطن المنفلق جراء حماقاتهما وعزلتهما عن محيطهما الداخلي ، فاصبحا رهينتين كالكرة تتقاذفهما أقدام الغريب ليسقطهما في مرمى أهدافه ! وهاهي قمتهما بعد طول الطلق وأنين الطاولات التي ناْت بحمل خلافتهما، تتمخض عن جنين ناقص لابد من وضعه في حاضنة المواليد الخدّج ، وهو ما يعنى بقاء الجراحات الأمنية ممتدة في طرفي الجسد لتتقيح شهورا أخرى وربما سنوات ببكتريا المماحكات طالما بقى هذان النظامان المحصوران عند زاوية المحن الاقتصادية التي دفعت بهما الى ، تقديم السنن على الفرائض في معظم جوانب اتفاقهما الجزئي ، الذي يثبت بما لايدع مجالا للشك في أن الوفود المتفاوضة من الطرفين و التي ظلت تراوح في عواصم التفاوض على ارتفاع التكلفة المعنوية والمادية ، انما يستمرأن التسويف والمطاولات دون فائدة ترجى منهما وان تواريخ عدم صلاحيتهما لتكملة المهمة قد أضحت بينة على ديباجة الواقع ، والا لما التقط منهما الرئيسان خيوط النسيج التي حاكا منها قميصا قصيرا لن يستر الا عورة النظامين الاقتصادية وفي حدود نهم اليات الحكم لا رمق المواطن الجائع والفاقد لأساسيات متطلباته كانسان أو كما يفترض ! هذا أن صدقت النوايا بعد توقيع الاتفاق الجزئي أخيرا الذي قد يتبدد وضوح تفاصيله الرقمية في غمرة الغموض ، و يظل مهددا بتربص شياطين الانتباهة وغيرهم من الذين يقبعون مادين ألسنتهم للحس سطوره طرية قبل جفاف مدادها ! جزئية الاتفاقات لن تجدي فتيلا في اطعام جائع أو ايواء لاجيء أو نازح ولن تحي قتيلا دفع دمه بريئا لا ذنب له الا لأنه وجد نفسه محكوما بين مطرقة نظام ير ى نفسه خليفة الله في الأرض ، و سندان حركة طوت طموحات انسان الجنوب على اختلاف أثنياته وعقلياته السياسية في أجندتها الضيقة ! ويظل الفتق مستعصيا على الرتق ، طالما ان الطرفين كل منهما ينظر شذرا للآخر ، وأرض السلم الوطني عند التخوم المتداخلة بشريا وطبيعا تميد وسط زلزال التجاذابت ! ولكن الى متى ؟ فذلك ما سيظل قابعا كسؤال يرهق حواس التفكير عند مواطني البلدين وهم ينتظرون خارج منظومة الزمن المجهول ، خروج ذلك الجنين من حاضنته ، ولا أحد يدرى كم سيطول الانتظار ! وكان الله في عون بلد كان أسمه السودان ، فبات منشطرا يقال لأحد رؤسائه ، الرئيس السوداني والآخر رئيس جنوب السودان ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يحميه من اتساع طاولة تفاوضهما الحالية للمزيد من الرؤساء قد يخرجون من فجوات النزاعات التي تنذر بتقسيم عظم البقية الباقية من متن ظهره المنهك ! والمؤتمر الوطني لا يزال مدلدلا رجليه متحاملا عليه بجسده المثقل بالفشل ويعلن في بجاحة المستفز أن ليل حكمه لا زال طفلا يحبو على حرير خيرات أهله ! رغم أن صوت الحقيقة قد ملّ من النواح وهو يعلن انتهاء الحفل السمج ! فيما المواطن لا يرى بالعين المجردة لضعف بنيته تحجبه كروش المنعمين وهو يمد ( قرعته ) لينعموا عليه بفتات موائدهم .. والله المستعان .. وهو من وراء القصد..