مشروع الجزيرة .. الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 5 ) حلقات توثيقية يكتبها صلاح الباشا [email protected] صلة لما إنقطع من حديث عن المعالجات التي يمكن بموجبها إتخاذ خطوات تعيد الحياة لمشروع الجزيرة وتقيله من عثراته الحالية وتعيده إلي مجد الزراعة الأول ، برغم تصفية مستحقات العاملين به والتي أتت وهي ناقصة 33 راتبا كما يقولون هم أنفسهم ، حتي أن محكمة الإستئناف بودمدني قد صدر حكمها مؤخرا ببطلان فصل العاملين بسبب أنه ليس من إختصاصات مجلس الإدارو ، وقيل أن المجلس نفسه لم يتخذ مثل هكذا قرار ، ما يستدعي الدهشة والسؤال معاً : من الذي فصلهم أصلا ، أم أنهم فصلوا أنفسهم بأنفسهم ، أم تمت تصفية مستحقاتهم تلقائيا دون فصل برغم أن نقاقابت العاملين في كل العالم منذ نشأة الإتحادات العمالية تقف دوما ضد قرارات الفصل ، إلا نقابة العاملين بمشورع الجزيرة ( فريدة عصرها ) ىوأين هم الآن أعضاء تلك النقابة ، أين هم من حالة العاملين ؟ وإلي أين وصلوا من السمتوي الإجتماعي والمادي ؟ سؤال يظل مطروحا مدي التاريخ !!! . حيث قيل أن العاملين بالمشروع قد إستلموا حينذاك مبلغ ثلاث رواتب كمكافأة بدلا عن ست وثلاثين راتب الخاصة بإلغاء الوظيفة بالدولة حسب قانون الخدمة المدنية المعروف ، وحسب ماهو معروف عند تصفية أية قطاع حكومي بشكل مفاجيء ، منعا للضرر الذي يصيب تلك الأسر التي كانت منتجة حتي لا تصاب تركيبة حيواتها الإجتماعية في مقتل مثلما حدث حاليا من حلول عشوائية الملامح لأجيال أعطت زهرات شبابها من أجل هذا الوطن ، ثم تم إخراجهم ( بقد القفة ) عبر خدعة يعتبرها الآخرون إنجازا وكان مجلس الإدارة أهم طرف فيها ، ونقابة العاملين لم تجرأ علي تبيان الأمر لأؤلئك البسطاء والناضجين معاً ، بل هم الذين أعلنوا في إحتفالات أغلاق المشروع بالحصاحيصا وعلي لسان رئيس النقابة بالغرم من وجود كل رئيس وأعضاء مجلس الإدارة ( فيلم هندي هذا ) الذين كانوا يوزعون الإبتسامات يمنة ويسرة . وسوف يسطر التاريخ الحديث كل شيء بالطبع ، فضلا علي السؤال الرباني الذي ينتظر كل من خدع السلطة المركزية بالخرطوم بشأن هذا المشروع عمداً في هذه المهزلة التي تمت لأعظم مرفق زراعي في العالم الثالث كله حيث كان يزروه كل الضيوف من رؤساء العالم في الزمان السابق نظرا لفرادته وتميزه ، بدءاً بالرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل والسادات ، وحتي شو آن لاي الصيني وأحمدو بيللو وابوبكر تفاو بليوة وهيلا سلاي وليونيد برجينيف ، حيث كنا تلاميذا صغار السن ببركات فيخرجوننا لإستقبالهم بشارع مدني – بركات وبشارع الرئاسة ببركات ونحن نحمل أعلام دولهم نلوح بها ، فخورين بزيارتهم لمشروعنا المعجزة العملاق قبل أن يهجم عليه فلاسفة الخصخصة مثل ديوك العدة . وهم أنفسهم الذين فرطوا في أعظم بنوك الشعب السوداني وشركات إتصالاته وخطوط طيرانه الوطنية ، والآن يخدعوننا بأن لديهم شركات أجنبية ستزرع الجزيرة كلها وسوف يلغون نظام الري الحالي ويردمون كل شبكة الترع والقنوات ليستبدلونها بخطوط أنابيب مثل أنابيب بالبترول ، وهذه من رابع المستحيلات ، فمن أين للأقتصاد السوداني بتوفير آلاف الكيلومترات من الأنابيب لري هذا المشروع العملاق التي تبلغ مساحة أراضيه بالجزيرة والمناقل ( 2 مليون فدان ) ، ولماذا لايتم هذا العمل ( إن وجد ) ويستمر الري بالترع الحالية وبكامل قناطرها الخيرية لحين إكتمال هذا التطور ( بعيد المنال ) . ومن الذي نشر هذه الخدعة لدي أهل المركز ، وماهي الدول التي ستمولها إن وجدت ؟ أسئلة كثيرة تبعث علي الأسي بسبب تسطيح أهل الخرطوم من أهل السلطة وغياب الحقيقة المؤلمة عنهم ، وما يغيظ أهل الجزيرة وبالطبع أهل السودان أن هؤلاء الذي خدوا السلطة المركزية قد فعلوا ذلك ( ببرود تاااااام ) .. من أيت أتي هؤلاء وكيف تثق فيهم الحكومة بمثل هذه الأريحية ؟؟ لأن كل ذلك قد حدث بسبب عنجهية الإفتخار بالبترول الذي ذهب مع الريح بعد إنفصال الجنوب ، فهل ياتري ستقوم دول كبيرة بتمويل أنابيب للري بالمشروع بدلا عن الترع والقنوات الحالية ، من أجل خاطر عيون الشعب السوداني .. فتأمل !!!!!! فكان من الممكن للحكومة الحالية إدخال التقنية الحديثة في زراعة القطن وغيره من المحاصيل المنتجة بدلا عن هذا الإستسلام الضعيف وترك الأمر للأغبياء المستهترين بمقدرات الشعب السوداني. أو ليس تطوير مشروع الجزيرة أجدي من إنشاء كباري علي فروع النيل ومن سفلتة الطرق الضيقة أصلا ، ولو لسنوات معدودة ، وإعطاء الأولوية للزراعة ، أليست الجزيرة أولي من مصانع جياد التي لم تضف شيئا واضح المعالم لإقتصاد الشعب السوداني ، فبعد أن يتم تأهيل الجزيرة ، يمكن للقطن أن يصنع عشرة مصانع مثل جياد هذا ، لأن هذا القطن قد صنع السودان الحديث كله عبر سبعين عاماً ، دعك عن مصنع صغير لم يحدث إضافة لإقتصاد السودان ، بل إنحصر أمره في تجميع سيارات كورية ، وتلك من أسهل أنواع الصناعة ، علما بأن أسعار تلك السيارة في بلادها الأصل لا تزيد عن ثلاثة آلاف دولار ، وليس إثنتي عشر ألف دولار مثلما تباع الهونداي الجيادية حالياً . أما إن عدنا إلي امر العاملين بالمشروع ، فقد أوضح لنا أهلها كل تلك المخالفات في تصفية إستحقاقات العاملين وفي تصفية أصول وممتلكات الشعب السوداني بالمشروع ، حين صرح النقابيون والخبراء بالمشروع للصحف وقتذاك وهم من قمة قيادات العمل المهني والهندسي والزراعي بالمشروع ، عبر عدة صفحات بالصحف حيث أحدثت دويا هز كل المجتمع السوداني ، وضرب القوم في مجلس الإدارة ( طناش) في دفع كل الإتهامات أو في فتح أبواب التحقيق القانوني ، وهو مايثير دهشة أهل الجزيرة وشعب السودان وجزءاً مقدرا من السلطة الحاكمة . وقد إتضح منذ بداية الإنقاذ ، حدوث بداية النهاية لمشروع الجزيرة ، برغم أن اللوم لايقع بسهولة علي مؤسسة الرئاسة الحالية بسبب أن السودان كان يحكمه أيدولوجية قابضة ( ورأسين ) حين تمركز المسطحين الأكاديميين في قيادة كل وظائف المشروع بعد أن تم إبعاد الكفاءات المهنية العريقة الجادة وغير المأدلجة عن العمل ، شأنهم شأن إبعاد الإدارات المستقلة المهنية والإدارية والحكومية بالخدمة المدنية الحيادية في غيره من مرافق الدولة كلها ، وفي غيره من مثل تلك المؤسسات الإستراتيجية التي لايجدي فيها تغول الإيديولوجية علي الهم الوطني المستقل والمهني المتخصص بجلاء تام وبشفافية عالية المقام . فإننا نري ومن معايشتنا التامة لسبل وطرائق نجاحات هذا المشروع ولسبعين عاماً للوراء حين كان يسند ظهر الإقتصاد الوطني تماماً ، وقد أنجزت عائدات القطن كل مرافق البنية التحتية والخدمية والتعليمية والصحية والثفافية والرياضية وحتي القوي الأمنية النظامية بالسودان الحديث في كافة مجالاته المعروفة ، نقول بأنه لابد من توفير المعادلات التالية التي تحتاج إلي قرارات مسؤولة بعد إجراء البحث والشوري المتأنية والمتجردة في ذات الوقت من إطار الأيديولوجية بكل ضيق مواعينها التي لم تفد النظام في شيء بقدر ما وضعت أمامه جبالاً من التعقيدات الإقتصادية التي أضرت بالزراعة والصناعة معاً حين لم ينتبهوا مطلقا لتوظيف جزء من عائدات النفط في إعادة الحياة لمشروع الجزيرة الجاهز أصلاً للتطويرإلي ذهب النفط في خبر كان ، ، ولنتذكر هنا مقولة الرئيس الأسبق جعفر نميري( الثورة تراجع ولا تتراجع ) فيالتهم راجعوا قبل فوات الأوان ، حتي أن اللجنة التي كونت برئاسة البروف عبدالله عبدالسلام وبرغم إنتمائه عقائديا للسلطة ، إلا أن تقرير لجنته كان سيحدث تحولا كبيرا في المشروع ، غير أنهم لم يعطونهم الفرصة ، فعاد الجرل إلي موقع عمله في الهيئات الدولية وقد كان أحد شباب خبراء الري بودمدني قبل أن يصبح نائبا للمدير العام لمشروع الجزيرة في بادية الإنقاذ ، ذلك أن البروف عبدالله السلام ينتمي إجتماعيا وتربية إلي قري الجزيرة ، إذن هو إبن مزارعين بالفطرة ويعرف جيدا خبايا الري بالجزيرة وكيفية وضع المعالاجات هناك ، وقد إنحاز في جهده وجهد لجنته إلي الواقع وإلي الحقيقة ، ورمي جانبا الأيدولوجية والإنتماء ، فسجل إسمه ولجنته من نور في هذا الموقف وذهب ولم يعد . وهنا لابد من إتخاذ الإجراءات الناجعة لإعادة النظر في كل خطوات الإستعجال التي أودت بالمشروع وبمستقبل سكانه البالغ تعدادهم قرابة خمسة ملايين مواطن معظمهم من قوي المجتمع السوداني الحية ، وعلي وجه السرعة من الحكومة المركزية دون خوف أو وجل أو إعتماد علي بيانات مضللة من وزارة المالية التي ظلت تقدم للسلطة أرقام المصروفات الخاصة بالمشروع من خزانة الدولة في كل عام ، دون أن ترفقها ببيانات الإيرادات التي كان يحققها المشروع حين كان يزرع ستمائة ألف فدان قطنا سنويا قبل ظهور البترول قبل تقليص الرقعة الزراعية عاما إثر عام بسبب كلفة الحرب الأهلية بالجنوب التي كان قطن الجزيرة هو الممول الأساس لها ، حتي تتم مقارنة المصروفات التشغيلية بالإيرادات التي تحققها تلك المساحات الزراعية إن تمت زراعتها وفق تحضيرات محددة معروفة في كل موسم ، ليتم إستخراج ناتج زراعة القطن ، حتي لا تصاب السلطة بمسلسل التضليل المتعمد الذي يظهر فقط المصروفات التشغيلية التي كان يتم إنفاقها علي بنود الرواتب والإدارة دون تقديم جدوي زراعة كافة المساحات قطناً خاصة وأن أسعار القطن العالمية قد إرتفعت لخمسة أضعافها عن فترة التسعينات . وقاتل الله المضللين أينما وجدوا . لأنه من الملاحظ أن لجان الخصخصة لم تقدم لشعب السودان بيانات عن كمية الإيرادات التي تأتي للبلاد من صادر القطن إن تم إستغلال كافة مساحات الجزيرة مثلما كان يحدث منذ العام 1925م وحتي العام 2000م . لأنه من المخجل أن نقول بأن المالية تصرف علي المشروع ، دون أن تقول بأنها لم تفكر في تمويل زراعة القطن لكل المساحات التي كانت تزرع لسبعين عاما خلت ، أليس هو مرض هولندا بحذافيره ؟؟؟؟ وهنا نقول ، وحتي تتمكن السلطة من توفير الحلول المنطقية لإعادة مجد الزراعة بالجزيرة لابد من إتخاذ قرار عاجل بإعفاء مجلس إدارة مشروع الجزيرة الحالي نظراً لعدم خبرته ولتكريسه فقط للقبضة السياسية التي لا يحتاجها المشروع مطلقاً وهي مضرة بالنظام أكثر من جدواها له وقد بان ضعف أدائهم المهني وتجمد أفكارهم الإقتصادية تماماً . نواصل ،،،،،