عبارة مشروع الجزيرة عبارة محببة للنفس، كيف لا والمشروع يحتل جزءاً من تاريخنا في مراحله المختلفة، وهو الزرع والضرع، من صرفيات القطن في مراحله المختلفة كانت الدراسة حتى التخرج، ومنه كانت الرياضة وكان نادي جزيرة الفيل الذي ساهمت إدارة مشروع الجزيرة في تشييد مبانيه، ومنه كانت الصحة حيث شفخانة جزيرة الفيل والمركز الصحي، وقد كان لجزيرة الفيل ممثلان في إدارة المشروع، علي السيد شرفي- ميرغني احمد خيري أطال الله عمريهما، ومشروع الجزيرة مؤسسة صقل وتدريب قيادات المجتمع المدني واتحاد المزارعين دفع في مدينة ود مدني بالشيخ ود الازيرق، وفي الجزيرة عبد الرحيم أبوسنينة وعبد الجليل حسن عبد الجليل والطيب العبيد ود بدر والشيخ الوالي وغيرهم من الآباء الذين أرسوا للعمل النقابي والاجتماعي في مجتمع الجزيرة. أسست إدارة مشروع الجزيرة بواسطة الشركة الزراعية البريطانية والتي تم تسجيلها في السودان في العهد الاستعماري وبدأت الشركة في البحث عن مناطق لزراعة القطن، فبدأت بمنطقة الزيداب في ولاية نهر النيل ولأسباب متعلقة بالتوسع في الزراعة وضيق مساحة الأرض في الزيداب، اتجهت للجزيرة حيث إن المنطقة طينية وكانت مناطق للتجارب واستمر البحث حتى اكتملت الدراسات وتم وضع خطة البنى التحتية للمشروع وفق العقلية الأوربية التي تتبنى تفاصيل الموضوع، حيث العلمية التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا أحصتها ووضعت لها التقديرات المناسبة، بحيث لا تكون هناك مفاجأة، عقلية أوربية بعيدة كل البعد عن التعميم والعشوائية وتمت الدراسة وكان عام 1925 موعداً لإعلان قيام المشروع بعد اكتمال خزان سنار وحفر الترعة الرئيسية التي تروي مساحة الجزيرة المروية وكذا القنوات الفرعية، بالإضافة لأبو عشرينات وأبو ستات وحرث الأرض للزراعة- نظام إداري مدروس وفق منهج علمي في الزراعة وفي الخدمات التي تقدم للمزارعين من مياه شرب- مدارس- شفخانات ونقاط غيار وفرق رياضية وفصول محو أمية. هذه المقدمة أردت منها التأكيد على أن المنهج العلمي والبحث الأكاديمي والتطبيق على الأرض كان بعقلية ثقافية تهتم بكل التفاصيل والمهام ولم تترك أي مسألة للاجتهاد الفردي. الفبارك والهندسة الميكانيكية تعمل وفق خطط مدروسة وإدارات مقتدرة منذ بداية وصول محصول القطن وبداية تحرك الفبارك لنظافة القطن ثم تجهيزه للنقل في شكل بالات إلى منافذ الصادر، ثم زحفت نحو المشروع الثقافات السودانية كما الزحف الصحراوي وتدخل التعيين السياسي في موقع المحافظ وعين فلان وعلان تعييناً سياسياً وتدخل التعيين السياسي في الإدارات الهندسة الزراعية والميكانيكية والري والوقاية والمبيدات ورش القطن، ودخل الفساد للمشروع بأوسع الأبواب فساد الرجال وفساد الإدارة وأهمل اتحاد المزارعين دوره وأصبح الوجه الثاني للعملة، حيث إن الوجه الأول الإدارة الفاشلة والثاني اتحاد المزارعين الفاشل والفاسد، وانحسرت المياه من الترع وتعطلت شبكة الري وبوابات المياه وضعف دور الخفير واتحاد المزارعين يجاري الإدارة الفاشلة، وتوقف التمويل والتصفيات السياسية، واتحاد المزارعين يطبل لكل محافظ عينته الحكومة ولا توجد قائمة لمؤهلات المحافظ المطلوب ولا مدير الإدارة، وعندما وضح الفشل الزراعي الذريع فكر القائمون على أمر الزراعة في الإنقاذ، في طريقة لإنقاذ المشروع وكان قانون 2005 وكان اتحاد المزارعين الحالي وكان مجلس الإدارة الذي تبرأت منه الإنقاذ أخيراً ولا أظن أننا نستطيع العودة لمشروع الإنجليز ولكن علينا أن نتبع المنهج نفسه في إعادة قراءة المشروع، وفي هذا الوقت وضع التصور لهيكل المشروع وحددت بركات على طرف مدينة ود مدني كعاصمة إدارية لمشروع الجزيرة وإلى جانبها إدارات مهمة أخرى كالمحالج، وعلى مرمى حجر كانت سكك حديد الجزيرة في قرية ود الشافعي، حيث أقيمت الورش بعد أن تم توصيل القضبان الحديدية لنقل القطن من المزارع إلى محطة مارنجان، حيث الفبارك وتم تدريب الكادر البشري من إنجليز وسودانيين وإدارات المشروع حسب الهيكل صممت بحيث تغطي كل إدارة النشاط المناط بها قمة الهيكل الإداري للمشروع، المحافظ وقد كان أول محافظ سوداني السيد مكي عباس وقد شغل المنصب بعد أن آلت الإدارة للسودان في عام 1950 ونستطيع أن نقول إن عصب الإدارة الإنجليزية ولوائح وأوامر تنظيم الإدارة ظلت كما هي في زمن المحافظ مكي عباس ومن تبعه من المحافظين في العهد الوطني، ولحسن حظ المشروع ظلت قمة الإدارة مرتبطة بالمشروع وبالنهج الذي وضعه الإنجليز المؤسسون للشركة ولم تحد الإدارة عن الخط القديم وفق كتاب (Rule and Reg ulations)، وكانت الإدارة منضبطة في مواعيد الحضور في بركات وفي الغيط وكل إدارات المشروع، وكانت ساعة الفطور في بركات التاسعة صباحاً وحتى ود الشافعي وكان المحافظ أول الحاضرين لمكتبه وكذلك مديرو الإدارات، وكانت الأبحاث الزراعية بالتشاور مع الإدارة الزراعية تضع جدول الزراعة منذ الأول من يوليو حيث زراعة الذرة وأول أغسطس زراعة القطن وبين التاريخين تزرع المحاصيل الأخرى، وقبل ذلك يكون تنظيف أبوعشرين ورفع الجداول وأبوستات، وكانت وزارة الري تضع خطتها لوصول المياه وتعد المساحات المزروعة، وقد أمنت وزارة الري انسياب المياه بإصلاح الأعطال واتخاذ كل الترتيبات الفنية ليكون مشروعاً زراعياً تديره كوادر مقتدرة ذات خبرة عالية بعيداً عن التعيينات السياسية، محافظ شاطر وإدارة مقتدرة أفضل من البحث عن أهل الولاء الذين جعلوا من المشروع حقل تجارب لهم ولأفكارهم التي أوصلت المشروع لمرحلة بيع كل مؤسسات البنية التحتية وتفريغ المشروع من الكوادر الإدارية، وأصبحت الإدارة بيد اتحاد المزارعين.