خلوها مستورة طارق عبد الهادي [email protected] تنكب الطريق في لحظة فارقة حديث خطير أدلى به وزير النفط المايوي الأسبق د. شريف التهامي لصحيفة الانتباهة بعدد الأربعاء 3/ أكتوبر 2012م ، ذكر الوزير ان الأمريكيين استدعوه الى وزارة الخارجية الأمريكية وابلغوه ان انسحاب شركة شيفرون من النفط هو بسبب تطبيق السودان وإعلانه الشريعة الإسلامية في العام 1984ميلادية، كان العبث المايوي قد بلغ قمته فلم يكن بقي لنا رجال دولة من طراز فريد حينها ، كان قد ضاع، والى اليوم، ارث ورجال الستينات في الحكم وإدارة البلاد، ذلك انه عند وقوع هذا الأمر حصروا و خيروا الناس بين أمرين إما الشريعة بتطبيقها بطوارئ المكاشفي الشهيرة بصرف النظر عن أحوال البلاد وتنوعها ومسالة التدرج و بين أمر او عهد النفط والرخاء عبر الشركات الأمريكية ، الأمر ليس كذلك و ليس خيارين فقط، بل هناك مساحة واسعة لم يتحرك فيها احد، هناك الخيار الثالث الذي ضيعوه على أهل السودان، وهو خيار إنزال القيم السمحة للدين الإسلامي وتطبيق صحيح الدين الإسلامي في المعاملات واستلهام قيم الشريعة دون الإعلان السياسي للتوجه الإسلامي على النمط الإيراني وهو أمر ثبت لاحقا ان له تبعات لا يقوى عليها السودان الفقير. كان يمكن تحديث المساجد ، التسهيل على الناس في الحج والعمرة ، مكافحة الفساد ، الشفافية في إدارة البلاد، تطبيق عقوبة حد القتل في من يَقتل او من ينهب ويقطع الطريق او يغتصب الأطفال، حد السرقة لأسباب فقهية كثيرة ولظروف كل دولة على حداها لا تطبقه دولة إسلامية واحدة اليوم، هذه هي قيم الشريعة وحدودها لمن ابتغى وجه الله، لكننا بدلا من ذلك حصلنا على النقيض، ها هم وزراء الأوقاف والحج والإرشاد يقفون أمام المحاكم كمتهمين يدفعون عن أنفسهم بالمستندات تهمة التعدي على أموال هذه الوزارات!، هذا وحده يغني عن السؤال عن بقية الحال، ان كان هناك رجال دولة في ذلك الزمان من طراز فريد لعرفوا ان أمريكا ستكون متفردة بالعالم في الربع الأخير من القرن الماضي وفي الربع الأول من القرن الواحد والعشرون، كنت يافعا اجلس أمام راديو البي بي سي في العام 1984م واستمع الى نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الأب يعلن عن إيقاف التعاون النفطي وقطع المساعدات عن السودان و ذلك »لخيبة السودان السياسية والاقتصادية« ، ما زالت هذه الكلمات ترن في أذني، من العبث تحدي الغرب المتقدم اليوم، أصبح حالنا كحال ذكر الزراف الذي تحدى قومه و راهن ودخل الغابة للحصول على قرنين تماما كبقية الوعول و لكنه عاد بلا أذنين، كسيرا حزينا، ابلغه شيوخ رهطه ان يحمد الله ان الحكاية وقفت على الأذنين ولم يفقد عضوا آخر غيرهما. حتى في الست أعوام التي تلت ذلك من 1984م وحتى 1989م لم نستطع الخروج من هذا التناقض لغياب رجال دولة ذوي أفق بعيد، ، كان النميري قد فجر التناقضات في الشخصية السودانية السمحة والمعتدلة وهاهم السودانيون يتحولون من الصوفية الى السلفية الجهادية، يحرض الشيخ عبد الحي يوسف، شفاه الله، بحرق السفارة الألمانية ويذهب للعلاج في ألمانيا!، هو لا يعلم ان مستشفياتنا تأتي من الخارج ، مصانعنا تأتي من الخارج ، قطع غيار طائراتنا تأتي من الخارج والمسلمون بكل قضيضهم هم أقلية في هذا العالم ومتخلفون تكنولوجيا لأنهم لم يدرسوا خلال السبعمائة عام الأخيرة سوى العلوم الدينية وتركوا الدنيوية، لذلك هو ذهب لألمانيا للعلاج، يذكرك بالمثل الكردفاني، يشرك للطير ويحاحي. على المسلمين التسامح والاعتدال والتمسك بحقوق الإنسان وعليهم بالعلم، تنتج دولة الإمارات اليوم ثلاث ملايين برميل نفط في اليوم، في نفس العام 1984م أي قبل ثلاثين عاما، كانت تنتج اقل من نصف هذه الكمية ولكن كانت قد وصلت للرفاهية في السلع و المولات والتعليم والعلاج لمواطنيها وأرست البنية التحتية، ورضي الناس عن حاكمهم تلك هي شريعة الشيخ زايد العظيم، قارنها بطوارئ النميري والمكاشفي، ستصاب بالحزن، نحن لم نملك في تاريخنا، والى الآن، حكيما ورجل دولة مثل الشيخ زايد.