[email protected] نبع العلم من الدين , وارتبط به , فكان العلم يبرر سلطة الدين ويقويها , ونشأت المعارف كلها من الغيبيات حتى تلك المعارف التي احتاج لها الانسان في حياته وفي اساليبه من ا جل البقاء ومقاومة الفناء , فنشأ الطب من سحر الكهان ونشأ الفلك من مخاوف العرافين من المجهول السماوي ومن عبادة الشمس والقمر والافلاك بل يرى المصريون القدماء ان أصل العلم هو " تحوت" اله الحكمة المصري الذي اخترع العلوم وميز المعرفة وهدى السبل من 18,000 سنة قبل الميلاد عندما هبط على ظهر الارض وحكمها ما يقرب من ثلاثة ألاف سنة . وكان أعظم اختراع نظم المعرفة وحفظها وطورها هو اختراع الكتابة الذي سجل به أول ما سجل تعاويذ العبادة وأسرار الكهنة ثم قوي هذا الاختراع وانتشر وأصبح ذا سطوة ملكية وكهنوتية باكتشاف لب سيقان نبات البردي الذي يسر تصنيع الورق ومعه تيسر التأليف والرغبة في الخلود . قبل ألاف السنين من بعثة النبي محمد نشأت فنون الهندسة وتقدمت العلوم الرياضية من بطون المعابد المصرية ومن الارتباط الوثيق بتلك الرحلة الى العالم الآخر فطوروا القياس لبناء الاهرامات حتى تحتفظ بموميآتهم كاملة قبل ان تستيقظ بحلول الروح فيها لمواجهة الحساب وكان الكتبة والمساحون بعد فيضان النيل لا ينقطعون عن التسجيل والقياس وحساب الارتفاع والانخفاض ولم يتوقفوا على قياس المربعات والدوائر والمكعبات بل قاسوا الاحجام كالاسطوانات والكرات واستعملوا معادلات من الدرجة الاولى وشيئا من معادلات الدرجة الثانية كما عرفوا المتواليات العددية والهندسية أما الكيمياء فعدها الكهنة من الاسرار لانها لصيقة بالموت والتحنيط ولصيقة بالأجساد والبعث ويقال ان اول كتاب وضع في الكيمياء الفه هرمس فهو عند بعضهم عالم و عند بعضهم شبيه للإله هرمس اليوناني او شبيه لتوت إله القمر ويمثل في التماثيل القديمة برأس ابيس وقد عده المصريون إلاها للحكمة والزمن ومعلم للحروف , وكان علم الفلك كالكيمياء من العلوم الخفية التي يتداولها ويتدارسها الكهنة فيما بينهم , فعرفوا حساب الزمن وقاسوا الدورة الكاملة للشمس وقسموا السنة الى فصول والفصول الى شهور والشهور الى ايام وقسموا اليوم الى ليل ونهار لكل منهما اثنتا عشرة ساعة واستخدموا الساعات الشمسية لحساب ساعات النهار معتمدين على امتداد الظل بينما استعملوا الساعات المائية او ساعات النجوم لحسابات الليل وميزوا بالرصد مواقع النجوم وحددوا الكواكب السيارة من النجوم الثوابت وانشأوا من ملاحظاتهم التقويم الذي اصبح فيما بعد اهم ما اورثوه للانسانية , وقبل ألاف السنين من مولد النبي محمد في مكة بل قبل ميلاد المسيح بعدة ألاف من السنين كان اميحتب وزير الملك زوسر في القرن الثلاثين قبل الميلاد يعتبر اقدم طبيب معروف في ذلك الوقت ولقد ظهر الطب اول ما ظهر قرينا للسحر , لان المرض نفسه كان خارقا للطبيعة لا تسببه الا القوى الخفية . وفي الوقت الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ لأتباعه القرآن المكي الذي نزل بعضه , ومازال بعضه الآخر في طيات الغيب ورهين الأحداث النبوية القادمة , كانت المعاهد الرومانية في الشام - وفي بصرى التي دخلها النبي تاجرا وسائحا في الآفاق – تدرس الهندسة ونظريات فيثاغورث وارشميدس وتدرس الطب والنحت وفن الشعر والملاحم والقانون وفلسفة افلاطون وسقراط وارسطو الذين كانوا في ذلك الوقت قد أنجزوا أعمالهم الإنسانية الكبيرة منذ مئات السنين , وأصبحوا تاريخا من تواريخ الفلسفة والتفكير . كانت مكةالمكرمة مرتبطة ومنجذبة الى الشام في ذلك الوقت في كل شيء .