تأملات التحدي الحقيقي كمال الهِدي [email protected] . بلغ الهلال والمريخ المرحلة الأصعب في بطولة الكونفدرالية. . وقد عودنا الفريقان،خاصة الهلال على الخروج في هذه المرحلة بالذات. . لهذا نتطلع هذه المرة للاستفادة من دروس الماضي والعمل بجدية واجتهاد لبلوغ المباراة النهائية على أقل تقدير. . وبعدها يأتي الحديث عن إمكانية التتويج. . أما الآن فليس مطلوباً من مدربي الفريقين سوى العمل على بلوغ المباراة النهائية. . لابد أن يتذكر غارزيتو تحديداً أن فريقه وصل لدور الأربعة في بطولتي الأندية والكونفدرالية أكثر من مرة، لكنه ظل يفشل دائماً في الوصول للجولة الأخيرة خلال السنوات الماضية. . ولا ننسى أن نحيط غارزيتو بأن الفريق سبق أن بلغ المباراة النهائية في كأس الأندية الأبطال قبل عقود مضت. . ففي عام 87 وصل الهلال للنهائي وخرج أمام الأهلي القاهري نتيجة ظلم واضح وبين من حكم مباراته المغربي لاراش. . وفي العام 92 خرج الهلال من نفس البطولة على يد الوداد المغربي كنتيجة لعدم نجاح المدرب أحمد عبد الله ولاعبيه في التعامل الجيد مع الدقائق الأخيرة من المباراة الأولى خارج الأرض؛ حيث تعرض الفريق لهدفين في زمن قاتل كانا سبباً في الخروج رغم أن المباراة النهائية لعبت بأرضنا. . هذا تاريخ بعيد يجب أن تضعه في الاعتبار يا غارزيتو وأنت تعد فريقك لهذه المرحلة الصعبة من كونفدرالية هذا العام. . وإن أردت أن تصل به لمباراة الختام، فعليك أن تجلس مع من عايشوا ظروف فريق الكرة واللاعبين خلال السنوات الفائتة. . فالإعداد البدني والفني وحده لا يكفي. . ولابد من إعداد نفسي جاد ومكثف. . لابد أن يفهم لاعبونا أن اللعب في هذه المرحلة يختلف كثيراً عن اللعب في المراحل السابقة، رغم أن المنافسين هذا العام أقل شأناً ممن التقيناهم في المرات الماضية. . ويجب أن ينتبه اللاعبون لما يمكن أن يواجهونه من صعوبات وعقبات ومشاكل لا حصر لها. . من الصعب جداً أن تواجه نادياً أفريقياً في بلده وهو على مرمى حجر من بلوغ المباراة النهائية وتتوقع منه معاملة جيدة هناك. . هذه إذاً أول الظروف الصعبة التي يجب أن يعد لها الجهاز الفني لاعبيه بصورة كافية. . الهلال ستكون ظروفه أصعب من المريخ باعتبار أنه سيلعب المباراة الحاسمة في هذه الجولة خارج ملعبه. . وذلك معناه أن الفريق عندما يسافر إلى هناك ستكون نتيجة الجولة الأولى قد حُسمت. . وبالطبع لابد أن يحقق الفريق في مباراته الأولى فوزاً مريحاً ويضمن عدم ولوج أي هدف في مرماه،وإلا تعقدت المهمة كثيراً. . لكن حتى إن فاز الهلال بفارق ثلاثة أهداف في أمدرمان، لابد من التحسب الجيد لما سوف يلاقيه اللاعبون في مباراة الرد. . وما لم يتعلم لاعبونا كيفية التعامل الهادئ والوقوف بصلابة في وجه أي محاولات لإعاقتهم عن تحقيق غايتهم، لن يطرأ أي جديد وسيخرج الفريق مجدداً. . لا شك في أن مسألة التعامل مع النهايات ليست بالأمر الهين، وهي ثقافة تنميها الأندية الكبيرة وتغرسها في دواخل لاعبيها على مدى سنوات وليس بين عشية وضحاها. . لكن يجب علينا أن نلحق ما يمكننا اللحاق به في هذا الجانب. . لا نريد لتلك الأسطوانة " تعقيد الإجراءات في المطار والتأخير المتعمد والجولة الطويلة بحافلة اللاعبين وصولاً للفندق ورداءة الفندق الذي خصص للبعثة والضغط الجماهيري خلال التمرين الأخيرة.. الخ" أن تردد على مسامعنا مجدداً فقد شبعنا منها لحد التخمة. . وقد خاضت فرقنا ومنتخباتنا تجارب أفريقية بما يكفي للتغلب على مثل هذه الأمور. . خذوها مني يا مسئولي الناديين الكبيرين منذ اللحظة، سيواجه الفريقان عند مغادرتهما لأداء المباراتين خارج الأرض كل ذلك، بل أكثر منه. . ستكون جماهير المنافسين شرسة للغاية. . وستعمد إدارتاهما لعمل كل ما من شأنه أن يضمن لهما النقاط الثلاث. . وأغلب الظن أن التحكيم سيكون قاسياً مع ناديينا. . ولا يفترض أن يتوقع لاعبونا تعاطف من حكم يُحكم لهم مباراة في أرض الخصم، خاصة في مثل هذه المرحلة الصعبة. . لذلك يجب أن يتم إعداد هؤلاء اللاعبين بالطريقة التي تمكنهم أولاً من تحيد الحكم بقدر المستطاع. . التهذيب الشديد مع حكم اللقاء والإذعان السريع لقراراته من شأنه أن يخجل أي حكم، فهو في نهاية الأمر بشر يتأثر بالتعامل الجيد. . وفي هذه الجزئية أعيد عليكم حديثاً قاله لي الكابتن مدافع المريخ السابق أحمد سالم عندما التقيته ذات مرة بإمارة عجمان وأجريت معه حواراً لصحيفة المشاهير الإلكترونية. . قال لي أحمد سالم ( بيجو ) أنه ما زال على قناعة بأن أفضل من دربه هو المرحوم منصور رمضان ( أسكنه الله فسيح جناته ). . وأوضح لي أن منصور رمضان كان يعلمهم كيفية التعامل السلس مع الحكام. . وأضاف أن منصور ( عليه رحمة الله) كان يولي مباراة هلال مريخ تحديداً اهتماماً زائداً في هذا الجانب، ويقول لهم أن الحكم يتأثر بجمهور الناديين الكبيرين ولذلك عليكم كلاعبين أن تحرجونه في كل لحظة بتصرفاتكم المهذبة والتزامكم التام بالهدوء والتركيز على اللعب النظيف وحينها لن يجد أي طريقة لأن يقسو عليكم حتى إن رغب في ذلك. . هذا الأسلوب سيكون مفيداً جداً في مباراتي الناديين الكبيرين، خاصة خارج الوطن. . لا نريد أن نرى مشاهد ( الجوز العجيب) أو القفر على أجسام المنافسين كما عودنا بعض لاعبينا، أو التذمر المتكرر في (الهينة والقاسية). . الاحتجاج على أي قرار يعتبره اللاعبون ظالماً لابد أن يتم بصورة هادئة. . يعني يا غارزيتو شوت الكورة من على خط التماس ده ما بجيب نتيجة، وعليك أن تجهز لاعبيك لأسوأ ما يمكن أن يواجهونه من الحكام. . وهذا لن يتأتى بدون مجهود ومحاضرات مستمرة لهؤلاء اللاعبين، وهو ما يفترض أن يبدأ من الآن. . ربما تهطل الأمطار أيضاً أو يتعمد البعض غمر الملاعب بالمياه ولذلك لابد من تهيئة اللاعبين لمثل هذا الظرف وإجراء تدريبين أو ثلاثة على أرضيات مبتلة. . وحتى لا نسمع حديثاً عن سوء نوعية " شيلوا أكلكم معاكم". . الأندية الكبيرة من شمال القارة تعود إداريوها على حمل كل شيء معهم، فحتى الماء الذي يكفي ليومين يمكن يحمله. . أخلص من كل ذلك إلى أن كل شيء يمكن التحسب له إن جلس المعنيون بالأمور على الأرض وخططوا للمرحلة القادمة. . فلا يكفي أن تجري التدريبات ويطلق المدربان وإداريو الناديين التصريحات عن حماس اللاعبين ورغبتهم في تحقيق الانتصارات. . فالانتصارات في مثل هذه المراحل لا تتحقق بالأماني والرغبات أو الحماس وحده. . بل تأتي كنتيجة طبيعية للعمل الجاد والتخطيط وتبني الاستراتيجيات الناجحة. . ومن يفلح في التخطيط الجيد والعمل المدروس ولا يترك شاردة ولا واردة إلا أوجد لها الحلول الناجعة هو من سيتغلب في نهاية الأمر. . وبدون ذلك سنخرج صدقوني كما خرجنا في مرات عديدة سابقة. . وكل أملي أن نستفيد من أخطاء الماضي وأن نستقي الدروس من العشوائية والتخبط الذي تعامل به القائمون على أمر منتخبنا الوطني طوال الفترة الماضية حتى يتحقق شيء في مجال يعشقه الملايين من أبناء هذا الوطن. . نريد وصول الناديين للنهائي وبعدها فلتكن الكأس من نصيب من يجتهد أكثر ويبذل الجهد ويسكب العرق داخل المستطيل الأخضر، فهذا هو التحدي الحقيقي بين الغريمين. . أما الخروج قبل ذلك فسوف يضاعف إحباط وخيبة أمل جمهور الكرة وهو أصلاً ما ناقص إحباط. . . وأخيراً أعيد السؤال " متى يستقيل ضباط اتحاد الفشل؟"