[email protected] حقاً إنبهرت وانا أقف أمام تلك المنشئات الفخمة السامقة والمصممة بتقنيات هندسية عالية فهذه على شكل طائرة وتلك على شكل سفينة وأخرى لاهذه ولا تلك ولكنها لا تقل عنهما فخامة وأناقة في التصميم وجميعها تضارع أحدث ما أنتجته تقنية البناء وتتحدى مثيلاتها في عواصم الدول الكبرى بما في ذلك مبنى البنتاغون.. وكان أكثر ما لفت إنتباهي هو وجود أطباق رادارات وأبراج إتصال عديدة تعلو أسطح هذه البنايات المهيبة... حقيقة أحسست بشيء من الفخر والزهو وأنا أشهد مثل هذا التطور الهائل في البناء وفن المعمار في وطنى الحبيب الذي أتمنى دوماً أن أفاخر به الآخرين من شعوب العالم الذين مابرح كثيرون منهم يعتقدون اننا نعيش في الغابات والأدغال .. ولكن وبقدر ما سعدت بهذا الإنجاز إلا أنني تساءلت في ذات الوقت عن سر هذا الإهتمام بإنشاء مثل هذه المباني ذات التكلفة العالية جدا ولمؤسسة عسكرية هي وزارة الدفاع فلو كانت لجهات حكومية أخري او فنادق او كانت مراكز تجارية كبري او حتى شقق للإيجار من النوع الفاخر يستأجرها رجال الأعمال القادمين من الخارج للإستثمار لما استغربت الأمر.. اما ان تكون كل هذه الأبنية لوزارة كوزارة الدفاع التي طابعها الخشونة فهذا أمر يدعو للدهشة حقاً ويدعو لمزيد من التساؤلات أولها كيف توفر كل هذا المال وكل هذا الوقت لإنجاز كل هذا ونحن في حالة حرب لا تكاد تضع أوزارها في نطاق إلا لتندلع في غيره فالحرب الطويلة في الجنوب قد إستنزفت كافة الموارد ودفع ثمنها الشعب المغلوب على أمره مالاً ودماً وقبل ان تتوقف تماماً دارت رحاها في الشرق وفي دارفور وأخيرا في جنوب كردفان والنيل الأزرق ومازالت تشتعل وتزداد ضراوة يوما بعد يوم.. أسئلة كثيرة دارت في ذهني وانا اراوغها كي أجد إجابة تساند ذلك الإحساس بالفخر وتبقي على ذلك التفاؤل الذي ملأ نفسي وكدت أن انتصر على التشاؤم الذي بدأ يتغلغل فيها ولكن هيهات ان نحلم بلحظة تفاؤل في وطن بات ملكاً لحفنة أشدّ غموضاً من مثلث برمودا... حفنة من البشر قضت على الأخضر واليابس وقتلت الطموح في النفوس وأماتت كل أمل وكل تفاؤل فيها فما كادت شمس ذلك اليوم تغيب حتى غارت طائرات إسرائيل تحيل مصنع اليرموك إلى ركام واشلاء متطائرة .. طائرات رأتها العين المجردة وأخطأتها رادارات تلك الأبراج الشاهقة ولم تتمكن من رؤيتها او كشفها وأنّى لها بذلك والطائرات المهاجمة كانت مطفأة الأنوار تماما مثل تلك التى ضربت الشاحنات وعربة البرادو والعربة الأخرى في مدينة بورتسودان وفي رابعة النهار !! .. وكما هي عادة هؤلاء فقد أسرعوا بإيجاد المبررات التي لا تقنع طفلاً من أطفالنا وهذا ديدنهم في إخفاء الحقائق ومحاولاتهم لتبرير إخفاقاتهم المتتالية وفشلهم الذريع في الحكم وصون تراب الوطن فبالأمس كانوا قد ساقوا مبررات هجوم أم درمان وإحتلال هجليج وقبلهما مصنع الشفاء وغداً يأتون بالمزيد حينما يتشظّى الوطن لخمسة دويلات . قيل ان رجلاً كاد ان يُغتصب شرفه لولا ان هب لنجدته عابر سبيل ناصره وخلصه من ذلك الموقف فكان ان لاحظ النصير عقب ذلك ان صاحبه يتأبّط سكينا في ذراعه الأيسر فسأله عن سر إحتفاظه بهذه السكين فأجاب المُعتَدَى عليه بأنه يدخرها لليوم الأسود فقال النصير وقد إمتلأ غضباً وغيظاً:"وهل هنالك يوم أشدّ قتامة وأحلك سوادا من ذلك الذي يُغتصب فيه الشرف "!!؟ أقترح على أهل هذه البنايات التي ثمنها عرق الأمة ودمها ان تحوّل إلى فنادق تدر دخلاً لخزانة الدولة وان تتم إزالة أطباق الرادارات و أبراج الإتصال المثبتة على أسطحها فربما تكون الهدف القادم لطائرات إسرائيل او صواريخ أمريكا إذا ما بقيت كمباني لوزارة الدفاع فتتوالى النكبات والخسائر ويخرج اللمبي بتبريراته التى لا تقنع سواء رهط السوء معلناً في الملأ بأن مردة من الجن قد غاروا علينا فقد إستهلك كل التبريرات ولم يتبق له غير ذلك !!