الآن... وليس الساعة القادمة !!ا سيد محمود الحاج [email protected] نحن شعب يثور بركانه ليحرقه دون خصمه.. توقده ثوان ٍ ويطفئه جزء من الثانية فطبعنا الذي جبلنا عليه يجعل كلمة لينة واحدة تنسينا ما نحن فيه فنعود وكأن شيئا ً لم يكن. ولعل الآخرين قد لمسوا هذه المأخذ فينا فتجدهم يفتعلون أحيانا وعن عمد ما يثير ثائرتنا فقط بغرض التسلية ثم سرعان ما يسكبون قطرة من ذلك الماء السحري فلا نلبث ان نهدأ ولا يلبث البركان ان يخمد. ولما كان أهل مكة أدرى بشعابها وأدرى بما فيها ومن فيها فإن مغتصبي السلطة الجاثمين على أنفاسنا اليوم ,وأكثر من تسعة ألف يوم قبله , قد وعوا أكثر من الأغراب هذه الثغرة في جدار فطرتنا فهاهم كلما تفاقمت الأمور يأتون بوعود لم يؤتَ أُكلها وبقرارات تذوي حالما جف المداد الذي كتبت به.. قالوا حين أتوا أنْ اكربوا البطون وشدّوا عليها لأمد ليس بالطويل لتعيشوا بعده نعيما ً لا يزول فنأكل من زرعنا ونشرب من ضرعنا ونلبس من ما تصنعه أيدينا فأكلنا لحمنا وعظامنا وشربنا من ضرع نظامهم الآلام صنوفاً ولبسنا من نسجهم الذل والبؤس أشكالاً وألوانا ومازلنا نأكل ونشرب ونلبس من هذه الأصناف جميعها دون ان يبين لنا فجر .. وضعوا على ظهورنا و أكتافنا ورقابنا أعباءً ً وأحمالاً تنوء بحملها الجبال فتحملناها مرغمين.. فلنتخيّل شعباً يحمل أعباء دولة ويقوم نيابة عنها بأداء أمور من صميم واجباتها..شعبا يدفع فاتورة التعليم و فاتورة الصحةو فاتورة نظافة البيئة وفاتورة الماء والكهرباء بتحمل قيمة العدادات والتجهيزات اللازمة للتوصيل وفوق ذلك يدفع من ما يتبقى له, إذا تبقى شيئ , ضرائباً وعوائداً وزكاة لمال لايملكه في الأساس .. ساقوا أبناءنا لساحات الحروب عنوة لتتناثر أشلاءهم في الأحراش ثم جاؤوا عشاءً يواسون بالأناشيد والهتاف فحبسنا عبراتنا مرغمين لنشاركهم صيحاتهم وإنشادهم لنعود عقب ذلك نبكي بقية العمر ودون ان يرانا أحد ..عشنا سنوات عجاف قضت على الأخضر واليابس ولما لاحت تباشير البترول إستبشرنا خيراً وتراصفت أوعيتنا لتمتلىء من خيره الوفير ولكن ولحسرتنا فقد تلقفت ذلك الخير قواديس شركاتهم قبل ان تطال أوعيتنا قطرة منه فقد كانوا يعلمون علم اليقين ان البترول لن يبقى في أيديهم طويلاً وبالتالي عليهم إغتنام الفرصة في توطيد أرصدة شركاتهم الخاصة فالفرص لا تصبر ولكن الشعب يمكنه ان يصبر (وراه ايه..الدنيا طايرة !؟).. فكانت الكباري وكانت الطرق التي يمنعنا الجوع والمرض وعسر الحال من عبورها او السير عليها.. فصلوا الجنوب عن سابق عزم وتصميم فعادوا يقولون أنها إرادة أهله وأن في ذلك خير وفير لنا فأذعنّا لقولهم ولكن لم يبن لهذا الخير المزعوم أثر حتى هذه اللحظة ولن يبين.. نفر ديدنهم الغموض والخداع فكلما إعترض طريقهم عائق سارعوا إلى إختلاق الأكاذيب والإشاعات والمؤامرات في محاولة لكسب تعاطف هذا الشعب الطيب البسيط الذي بوسعك أن تأكل وتمسح يديك على ثوبه ويكفيك بعد ذلك ان تبتسم في وجهه فيسارع بإزالة ما علق بثيابه بيده لا بيدك !! ... أصبح هذا الوطن العريض وكأنه ضيعة ورثوها عن آبائهم وآباء آبائهم وملك لا يخص سواهم فتنازلوا برضائهم عن جزء عزيز منه وباعوا من أراضيه ومبانيه ما باعوا وقبضوا الثمن سبائكاً من ذهب وفضة فاضت بها خزائنهم ..تلاشى كل شيء جميل فيه وتشوهت صورته الزاهية بفرشاة مدّع ٍ للرسم أسموه المتوجّه الحضاري فغدت مسخاً يجسد ذلك السوء الذي يملأ أنفسهم فأصبح أعزة أهله أذلة مشردين مقهورين يستجدون العيش على أرصفة مدن الدنيا.. فلماذا هذا الصمت ولماذا هذا الخنوع وهذا الخضوع ونحن مستودع الثورات ومأوى أعاصير الغضب.. لماذا تستأثر حفنة لا يزيد أفرادها على بضع مئات من اللصوص والقتلة والمنبوذين على بلد في حجم قارة ويستولون على كل شيء فيه..حتى الوظائف جعلوها حكراً لذويهم وأتباعهم والملايين من أهله ينظرون مرتعبين كفأر صغير تطوقه كل قطط الدنيا !!.. لماذا نظل ندفع لهم ثمن حكمهم لنا ليظلوا جاثمين على أنفاسنا بمالنا ودمائنا وهم الذين يبخلون علينا حتى بثمن الدواء !! ألا يكفينا صمت ناهز ربع قرن من الزمان !! ..ماذا ننتظر ومن ننتظر فحتى الشيطان لن يعيننا عليهم لأنه منهم وإليهم ولأنه وجد في عصرهم ما لم ولن يجده في غيره.. وبما أنّا لسنا بأنبياء فلا ننتظر أن يأتينا جند من السماء يناصرون... إذن ينبغي ان يجمعنا همّ هذا الوطن الذي بات قاب قوسين من الهاوية وضياع الهوية فلا نقف وراء حزب او أي تنظيم آخر فلا شيء أضاع ثوراتنا من قبل غير الأحزاب وسادتها الذين لا يقدرون أثمان هذه الثورات التي دائما ما يكون الشعب هو وقودها ثم سرعان ما يهبّون من فنادق العالم ليجدونها لقمة سائغة.. فأيّ إنجاز فعلوه غير التفريط في هذه الثورات ومكتسباتها !؟ هذا النظام ينهار الآن من كل جوانبه ولكنه يأبى إلا ّ ان يجر الوطن معه إلى ذلك الدرك الذي سوف يستقر فيه فيجب علينا نحن تخليصه من بين براثنه.. الآن وليس الساعة القادمة.. و أن نضم الشمل ونوحّد الصف وننسى ما دون ذلك فنضع الوطن نصب أعيننا ونطلق ذلك المارد المسجون في دواخلنا..نعم اليوم وليس غدا فالوضع لا يستحمل أكثر من ذلك وإن لم نفعل فلنترحم وقريباً جدّا على وطن لن يعوضنا الدهر بمثله!!.. وطن نظل نبكي عليه ونحن نستجدي الصدقات على طرقات مدن الدول القريبة والبعيدة !!