[email protected] حكايا ويتواصل مسلسل الذل والهوان في بلد تنوعت فيها الثقافات والعادات والاعراف , ومازالت المقل تنزف دما حارا ممزوجا بدموعالاسى, وماانفكت الاحاسيس والمشاعر تعجز عن ان تعبر عما يسيطر عليها من ظلم وجور وتعدي وانتهاك , وتستمر محاجر الامهات في بلادي تنزف انهارا جارية حزنا وكمدا على فلذات الاكباد .. شريط مفزع مر بذاكرتي ليلة الامس فحرمني لذة النوم وزاد الاسى والالم في قلبي , احداث متلاحقة وممتدة مد البصر في فيافي الحزن والشقاء جعلت ليلتي جحيما مستعرا استحالت معه الراحة وانعدم الهناء وحلت الوحشة ضيفا ثقيلا دون استئذان .. الذي يحدث في السودان الان شئ مخيف , والمصيبة انه كلما تفاءل المرء باقتراب الفرح وزوال مسببات الاذى والخوف يصلنا من الانباء ما يسرق الامل ويبدد التفاؤل ويسلب الطموح .. فمن غير المعتاد ان يمر شهرا واحدا لايحمل بين ثناياه انباء القتل والترويع والتعذيب والانتهاكات , احداث وافعال واخبار جعلت جل شباب الوطن يغادر بلا رجعة زاده الوجع وطموحه الامان وبصيص من امل . عصابات ومليشيات تتحكم وتسيطر على الوطن والمواطن كأنها ابتاعت ارض بلادي فعاثت في الفساد وبسطت الانحطاط ونشرت ما نشرت من **** الثقافات باسم الدين وهو منها براء , وامتهنت انتهاك الاعراض فلا فرقت بين ذكر وانثى ولا احترمت حرمات البيوت ولا اهتمت بكيان الجامعات وكينونتها . ماحدث بالامس من تصفية لاربعة طلاب ابرياء ذنبهم الوحيد انهم نادوا بحقوقهم وطالبوا بها اعتمادا على عهود ومواثيق موجودة سلفا في سجلات الدولة , هو امر مخزي ومخجل ويكشف ما وصلنا اليه من الهوان والضعف . الطلاب المعتدى عليهم هم من ابناء هذا الوطن ولهم نصيب في العيش في ارضه بحرية وكرامة ولا يهمنا ان كانوا من دارفور او من غيرها . ما يدعو الى الاستغراب فعلا هو موقف هذا الشعب (الصابر اكثر من اللزوم) من هذا الانتهاكات التي حدثت وما زالت وستستمر , ماذا حدث لشعب خلق الثورات وابتدعها , ما الذي اصابنا , واي لعنة حلت بنا , الظلم يمارس منذ اكثر من عشرين عاما ونحن في سباتنا نحلم ونتأمل . الشاهد ان الأمر قد تجاوز حدوده , والمقام هنا لايتوافق مع ذكر الاحداث وتتاليها , والقارئ الكريم لاشك انه ملم تماما بتفاصيل الانتهكات التي بدات في عام 89 واستمرت الى هذه اللحظة ولن تتوقف الا بسيل جارف يكنس العصابة وينظف الوطن من تبعاتها , وهذا لن يحدث الا بتضافر الجهود وتكاتف ابناء بلادي بمختلف انتماءاتهم وتنظيماتهم , والا فنحن جميعا معرضون لذات المصير الذي شرب من كأسه محمد موسى والضباط الشرفاء , او تجرعت مرارته بعدا عن الوطن صفية ونجلاء وهندوسة , او ربما انتهت حياتنا واحدا تلو الاخر لنلحق بالمقداد وعوضية وشباب نيالا وطلاب الجزيرة لهم الرحمة جميعا وحسن المقام مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا .