رأي جدل الهوية والنقاء العرقي أ.نازك عبدالحميد هلال تناولت الأستاذة/ آمال عباس موضوع بعنوان خرافة النقاء العرقي الموافق 13 نوفمبر العدد 6908 وجاء فيها الجزء الاتى الذي اعتبرته مقدمة لمقالي والنص كالآتى «على الدوام ظل الحديث والمناقشة حول هذه المسألة.. مسألة الهوية.. هل السودان عربي مسلم؟ هل هو زنجي مسيحي أم وثني؟ هل هو مزيج من العروبة الزنجية.. بين المسيحية والإسلام.. والوثنية.. ومعتقدات أخرى تقوم على الطوطم.. والكجور.. وتواصلت هذه المناقشات.. وفي بعض الحقب شكلت معارك واضحة عبر عنها الأدب في مدارس واتجاهات بعينها». وتضافرت عوامل الموقع والجغرافيا والتاريخ في تشكيل شخصية السودان وهويته المتفردة بتنوعها الاثنى والعرقي والثقافي وانتماءاتها العربية والإسلامية.. فالسودان يضم ما بين «570 595» مجموعة قبلية، تنقسم إلى «56» مجموعة عرقية لكل منها عاداتها وتقاليدها وارثها الحضاري المميز، كما أن لغالبيتها أماكن وجودها المعروفة، فسكان السودان خليط من الأجناس والألوان، فقد كان القطر بحدوده الحالية منطقة جذب لكثير من العناصر البشرية، فقد استوعب عبر مراحله التكوينية أعداداً كبيرة هاجرت إليه من مختلف الاتجاهات، فالتنوع في المجموعات العرقية يتبعه تنوع مماثل من ناحية اللغة، تتعدد أعراقه وأديانه ولغاته إلى درجة أصبح يعرف بأنه إفريقيا المصغرة لما فيها من التعدد العرقي والديني واللغوي، والمشكلات السياسية الناجمة عن التعدد العرقي تعتبر هي الأوضح في السودان، حيث يصنف الإنسان في السودان أولاً على الأساس العرقي ثم تأتى بقية التصنيفات، ففي الشمال توجد قبائل النوبيين التي تتحدث لغة خاصة وتنحدر من اصل واحد، وفى الوسط توجد القبائل العربية التي امتزجت وانصهرت مع القبائل المحلية وكونت بذلك ثقافة خاصة، وفي غرب السودان في دارفور توجد قبائل الفور التي تنحدر من عرق واحد ولها لغاتها الخاصة وثقافتها المتفردة، وفى كردفان توجد قبائل النوبة وهم أيضا يتميزون بعرق ولغة خاصة بهم. وحسب رأى الباحثين والمهتمين بموضوع الهوية، فقد أوضحوا أنها تعبر عن الكيفية التي يُعرِّف الناس بها أنفسهم على أساس العرق، الاثنية، الثقافة، اللغة، الدين ويمكن لهذا الانتماء أن يحدد ويؤثر على مساهمتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لبلادهم، فأصبحت مشكلة مثيرة للجدل والحوار بين المفكرين السودانيين، فهناك من يقول بعروبة السودان وهناك من ينادي بإفريقية السودان، ويثور الخلاف حول هذه النقطة في إطار الحديث عن الهوية السودانية، بينما يقول دعاة العروبة بضرورة تمتين علاقات السودان مع جيرانه الأفارقة. ويرى المهتمون بالهوية الإثنية أنها هوية كلية وواعية بنفسها ولها صوت، وتعطى أهمية للون البشرة واللغة والدين ومكان الإقامة، والإثنية تلصق هذه العناصر بمجموعات كلية كأنها خصائص كامنة فيها ذات تقليد تاريخي تراثي، والمكونات المركزية في وصف الهوية هي فكرة الوراثة والنسب ومنطقة الميلاد والاصول والاشتراك القربى، وأى من هذه الخصائص والمكونات يمكن استدعاؤها منفردة أو مجتمعة بوصفها دعوى مزاعم في مواقف معينة لتحقيق مكاسب محسوبة. إن مسألة الانتماء والهوية في السودان في القيم التقليدية هي مفهوم عميق بقدر ما هو حساس يعبر عنه بفخر واعتزاز، ولا يتنازل عنها إلا بالإكراه مع أنها قابلة للتغير والتبدل ببطء شديد، فصياغة وتوزيع السلطة السياسية تطرح قضايا المنافسة والصراع. وفى الانتماء يمنح الفرد في العادة شعوراً بالعزة والكرامة، فقط، عندما تطرح انتماءات وهويات مختلفة في إطار تنافسي واحد بشكل يستلزم ترتيبها، يضطر الناس في بعض الأحيان لإبراز شعور بالتأرجح تجاه انتماءاتهم وهوياتهم. ويتضح مما ذكر سابقاً أن السودان بتنوعه الإثني وتعدد هوياته وموقعه الاستراتيجي يتميز بتعدد تلك الأجناس والمجتمعات، وأنه خليط بين العروبة والزنجية، والقاسم المشترك بين الجميع هو المواطنة وحق الجميع في السودان، وعلى الإثنيات أن تقوم بإبراز عاداتها وتقاليدها حسب انتماءاتها لتلك المجموعات. الصحافة