بقلم: بدرالدين موسي المحامي [email protected] يحتفل التلفزيون القومي لجمهورية السودان في هذه الايام باليوبيل الذهبي من 1962م- 2012م وهذا هو المسمي الرسمي للدولة الا ان الحقيقة هي غير ذلك بكل تاكيد وان التلفزيون المسمي زورا وبهتانا وخداعا بالقومي لم يكن قوميا باي حال من الاحوال ولم تتجلي صفة القومية فيه ولو لحظة واحدة وما هو الا عبارة عن احدي تمظهرات واليات الدولة المركزية الاسلاموعروبية التي ظلت تقهر الهامش السوداني وشعوبه الاصيلة عبر كافة المناحي وهو ميكانيزم من ميكانيزمات الدولة المركزية الاحادية للسيطرة علي الاخريين وشرعنة العنف والقهر المادي والمعنوي الذي يمارس علي الهوامش وظل هذا التلفزيون منذ تاسيسه مكانا ومسرحا لطمس الحقائق وتزييف الوعي وتبغيش الحقائق وغسل الادمغة واعادة انتاج الاخريين داخل الحقل الثقافي الاحادي وتتمظهر تلك الاشياء في كل ما يقوم به هذا الجهاز منذ تاسيسه مرورا بكل الحقب والانظمة التي مرت وتعاقبت علي حكم الدولة السودانية بمختلف مسمياتها واشكالها انظمة عسكرية انقلابية او انظمة مدنية مشوهة وعرجاء فجلهم من ذات الاناء النتن ، ظل هذا الجهاز من خلال سياسته التحريرية للبرامج وخططه الاعلامية و خارطة برامجه وكافة ما يتعلق بالتلفزيون ما الا بوق من ابواق المركز ينطح ويغرد بما هو مرسوم ومخطط ومعد سلفا للقيام به من دور ،، طيلة تاريخه ظل يعمل علي تشويه الحقائق وتعتميم الواقع وارسال رسائل للمتلقي والمشاهد خارجيا او داخليا بان السودان ما هو الا ما يشاهدون ويرون ،، وهذه افتراءات مفارقة للواقع والحقيقة فان السودان متعدد ومتنوع ثقافيا وعرقيا ودينيا وطيلة تاريخه لم يعمل علي ابرازهذا التنوع الثر بل علي طمسه وتشويه صورته باللقطات العابرة والصور السريعة والاستعانة بالاخريين للتمثيل والتعبير عن ثقافة الاخريين (البالمبو نموذجا ) لماذا مثلا لم ياتوا بانسان جبال النوبة او دارفور او البجا او الجنوب سابقا لاداء رقصته الشعبية وعرض تراثه بنفسه بدلا عن من يتقمصون شخصيتهم ودورهم زورا انه الخداع والنفاق ،، وابتعاده الكامل ومفارقته للوجدان السوداني المتعدد فاصبح ينتمي للشرق الاوسط والمحيط العروبي اكثر من غيره ،، ببثه واستجلابه مسلسلات وبرامج لا تعبر عن واقعنا ولا تمد لارثنا الحضاري والثقافي لا من قريب ولا من بعيد تم استبعاد واقصاء كامل للمكون السوداني الخارج اطار هذه الاحادية الثقافية ،، الا القليل و من تمكن من الولوج لهذه الشاشة لا يتم ذلك الا بعد اعادة انتاجه ثقافيا وقولبته داخل هذا الحقل ومسخه حتي يصبح كائنا مشوها ،، وما اكثر النماذج من المذيعات التي تري تغييراشكالهن الكامل باستخدام الكريمات ومساحيق التجميل تشبها وتيمما بانسان المركز الكبير ورئاسة المركزية الاسلاموعروبية بالجزيرة العربية والمحيط الخليجي و المحورالشرق اوسطي و المحاولات المستمرة لاستخدام اللغة العربية الفصحي في التلفزيون لاثبات هوية التلفزيون والسودان وارتداء الازياء من الحجاب الكامل والعمامة والجلابية في رسالة كاذبة بان هذا هو الشعار والزي القومي للسودانيين،، وعند ولوج هذه العصابة المجرمة الي الحكم في 30 يونيو 1989م ساروا علي ذات المنهاج والطريق المرسوم بل طورو اليات القمع المعنوي لهذا الجهاز واستحداث ادوار جديدة له بادلجته تماشيا مع مشروعهم المزعوم والموصوم بالتوجه الحضاري فغيرو وبدلو شعاره للشعار ذات الدلالة الاسلامية ،، و تم استخدامه للتعبئة والتحريض ضد المواطنيين السودانيين الاخريين ووصفهم من خلال شاشة التلفزيون بالكفرة والخوارج والمارقين وغيرها من النعوت والاوصاف البزيئة ،، وما برامج ساحات الفداء وقطوف وغيرها الا مشاهد وادلة و براهين ساطعة علي ما نقول ،، التلفزيون الذي يحرض للقتل والفتنة وضرب النسيج الاجتماعي وتقسيم مواطنيين البلد الواحد غير جدير بالبقاء والاستمرارية ،، والتلفزيون الذي ينتحل ويسرق الاسم القومي للسودانيين ويمرر عبره اجندة احادية لا تمثل كل السودانيين فعملية اجتثاثه وتطهيره واجب وطني وضرورة تمليه الضمير الوطني والانساني فان التغيير قادم لا محالة وسنعيد صياغة كل هذا الزييف والغش ،، وعلي الكل ان يعلم بان زمن الاستهبال والاستغفال قد ولي دون رجعة ،، وقد ادركنا الحقائق كما هي وما عاد الكذب مجديا وننتهز هذه السانحة ان نقول بالصوت العالي ما نحتاجه اليوم وغدا والي الابد فيدرالية اعلامية وانشاء تلفزيونات اقليمية قوية تعبر عن تراث وارث الاقاليم السودانية المتعددة والمتنوعة ثقافيا فنظرية السيطرة الاحادية المركزية عبر الاعلام المركزي التوجه قد فشلت ،، وما عادت مجدية مع الانفتاح الالكتروني وسهولة تدوال المعلومات ونشرها عبر المواقع الاسفيرية والفضاء الالكتروني الافتراضي فساعة الخلاص قد حانت والنصر لقريب ..