الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبال النوبة والفونج ودارفور ... قضايا أرض وهوية – (8-9)
نشر في الراكوبة يوم 20 - 07 - 2012


قراءة ثانية لأزمة المناطق المهمشة فى السودان :
جبال النوبة والفونج ودارفور ... قضايا أرض وهوية – (8-9)
عادل إبراهيم شالوكا
[email protected]
الهوية السودانية .. سؤالٌ ذو إجابة خاطئة :-
تعتبر مسألة الهوية فى السودان, هى القضية المحورية فى صراع الهامش ضد المركز, لكون الأمر يتعلق ب"شعور جمعى" إزاء الآخر يختلط ب"الشعور بالذات الجمعية", وهى قضية قديمة متجددة تعود بجزورها كما ذكرنا سابقاً - إلى عصر مؤسسة الرق فى السودان, تلك الحقبة التى خلَّفت وراءها غُبن ومرارات للبعض و (رأس مال رمزى – Symbolic Capital) للآخرين ليتميَّزوا به على غيرهم من الشعوب التى مُورست تجاهها هذه الممارسة البغيضة غير الإنسانية, ونتيجة للمحاولات المستمرة للنُخب الشمالية للهروب من حقائق الواقع فى السودان والبحث عن هوية وهمية غير موجودة إلا فى مخيلتهم لكونهم يتنكرون لهوية حقيقية ظلوا يزدرون منها بإستمرار تحت تأثير ذاكرتهم الجمعية للتاريخ, وظلُّوا يقفزون بإستمرار فوق الحقائق ويربطون هوية الدولة – مستفيدين من سيطرتهم التاريخية على السلطة - بمركز العروبة فى ما يسمى ب(الوطن العربى) دون أن يكونوا (عرب) كما يتوهمون, وعبر وساطات وضغوط كثيفة تم قبول عضويتهم فى الجامعة العربية رغم عدم إقتناع العرب بذلك فجاءت موافقتهم على مضض, وهذا ما يبرر سلوكهم المريض كونهم يحاولون أحياناً أن يكونوا (عُرباناً) أكثر من العرب أنفسهم كما تحدثنا سابقاً, وذلك بتبنيهم لقضايا العرب أكثر من قضايا أفريقيا بما فى ذلك قضايا المناطق المهمشة والمرتبطة ثقافياً وإثنياً بالقارة السمراء ولا يربطها بالعالم العربى سوى اللغة وربما الأسلاف بالنسبة لبعض القبائل المحسوبة على أهل الجزيرة العربية حسب الهجرات التاريخية, فهذه المواقف تعكس الأزمة النفسية التى يعيشونها, وبالتالى فإن العروبة لا تعدو كونها حالة ذهنية لديهم, وتاريخياً عندما إنحازت مشاعر بعض القوميات من الهجين (المُستعرب) و إتجه هواها شمالاً, نجد إن قوميات أخري و أغلبهم من الزنج أو الهجين (المتأزنج) قد إختاروا التصادم كلغة في تعاملهم مع القادمين إلينا من الشمال, و الشاهد علي ذلك أن أغلب المكوِّنات ذات الأصول العربية رفضت أو تأخرت في الإلتحاق بالثورة المهدية التي وقفت في وجه الإستعمار (البريطانى / التركى) المتقدم من الجارة الشمالية (مصر) عام 1898م بل وقفوا مع هذا الغزو وساندوه بشتى الطرق, الأمر الذى جعل زعيم الدولة المهدية الخليفة عبد الله تورشين يلجأ إلي غرب السودان حيث تتوافر كثافة للعنصر الزنجي طلباً للنصرة والغوث, أما الشاهد الثاني فإن الصف الأول من قادة حركة عام 1924م ما يُعرف (بحركة اللواء الأبيض) التي إندلعت في وجه المستعمر البريطاني كانوا من ذوي الأصول الزنجية (علي عبد اللطيف و عبد الفضيل الماظ وغيرهم) بالإضافة إلى قيام العديد من الثورات وحركات المقاومة ضد الإستعمار فى مناطق مُتفرقة فى جنوب وغرب السودان, ومن هنا يتضح جلياً تضارب و تناقض المشاعر الوطنية المشتركة لمكونات المجتمع السوداني المختلفة تجاه مصير و قضايا الوطن الكبرى منذ أمد بعيد, وهذه الحقائق تكشف أيضاً وقوف المُكوِّن (الزنجى) فى السودان ضد كل ما قادم من الشمال (المُستعمر) بإستمرار.
من ضمن العوامل التي تُسبب أزمة الهوية في أية جماعة، عامل مهم ينطبق على السوداني الشمالي, هو التناقض بين تصور الشماليين لذواتهم، وتصورات الآخرين لهم, فالشماليون يفكرون في أنفسهم كعرب، ولكن العرب الآخرين لهم رأي آخر، فتجربة الشماليين في العالم العربي، وخاصة في الخليج، أثبتت لهم بما لا يدع مجالاً للشك، أن العرب لا يعتبرونهم عرباً حقاً، بل يعتبرونهم "عبيداً", وقد تعرَّض كل شمالي تقريباً للتجربة المريرة بمخاطبته ك"عبد", يُمثل عرب الشرق الأوسط، وخاصة عرب الجزيرة العربية، والهلال الخصيب، لُباب الهوية العربية التي يطمح الشماليين للانتماء إليها, فهؤلاء "العرب الأصلاء الأقحاح" يحتلون مركز هذه الهوية، ويتمتعون بصلاحيات إضفاء الشرعية أو سحبها من إدعاءات الهامش (السودان /الصومال/ جيبوتى/ موريتانيا), ويُمثل الشماليون، الدائرة الخارجية من الهوية العربية، ويحتلون الهامش ويتطلعون إلى إدنائهم للمركز، كعلامة من علامات الإعتراف, سحب الإعتراف عن أية مجموعة من قبل الأخريات، وخاصة إذا كانت هذه الأخريات يُمثلن مركز الهوية، يمكن أن يلحق أثراً مؤذياً بهذه المجموعة (الباقر عفيف - 1999م).
ويقول تشارلس تيلور : (يمكن أن يُلحق بالشخص أو مجموعة من الناس، أذى وتشويه حقيقي، إذا عكس لهم المجتمع الذي حولهم، صورة عن أنفسهم، تنطوي على الحصر والحط من الكرامة والإحتقار), وقد كان المركز أبعد ما يكون عن الاعتراف بالشماليين عندما سماهم "عبيداً"، وأبقاهم بالتالي،إذا استخدمنا مصطلح تيلور، "على مستوى أدنى من الوجود ".
آثار الهوية الهامشية على نفسية الشخصية الشمالية:
ويقول د / الباقر عفيف (متاهة قوم سود .. ذوو ثقافة بيضاء) فى وصف آثار الهوية الهامشية على نفسية الشماليين :
( لا أشك إن هذا الموقع الدون، كانت له آثاره على نفسية الفرد الشمالي، فعندما أفاق هذا الفرد، على إن الخصائص المعيارية، المثالية، لهذه الهوية، هي البشرة البيضاء، والشعر الناعم المرسل، والأنف الأقني المستقيم، وجد أنه يفتقر إلى بعض هذه الخصائص والصفات، وإستشعر الحاجة للحصول عليها أو التعويض عنها، فصار مفهوماً أن اللون كلما مال إلى البياض، كلما صار الشخص أقرب إلي المركز، وكلما صار إدعاؤه بالإنتماء العربي أكثر مشروعية, وعندما تتعثر الإستجابة لشرط اللون، كما هو بالنسبة لأغلب الشماليين، يحاول الفرد أن يجد ملاذاً أو مخرجاً في الشَعْر، للبرهان على أصله العربي؛ فكلما كان الشَعْر ناعماً، كلما كان الشخص أقرب إلى المركز . وعندما يفشل المرء في امتحان الشَعْر هو الأخر، يحاول أن يجد ملاذه الأخير في شكل الأنف، وكلما كانت قريبة من المعايير العربية للأنف، كلما كان ذلك أفضل، إذ إنها، على الأقل ستكون شاهداً على أصل غير زنجي) – إنتهى.
وجوهر قضية الهوية فى السودان يكمُن في دورها في تشكيل عدم المساواة الهيكلية (Structural Inequality) بين مكونات المجتمع, وبالتالى فإن إشكال الهوية في السودان يتلخص في أن هناك جماعة من الجماعات ألبست الدولة هويتها "المُفترضة" الخاصة، وظلت تفرضها علي الكل, أي تم إختزال هوية الدولة في هوية هذه الجماعة وفي نفس الوقت تعميم هوية هذه الجماعة على الدولة عبر (جدلية الإختزال والتعميم), وتعتبر (جدلية الإختزال والتعميم ) هي مرتكز إشكال الهوية في السودان حيث أنه بعد أن تم إختزال هوية الدولة في الجماعة المُسيطرة (Dominant) وتم تعميمها علي الجماعات الأخري المًسيطر عليها (Subordinate) وذلك عبر الإختزال (الأثنو- ثقافي) (Ethno-cultural) وهو الذي أدي إلي خلق نظام الإمتيازات المعهود في الدولة السودانية, وأصبحت هناك ثقافة سائدة أدت الي وجود أيديولوجيا سائدة تسعى لتبرير, والمحافظة على هذه الإمتيازات ( د/ أبكر آدم إسماعيل 1997م).
إقصاء ثقافى (Cultural Exclusion) :-
ويمكن إرجاع أزمة الهوية فى السودان إلى عهد ما بعد خروج الإنجليز لأن النخب الشمالية الحاكمة على مر تاريخ السودان قدمت الإجابة الخاطئة لسؤال الهوية .. من نحن ؟ .. فكانت النزعة المستمرة للنُخب الحاكمة تجاه (العروبة والإسلام – الآيديولوجيا الإسلاموعروبية), وقد جاء خطاب البشير فى القضارف مؤكداً لمقررات أول إجتماع إستراتيجى عُقد بعد ما يسمى بثورة الإنقاذ الوطنى عام 1989م كان ذلك فى بداية التسعينات حيث جاء فى هذه المقررات - إن الثورة قد حَسمت مسألة الهوية فى السودان (الإسلاموعروبية) وهو نفس الشىء الذى أكدته النُخب الشمالية بعد خروج البريطانيون مباشرة عام 1956م, الأمر الذى أثار حفيظة القوميات التى لا تنتمى إلى المجموعات الثقافية العربية إلى يومنا هذا, وظل هذا الأمر حاضراً بقوة فى أجندة الهامش وبإستمرار ولا يخلو منفستو جميع الحركات التى حملت السلاح من قبل والتى تحمل السلاح الآن من مسألة الهوية كأحد أسباب الصراع فى السودان وكقضية يجب مخاطبتها وحلها للوصول إلى سلام عادل وشامل بموجبه تتم إعادة هيكلة الدولة وبناء الأمة, وعندما لم تعالج هذه المشكلة بصورة جذرية فى إتفاقية السلام الشامل ذهب الجنوب وترك خريطة السودان مشَّوهة وقابلة للتشَوُه أكثر, وهو الشىء الذى يمكن أن يحدث فى جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور إذا لم تستفيد النُخب الشمالية من درس الجنوب وواصلت دعمها لعمر البشير وحكومته العنصرية وأصبحوا هم أنفسهم عنصريون.
يقول الدكتور / محمد سليمان محمد (السودان : حروب الموارد والهوية) :-
(يأتى معظم أفراد الصفوة الشمالية المُسيطرة على الدولة والسوق من رجال المجموعات العربية و(المستعربة) المسلمة المستقرة وسط السودان على ضفاف النيل (شايقية, دناقلة, جعليين, نوبيين. ... ألخ) ولإحكام سيطرتها الإقتصادية والسياسية سعت هذه الصفوة إلى فرض هويتها العربية – الإسلامية على بقية أهل السودان : الإسلاموعروبية هى آيديولوجية مؤسسة الجلابة ونشرها جزء لا يتجزأ من عملية الهيمنة على البلاد, مواردها وأهلها . هذه الآيديولوجيا تبرر معاملة غير (العرب) وغير المسلمين كمواطنين من الدرجة الثانية, وتبيح للصفوة من مؤسسة الجلابة إستلاب أرضهم ومواردهم بما عليها, وتبرر (حق) هذه الصفوة فى إستغلال قدرة عملهم بأثمان بخسة . إن الهجمتين, على الموارد والهوية وسيلتان للهيمنة التامة على كل السودان موارداً وبشراً) – إنتهى .
قضايا الهوية فى إتفاق نيفاشا :-
وكانت الحركة الشعبية لتحرير السودان قد حاولت أن تخاطب قضية الهوية والدين والدولة فى إتفاقية السلام الشامل الموقع مع حكومة جمهورية السودان فى نيفاشا عام 2005 , غير إن تعنت المؤتمر الوطنى وتمسكه بمواقفه المتصلبة جعل حق تقرير المصير كموقف للتفاض يقفز إلى السطح ويحتل موقعاً متقدماً فى البنود التى تم توقيعها بين الطرفين, وكانت حصيلة المناقشات والبنود التى تم توقيعها فى المسألة الثقافية على النحو التالى :
الفصل الأول : بروتوكول ميشاكوس - المبادىء العامة :-
1-4 : الدين والعادات والتقاليد هى مصدر القوة المعنوية والإلهام بالنسبة للشعب السودانى .
1-5-1 : إقامة نظام ديمقراطى للحكم يأخذ فى الحسبان التنوع الثقافى والعرقى والدينى والجنس واللغة والمساواة بين الجنسين لدى الشعب السودانى .
6-2 : حرية العقيدة والعبادة والضمير لإتباع جميع الديانات أو المعتقدات أو العادات ولا يتم التمييز ضد أى شخص على هذه الأسس .
الفصل الثانى : إقتسام السلطة :
1-6-2-13 : الحق فى الحماية من التمييز : يحظر القانون أى شكل من أشكال التمييز ويكفل للجميع الحماية المتساوية والفعلية من التمييز بسبب العرق واللون والجنس واللغة والدين والآراء السياسية أو غيرها والأصل الوطنى أو الإجتماعى والملكية والنسب أو أى صفات أخرى .
2-8 : اللغات :
2-8-1 : تعتبر جميع اللغات لغات قومية يجب إحترامها وتنميتها وتعزيزها .
قضايا الهوية فى إتفاق أبوجا – 2006م :-
تم مخاطبة قضايا الهوية والقضايا الثقافية عموماً فى إتفاق أبوجا فى البنود : (3 / 14 / 28- و) :-
3. تعتبر الديانات والإعتقادات والتقاليد والعادات مصدرًا لقوةٍ معنويةٍ والهامٍ للشعب السوداني.
14. يعتبر التنوع الثقافي والإجتماعي لشعب السودان أساسا للتماسك القومي ينبغي تعزيزه وتنميته.
28- و : توفر الدولة فرص الوصول إلى التعليم دون تمييز على أساس الدين، الجنس، العرق، نوع الجنسين أو العجز، وكذا الاستفادة من مجانية الرعاية الصحية الأولية ومجانية التعليم الإبتدائي الإجباري.
وتعكس هذه البنود التى تم توقيعها سوى كان فى إتفاق نيفاشا أو أبوجا مدى إستماتة المؤتمر الوطنى ودفاعه عن ركائز مشروعه الحضارى الذى يرتكز بصورة أساسية على الأحادية وإقصاء الآخر الثقافى, وقد تخيَّل لهم إنه بفصل الجنوب سيخلو لهم العرش لفرض رؤاهم المريضة وبالتالى السيطرة على ما تبقى من عناصر (مشوِّهة للنسيج الإجتماعى) والدولة الرسالية, وهذا ما يبرر سلوك بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة فى السودان بعد الإنفصال ومحاولة فرض وتمرير دستور إسلامى لحكم البلاد, ولا زال عمر البشير إلى يومنا هذا يتحدث عن الدستور الإسلامى وعزمه على إصدار دستور دائم للبلاد بمشاركة القوى السياسية تكون مرجعيته الشريعة الإسلامية, لتكون هوية الدولة هى (دولة إسلامية - عروبة).
ترميز تضليلى (كراسى بدون سلطة) :-
يُشكِّل الجلابة - والطبقة المتعلمة وضباط الجيش – ما يطلق عليه الباحث البريطانى : أليكس دى وال المجموعات المسودنة التى تشترك فى تشكيلة عنقودية ذات ملامح مشتركة كاللغة (العربية) والدين (الإسلام) والترميز الثقافى المشترك الذى هو هجين من القيم الثقافية لسكان ضفاف وادى النيل الأوسط وفى شمال البلاد – النُخبة المُسيطرة على الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية فى السودان - فهم يسيطرون بلا منازع على الوظائف القيادية فى الخدمة المدنية وأغلبية المقاعد فى كل الهيئات التشريعية والدستورية القومية وقيادة الجيش والمؤسسات التعليمية والثقافية والإتحادات والنقابات, ويحتكرون تماماً قطاع الأعمال والصناعات والخدمات والتجارة الخارجية .
بينما كانت السمة الرئيسية فى التعامل مع رموز المناطق المُهمشة فى السودان وخاصة الإنتهازية منها, هى المحاولات المستمرة لإستقطابها وإعادة إنتاجها وإحتوائها وإستيعابها بشكل صورى فى الحكومة فى إطار إستراتيجية " الترميز التضليلى " ( طاهر إيلا / كبشور كوكو / عباس جمعة / بشارة دوسة / ....ألخ) , فى محاولة لتضليل هذه الشعوب والرأى العام الدولى وإخفاء مماراساتها ومخططاتها الحقيقية والإستراتيجية تجاه هذه المناطق, وغالباً ما يتم تكليف هذه الرموز بملفات وحقائب وزارية وهمية ويكون القرار الفعلى فى أيدى أشخاص آخرون مثلما حدث من قبل مع مكى على بلايل الذى كان مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون السلام بينما كان هذا الملف فى واقع الأمر تحت سيطرة مطرف صديق الذى كان يترأسه مكى على بلايل ومن المفترض أن يأتمر بأمره, ولام أكول الذى مُنح حقيبة وزارة الخارجية بعد نيفاشا فى الوقت الذى ذهب فيه مصطفى عثمان إسماعيل بهذه الحقيبة إلى القصر الجمهورى مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية, وقد حاول المؤتمر الوطنى نفس الشىء مع منى أركو مناوى الذى مُنح منصب كبير مساعدى الرئيس ولكنه كان منصباً ديكورياً ليس إلاّ كما قال هو بنفسه, و منى أحد الأذكياء الذين إكتشفوا (الماسورة) ورجع إلى جنوده فى ميادين القتال كما فعل من قبله د/ رياك مشار عام 2000م .
أما عبد الله على مسار, الوزير المستقيل عن وزارة الإعلام الذى ملأ الأرض ضجيجاً فى معركته مع وزيرة الدولة – (سناء حمد) و(جادين) مدير وكالة سونا للأنباء لأنه أراد فرض سلطته المُخوَّلة له بموجب القانون فى الوزارة بعد أن إكتشف الفساد فى الوكالة, فقد تناسى إنه فقط وضع فى ذلك المنصب الرفيع كديكور لإرضاء المهمشين فى غرب السودان عموماً ودارفور على وجه الخصوص, ولذلك عندما أصدر قرار إيقاف (جادين) وإحالته للتحقيق, رأينا كيف عطَّل عمر البشير تلك الإجراءات بهدوء, وأرجع (جادين) لمنصبه,فذهب (مسار) مستقيلاً عن الوزارة غير مأسوف عليه.
وغالباً ما تحاول النُخب الحاكمة توريط مثل هؤلاء فى قضايا فساد وغيرها من القضايا الأخلاقية الأخرى لكسر شوكتهم, وبعدها يسهل تسييرهم والسيطرة عليهم وإستخدامهم ضد شعوبهم قولاً وفعلاً, وقد قام أحمد هارون مؤخراً بحشد العديد من أبناء النوبة فى حكومته بولاية جنوب كردفان لإشراكهم معه فى جرائمه بالولاية بالإضافة إلى محاولة إستخدامهم لتضليل وإستقطاب المواطنين النوبة ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان أو على الأقل دفعهم لعدم تجاوبهم معه, وهو نفسه تم توريطه فى جرائم الإبادة والتطهير العرقى فى دارفور وجبال النوبة, وبالتالى لا خيار أمامه سوى الطاعة العمياء لمرؤوسيه فى المركز.
المقال القادم (الأخير) :-
لتكن هذه الحرب آخر حروب الهامش / ما هى الخيارات / المراجع والمصادر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.