[email protected] http://sphotos-d.ak.fbcdn.net/hphoto...34685076_n.jpg وها قد انقضى عام اخر في سلسلة السنين المتلاشية عقب استقلال الوطن , 57 عاما والوطن يحتفل في متوالية روتينية بذكرى الاستقلال المجيد , والتحية من هنا لكل من شارك وساهم في صنعه بيده او سيفه أو قلمه او حتى رأيه .. المستعمر البغيض عندما ترك أرض الوطن على انغام هتاف الشعب (ياغريب يلا لبلدك) ترك بلادنا أحسن ما يكون وربما كانت في تلك الحقبة افضل دول المنطقة على الاطلاق , حتى مصر التي كانت اليد اليمنى للانجليز , كما كانت قبل ذلك للأتراك , ما كانت افضل حالا من أرض بلادي بسهولها ومزارعها ومشروع جزيرتها وسككها الحديدية وتنظيمها الاداري وهيكلها الوظيفي و.. و.. ونستدل بحادثة معروفة عند اتحاد الامارات العربية مطلع السبعينات توجه الشيخ زايد الى انجلترا طالبا من ذوي الخبرة أن يساعدوه في نهضة بلاده وتطورها , فاستغربوا واندهشوا قبل ان يسألوه لماذا لم تتوجه الى السودان ونحن تركناها افضل دول المنطقة تقدما ومواكبة , فعاد صاحبنا ادراجه وتوجه الى السودان وكان له ما اراد فاصطحب عددا من الموظفين المشهود لهم وعلى رأسهم كمال حمزة , الذي كان يردد كثيرا أن الشيخ دائما ما يسمعه كلام على نسق : ( ياكمال ابغى ابوظبي مثل الخرطوم ) واجتهد اباؤناالمنتدبين وكمال في ما سعوا اليه ووضعوا الأسس اداريا وفنيا مما جعل الامارات لاحقا كما نراها اليوم . فأين الخرطوم من ابو ظبي الان !!؟ غير أن الأجيال التي تعاقبت على سدة الحكم ومن تبعهم , ديمقراطية كانت أو عسكرية اشتركت جميعها في التخريب قصدا او دون ذلك ناهيك عن التقدم والتماس التطور عمليا ونظريا , فباتت الخطوات ترجع الى الوراء في بدايتها ببطء ثم ما لبث البطء أن تحول لهرولة , وهاهي الهرولة ترفض الانصياع فيحل الجري مكانها بعد 57 عاما .. ايضا الى الخلف . والمتتبع لتأريخ السودان الحديث سيلتمس بسهولة أن أفضل الاجيال الحاكمة هي التي تلت رفع العلم ذي الألوان الثلاثة ويتدرج السؤ تباعا حكومة بعد أخرى و نظاما عقب اخر , حتى اذا ما وقف - المتتبع -عند المحطة الأخيرة (الحالية) وصل الى أنه لايوجد أسوأ مما هو موجود الان , فالبلاد في تقدمها لم تقف عند محطة المستعمر بل حتى الأسس القديمة التي كان السودان يرتكز عليها قد ولت من غير رجعة بسبب التخبط والعشوائية اضافة الى خيانة الامانة والتي تتجلى كما الشمس في كبد السماء سرقة ونهبا وتحايل , حتى الموارد التي صنعها (افضل السيئين) من الحكومات التي تعاقبت لصالح الوطن والمواطن لم تسلم من التدمير المقصود ودونك عزيزي القارئ ( اسمنت عطبرة , اسمنت ربك , جبنة الدويم , مصنع النسيج , بري الحرارية , سودانير , اسطول النقل النهري , كل منشات وزارة الصحة , افضل الجامعات في المنطقة , الخرطوم - الجزيرة - جوبا - الفرع بل عموم التعليم , دار الدواء , واشياءاخرى قد لا يسع المجال لذكرها ) كل هذا الدمار القى بظلاله على الوضع الاقتصادي الذي أصاب المواطن قبل الوطن فجعل الحياة في وطن كانت مساحته مليون ميل اشبه بجحيم حارق يشوي القلوب ويلهب الدواخل حرمانا وذلا وهوان . ونضيف الى ذلك التلاعب المتعمد بالنسيج الاجتماعي وسلوك الأفراد , فالنظم هي التي تعلم وتدرس شعوبها الاحترام والالتزام والتحضر السلوكي , والشاهد أن اولي الأمر عندما يدمنون الكذب ويحترفون النفاق ويجاهرون بنشر الافكار العنصرية والجهوية فالأجيال المواكبة لهم لن تتربى على غير ذلك ,والمسئول الذي يتفنن في سرقة مال الشعب قد يكون هو السبب المباشر لجرائم أخرى تطفو على سطح المجتمع , والوالي الذي يمارس الرزيلة متحصنا بدبلوماسيته الدستورية لا شك أنه يقدم دعوة صريحة لارتكاب جرائمالاغتصاب او اي جناية اخلاقية . اما الوزير الذي يبرر لابناءنا تعاطي المسكرات والحشيش والبنقو , فهو يتعمد أن يظل شباب بلادي خارج الشبكة لشئ في نفس (نهج النظام) .. هذا باختصار حال الوطن والمواطن بعد سنين عددا في ظل استقلالنا الذي نحتفل به سنويا دون أن نعي معنا له !! ماذا قدمنا لهذا الوطن وكيف السبيل لاحتفال حقيقي يعيد امجاد الأمة علما وادبا وثقافة , احتفال ينهض بارضنا ويجعل منها سلة تكفينا على الاقل وتقضي على مواجع اهلنا , احتفال يوحد صفوفنا ويحفظ كرامتنا وينتصر لشعبنا , احتفال عملي بالجد والعمل وليس بهز الخصور والتلويح بالعصي .