حلقة (1) نجيب عبدالرحيم [email protected] كعادتنا فى هذا الموعد من كل عام نستنزف امكانات البلد فى الاحتفاء بمغادرة الانجليز للسودان بعد ان اختار السودان الاستقلال وتم اجلاء الانجليز ولكننا رغم سماحة الكلمة وقيمتها النظرية وما استحقته من تخليد إلا انها فى حقيقتها افرغت من أي محتوى ولم تعد إلا كلمة يرددها اطفالنا كل صباح فى المدارس ورياض الاطفال ليقتلوا قلبنا حسرة ولتصبح حصيلتنا منه يوما واحداً نخلد فيه المناسبة فى مطلع يناير من كل عام ( اعلانا بمزيد من التردى فى حياتنا فى كل اوجهها ) يوم نردد فيه كل عام ( اليوم نرفع راية استقلالنا) وكان جدير بنا ان نردد فيه( اليوم نواصل مشوار أحزاننا) ولولا قليل من حياء لقلت (دمار حياتنا) وهو ما حل بنا منذ عرفنا الحكم الوطى. ولا اغالى اذا قلت ان الخراب طال كل اوجه حياتنا والرياضة ليست استثناء منذ طردنا الانجليز عن ارضنا قبل ان نصبح جديرين بحكم انفسنا فلقد عرف السودان فى عهد الانجليز (المستعمر) فاتورة الكهرباء ثلاثة جنيهات والتعليم مجانا بل والسكن فى مرحلة الثانوى داخليات مجانا وفى الجامعة والمعهد العالى اعانة مالية لكل طالب اسرته فقيرة بما عرفت الاعانة اما العلاج مجانا ولم يكن السودان يعرف فى عهد الانجليز المحسوبية فى التعيين او الترقية ولم يحدث ان طالعتنا فى الصحف كلمة الفساد او تنصب المحاكم لمواجهتها ولم ولم ----- وغير هذا من اوجه الحياة والتى لا يسع المجال ذكرها. فكل هذه المتغيرات السالبة حلت بنا منذ عرفنا الحكم الوطنى ومنذ حلت العمة والعباءة والجلابية والتوب محل طربوش الانجليز الاحمر ومنذ ذلك الوقت بدأنا رحلة الهبوط بسرعة الطيران من اعلى لأدنى ولعلنا نسير للادنى بسرعة الصاروخ . وكما قلت فان الرياضة ليست استثناء فى مواجهة نفس المصير وها هى الانباء التى نطالعها هذه الايام تعلن بان هناك اكثر من جهة تعمل على الاحتفاء بهذه (المناسبة) ولعلها فرصة للثراء حيث كان الأحرى بنا ان ننصب للرياضة فى عهد الحكم الوطنى صيوانات العزاء فالرياضة لا يقل نصيبها من التردى ما لحق بكل القطاعات الاخرى. ولعلنى بهذه المناسبة ادعو لوقفة تاريخية مع الرياضة بالرغم من عدم وجود المصادر التوثيقية الكاملة إلا ان ما يتوفر منها يكفى ليقتل قلبنا حسرة على الرياضة. فالسودان لم يعرف كرة القدم إلا بمقدم الانجليز للسودان فى عام 1898 وكان هذا امرا عاديا لان الانجليز هم سادة الكرة فى العالم بالرغم من افول نجمهم بعدغزو البرازيل وفرنسا وغيرها فى ساحة الملاعب فالانجليز هم اول من عرف الكرة فى العالم وأنهم مؤسسو النظم الرياضية العالمية يؤكد ذلك انهم حتى الان اصحاب فيتو حيث يمثلون ثلاثة ارباع المجلس الاعلى للرياضة العالمية والذى يحكم الفيفا نفسها وتكون من اربعة كيانات رياضية تضم الفيفا واتحادات بريطانيا الثلاثة وهذا المجلس هو اعلى سلطة فنية فهو الذى اصدر قانون اللعبة وهو وحده الذى اصدر قانون اللعبة الذى يحكمها على مستوى العالم وهو يملك تعديل قانون اللعبة لهذا فلقد تشرف السودان بأنه عرف الكرة على يد مؤسسى الكرة العالمية فلقد عرف السودان كرة القدم بمقدم الجيش الانجليزى من خلال ممارسته لها لهذا كان الاكثر تأثراً بهم هى مناطق تواجد معسكرات الجيش الانجليزى ببرى وجبل الاولياء والخرطوم بحرى وعطبرة والأحياء القديمة بالعاصمة الموردة وتوتى وأحياء امدرمان العريقة وغيرها من مناطق الاحتكاك بالانجليز. ولان اللعبة انشرت بسرعة بين هذه المناطق المرتبطة بالانجليز فلقد تفننت هذه المناطق فى صناعة كرة الشراب لعدم توفر الكور بما عرف بالدافوري احد اهم مقومات تطوير المستويات والمهارات الفنية التى عرفت وسط ذلك الجيل وكانت الكرة المنظمة وقتها وسط طلاب كلية غردون وكان للمستر بودال احد قادة الاستعمار الدور الرئيسى فى نشر اللعبة وبواسطة طلاب كلية غردون من ابناء الاقاليم عرفت الكرة طريقها لكبار المدن فى السودان عبر ابنائهم الذين التحقوا بكلية غردون. ثم كانت بداية تكوين الاندية السودانية ما بعد 1917 وكان نادى برى هو اول نادى لوجود معسكرات الانجليز بالقرب منه حيث تأسس فى عام 1918 ثم توالى تكوين الاندية حيث تم تكوين أندية ديم سلمان وديم ابوالريش وأولاد كوبر والمسالمة و(النيل والجزيرة بتوتى) والنسر والخريجين والموردة وأبو حشيش ( والتعاون والفلاح) بشمبات غيرهم مما لا يسع المجال كرهم وأغفلهم التوثيق كما عرف السودان وقتها اندية تحمل اسماء الانجليز غردون وكتشنر واستاك وسلاطين وونجت وعقرب بعضها فى العاصمة بصفة خاصة الخرطوم بحرى والتى تم سودنتها للتحرير والكوكب والاتحاد وبعض مدن الاقاليم كذلك كانت هناك اندية متزامنة فى نفس الوقت حملت اسماء ابطال سودانيين مثل ابوعنجة وحجازى فى الاحياء التى خلدت هؤلاء الابطال ومع انفجار ثورة اللواء الابيض ولمخاوف الانجليز من استغلال الرياضة غطاء للعمل السياسى توقف النشاط فى 1925 -1926 وجاء عام1936 ليشهد الانتقال من المرحلة التمهيدية للمرحلة المنتظمة فهو العام الذى شهد وضع حجر الاساس للكرة المنظمة والتى تنقسم نفسها لمرحلتين مرحلة الانجليز ثم مرحلة ما بعد الاستقلال وحيث تم الاعلان عن مرحلة الحكم الوطنى لنبدأ مشوار الدمار خارج النص: بعيدا عن كرة القدم فلقد ارسى الانجليز منها مهرجانا سنويا سمى بيوم الاباء قوامه الرياضة بفروعها المختلفة لهذا شهدت الالعاب الفردية وقتها تطورا مشهودا كان محصلته الوجود المميز للسودان فى البطولات العالمية فى الملاكمة ورفع الاثقال على سبيل المثال والى الحلقة القادمة