[email protected] مازال سادتنا يصبون جل لعناتهم على أميريكا وعلى الجنوب كلما أسفر الصباح عن ضائقة جديدة وكلما سدت الطرق أمامهم نحو المال , فالجنوب كان ذلك المنفذ الذي يأتيهم الخير من خلاله وهو ذات المنفذ الذي سدوه بأيديهم وبكامل أهليتهم المعتبرة شرعاً منذ إتفاقية نيفاشا ليعودوا من بعد يتباكون و يلطمون على الخدود !! .. لا أدري حين أقروا مبدأ الإستفتاء و وافقوا عليه هل كان في إعتقادهم أن الجنوبيين سوف يصوتون ضد الإنفصال ليظلوا تحت إمرتهم وتسلطهم وهم أصحاب الأرض الغنية بالبترول وبالثروات المعدنية المتعددة و الغنية بأنهارها وغاباتها وما شيتها وبالحياة البرية والأنعم من كل نوع !؟.. هل كان في ظنهم أنهم سوف يلقون بأنفسهم في عتمة تلك الهاوية مرة أخرى بعد ان توفرت لهم فرصة الخروج منها إلى شمس الحرية !! .. ما الذي يجبرهم على ذلك وهم يرون إخوتهم في الشمال يسابق بعضهم بعضا إلى حيثما توفّر منفذ للهرب بعد ان أصبح الوطن جحيما ً تنصهر في حممه الآمال فتتبخر و منذ ان باتت البلاد إقطاعية ومستعمرة تحت إمرة شرذمة لا يعترفون بآخر لا ينتمي إلى قبيلهم فأضحوا يتصرفون في الوطن تصرف المالك في ملكه .. يهدرون المال العام ويبيعون أراضيه وممتلكاته و ثرواته وكأنها إرث آل إليهم من أبيهم الأكبر فتسمو بناياتهم يوماً بعد يوم و تتضاءل بنية الوطن وتمتلىء خزائنهم وأجسادهم ويذبل جسد المواطن وينهشه العوز والمرض و تبليه الفاقة والهموم وهم في غيّهم سادرون يبكون من خشية الله على المنابر وفي المقابر وإذا خلوا إلى أنفسهم رقصوا وضحكوا وأسرفوا في القتل وفي الظلم وفي النهب وكأن الله الذي بكوا من خشيته أمام الناس غير موجود في خلوتهم وكأن القبور التي ذكرتهم بالموت فبكوا على مرآها لن تكون مأواهم ومثواهم الأخير في يوم من ذات الأيام !! لا يقرون بأخطائهم ولا يحاسبون من أخطأ منهم فهذا غير وارد في شرعهم بل على النقيض ينال المخطيء منهم ترقية وتعويضاً وينقل لمكان آخر عزيزا مكرّما .. يتكاثر الفساد بأشكال وأنماط متعددة مع كل طلوع شمس بصورة توحي وكأنه أمر مباح ومقنّن وأنه ربما كانت له وزارة أسموها وزارة تنمية الفساد والمفسدين , على شاكلة مجلس الذكر والذاكرين, فلا غرابة ان ظلت الضوائق تتواتر والأوضاع السيئة تتفاقم ليدفع ثمن كل ذلك المواطن المسحوق فوق ما ظل يدفعه مقابل فاتورة التعليم والدواء وذلك إما بزيادة الضرائب و الرسوم الجمركية او برفع الدعم عن السلع الأساسية او بزيادة رسوم تجديد رخص المركبات ورسوم أخرى كثيرة فتتردى الخدمات لتصل إلى أسوأ مستوى عرفته البلاد عبر تاريخها الطويل ! . وكلما حلّت ضائقة سارعوا بصب اللعنات على أمريكا وحلفاء أمريكا وهذا يذكرني ب(ابراهيم ود حليمة ) عليه رحمة الله فقد كان يعاني من بعض التخلف العقلي ولما كان البعض يمازحه بما لايرضاه كان سريعاً ما ينفعل ويقذف أقرب الجالسين إليه بما يجده أمامه وعليه فقد كان يُمنع من دخول نادي القرية مخافة ان يثير المشاكل فترسب في نفسه على أثر ذلك الحرمان حقد وكره لذلك النادي فإذا تشاجر مع أحد في السوق مثلاً او في أي من المناسبات التي تجمع الناس او حتى خارج القرية فإنه بدل ان يسب او يلعن خصمه يظل يلعن النادي بعبارته الشهيرة ( ننننن ابو النادي) أي إنعل ابو النادي .. وهذا ما يمارسه سادتنا الآن مع أمريكا فتتحطم الطائرات الروسية الصنع او الهولندية فيسبون أمريكا وتتعطل الأجهزة والآلات الصينية الصنع فيلعنون أمريكا فترتفع أسعار الأدوية المصنوعة في مصر او تركيا او الأردن اوغيرها او تنعدم في السوق فيرمون أميريكا بالسوء كله.. وبالطبع فإن كل ذلك لن يضير أميركا في شيء ولن ينال من قدرها شيئا ً فهي قد فعلت فعلتها ونالت ما كانت تصبو إليه وبمساعدة ومباركة هؤلاء الذين يلعنونها ويدعون عليها اليوم بالثبور فما قدموه لها من خدمات جليلة ربما لم يقدم مثله ذووا القربى وأصدقاؤها المخلصين ويشهد على ذلك شقي الحال قوش ومستنداته التي ظلت وتظل درعاً يحول دون محاكمته او حتى مساءلته.. فلعن أميريكا لن يأتيهم ببترول ولن يملأ خزائنهم مالاً وذهبا ولن يفرّج شيئاً من الأزمات التي تحيط بهم من القبل الأربعة ولكن يمكن أن يتأتى بعض الأثر إذا صدقوا مع أنفسهم وحاسبوها حساباً عسيرا وكفوا عن هذا التبذير المتمثل في تعيين مئات الوزراء والولاة والمعتمدين وأجهزة أمنية لاتخدم مصلحة الوطن بقدر ماتخدم مصلحة النظام ومايترتب على ذلك من منصرفات كان الأولى ان تصرف في خدمات ينتفع منها الشعب و لو أنهم أعادوا كل فلس نهبه مسؤول بدءاً بأعلاهم شأناً فيحاسب الرئيس ويحاسب الوزير ويحاسب الوالي حتى أصغر موظف في الدولة فترد اموال طريق الإنقاذ الغربي ومليارات مشروع الجزيرة وأموال الأقطان وقيمة بيع خط مطار هيثرو وأموال المدينة الرياضية ومشروع سندس وأموال المطار الجديد ثم من بعد تباع كل الأملاك من مبان ٍ وعمارات ومزارع ومشاريع وأراضي وغيرها يمتلكها أناس كانوا بالأمس القريب يسكنون بالإيجار في منازل غاية في التواضع وينتقلون كعامة الشعب بالمواصلات العامة فإن لم يثبتوا بالدليل القاطع مصدر هذه الأموال التي رفعتهم بين عشية وضحاها من الحضيض إلى هذه المستوى الذي ينعمون به اليوم حينها يدق الجرس لتباع كل هذه الممتلكات بمزاد علني ثم تتم محاسبتهم أمام الشعب الذي هو صاحب كل هذه الأموال المنهوبة وصاحب الحق الأوحد . فإذا تم ذلك فإن العائد كفيل بحل العديد من مشاكل الوطن والمواطن فيعود التعليم كما كان بالمجان ومثله العلاج والدواء وخدمات اخرى كثيرة فهذا في حد ذاته لا يقل عن ما تدرّه عدة آبار من آبار البترول !!..عندها يمكن أن تعيد أميريكا حساباتها في تعاملها مع السودان رأفة بشعبه لا بالنظام .