عبدالواحد احمد ابراهيم [email protected] الحوت هو الوطن الذي ابتلع الشباب لذلك كان موته صدمة وسطهم بالرغم من الحالة الصحية المتدهورة له منذ أكثر من 5 أعوام وبرغم من تصريح الأطباء واعلان موته الاكلينيكي قبل اسابيع بالاردن رحم الله الفنان محمود عبد العزيز لا يختلف اثنان في موهبته في الغناء وقدرته علي التطريب كنا عندما تحاصرنا العاطفة والوجد والحب ونيران الهوي والحنين الي ذكريات العشق نلجأ الي غناء المطرب محمود عبد العزيز فتطربنا موسيقاه ويشجينا صوته المميز وكذلك كنا عندما نشتاق لنسبح في الخيال والأحلام نلجأ لذلك الغناء الرصين وذلك المنهل العذب لذلك اللحن الشجي فيصيبنا نوع من الخمول والسكون والهدؤ والارتياح النفسي لدرجة الشعور بالدعة كان محمود عبد العزيز اضافة حقيقية لخارطة الغناء السوداني ... قدم أداءاً متميزا في غناء الحب والعاطفة والوله والشجن وأمتعنا وأمتع كثير من المحبين عندما تظاهر طلاب جامعة الجزيرة بصورة معزولة تضامناً مع الطلاب المقتولين بواسطة قوات أمن نظام البشير فان هذا المشهد أستفذ الرائعة اسماء الجنيد لتكتب في انتقاد صارخ لحالة الشباب السوداني بصحيفة الراكوبة تحت عنوان ( ما مشكلة الطلبة تموت ... المشكلة تطرشق حفلة الحوت !!!! ) كتبت ما يلي: شعب كامل في كل انحاء الوطن محتاج إعادة تأهيل ودروس في الوطنية من نفس المواد التي تعلمها جدودنا زمان جدودنا زمان الوصونا على الوطن وعلى ترابو الغالي الماليهو تمن!! دروس نصوصها من معاني الوطنية العتيقة من حنين الوطن وعشق التراب الطاهر ..... ألخ المقال نؤكد هنا أنه وبالرغم من القاعدة الجماهيرية الصلبة التي تميز بها ذلك المطرب القدير وسط الشباب الا انه لم يكن رحمة الله عليه في غناه منحازاً للاغاني التي تلهب حماس الجماهير أو تنهض بوعيهم أو تقودهم وتوجههم نحو الوطنية التي تعلمها ونهل منها جدودنا زمان بل أن هذه الأغاني لم تنحاز نحو القضايا التي تخص الوطن والمواطن السوداني العتيق من حنين الي الوطن وعشق للتراب الطاهر وذلك لأن تجربة محمود عبد العزيز الغنائية بالمقارنة مع الفنانين الذين سبقوه من حيث الغناء للوطن وقضاياه هي صفر كبير تجربة محمود عبد العزيز في الغناء هي تجربة غنائية عاطفية رومانسية صرفة ونرجسية بحته مصحوبة بصوت شجي قوي وموسيقي واقعية أخاذة هذا اذا قارناه مع غيره من الفنانين السودانيين مصطفي سيد احمد ووردي وعثمان حسين واحمد المصطفي وحتي صلاح بن البادية الذي تدرب علي يديه محمود وغيرهم من الهامات العالية في الغناء الرمزي والعلني للوطن لذلك نجد أن الشباب الذي عشق محمود الآن هو شباب خامل غير معني وغير مؤهل للتصدي للقضايا التي تخص الوطن وقضايا المهمشين غناء محمود عبد العزيز وتجربته تحتاج الي نقد وتمحيص شديدين فلمحمود عبد العزيز كاريزما صوت قوية وحنجرة غنائية مميزة استطاعت احتلال مساحات كبيرة في الوسط الفني السوداني وأثرت فيه خصوصاً وسط الشباب من حيث تقبل الأغنية السودانية وتجربة الغناء الحديث تنعدم المقارنة بين الشباب الذي يطربه الراحل المقيم مصطفي سيد أحمد بصوته وغنائياته وكلماته التي تهبش أوتار الوطن والغلابة والمهمشين والعاطفة الجياشة في الغناء الرمزي وبين الشباب الذين يطربون لصوت الحوت ولحنه الشجي لعاطفة ثرمدية تنعدم المقارنة عندما حرمت الحكومة جماهير شعبنا من توثيق إستقبال جثمان الكروان مصطفي سيد أحمد لأنها كانت تخاف من إنتشار خبر تدفق المواكب الحزينة من شباب وشابات بلادنا حين إتجهت مواكبهم الشبابية والطلابية صوب مطار الخرطوم .. ولسان حالهم كان يردد رائعة شاعرنا بشري الفاضل التي تغني بها الكروان مصطفي لما تطلعي في الشوارع .. شوفي كيف الناس تصارع .. ناس تدفِّر وناس تطفِّر وفي البشابي علي نجومك وفي البحب كايس تخومك ليكون استقبال جثمان مصطفي سيد احمد في مطار الخرطوم عام 1996م حدثا مؤثراً رغم منع السلطات الأمنية للجماهير من الحضور والتعتيم الإعلامى على خبر وفاته فقد ضج الناس بالبكاء في ساحات المطار والشوارع ورفع الشباب لافتات تندد بالحكم العسكري وظلم الانقاذ وتحرض الشعب للانتفاضة ضد حكومة الجبهة الاسلامية وامتلأ شارع مدني الخرطوم بالعربات والناس حتي قرية ود سلفاب تنعدم هذه المقارنة حينما أرسلت الحكومة طائرة خاصة للأردن لجلب جثمان الراحل محمود عبد العزيز وتأهب السلطة بتحريض الشباب لاستقبال الجثمان في مظار الخرطوم مصحوباً بتغطية اعلامية وعويل ونحيب وبكاء غير مسبوق في محاولات السلطة لتغييب وعي الشباب وتجنيبهم عن قضايا الوطن واستثمار ذلك العويل لصالح ترهات الانقاذ وحكامها يستطيع الرائع الانسان مصطفي سيد أحمد تطريب الناس حينما تلامس كلمته الماضي ويهبش لحنه القضية وتعتصر موسيقاه الألم والظلم والحنين الي الوطن في غناء مصطفي تنشأ قاعدة معرفية لثورة كامنة ستنفجر وجمهور ملهم سينتفض بينما بقدرة محمود عبد العزيز الغناء وتطريب الأحاسيس المرهفة فتخاطب موسيقاه الوجدان ويسري لحنه في الجئسد ليكون الانسان في حالة ذهول وشرود ذهني لا ينفك فما بين غناء مصطفي سيد أحمد ومحمود عبد العزيز شباب ثائر يأسي لقضايا الوطن حينما تحركه الكلمة ويشجيه اللحن وتعبث بأحاسيسه الرموز وآخر مستكين عندما يحبسه اللحن الشجي في عاطفة اثيرية خيالية رحم الله الفقيدين وأنزل عليهم شآبيب الرحمة