كثيرا ما آسي علي حالي وحال البلد المايل....وأنا أرنو ببصري وأجول بخاطري....مقارنا ما نحن عليه من حال وما ينبغي أن نكون عليه...ما نتكئ عليه من إمكانات هائلة تفوق الوصف والخيال...وما نعانيه من مسغبة وضيق في المعاش والأفق والخيال...لم أجد تفسيرا وقد أعياني البحث وأظنه قد أعيا الكثيرين غيري....لماذا ننتقل ونتنقل من سيء إلي أسوأ..لماذا كل شئ عندنا هالك إلا وجه الهلاك...لماذا من حرب إلي قتل إلي سفك إلي تشرد..إلي دماء تسيل أودية وأنهارا...إلي كرامة مهدرة بلا سبب... كل يطعن في الوطن بطريقته...كل يهدم بطريقته ...هذا من الداخل وذاك من الخارج..وآخر من فوقهم.يتنافسون في ذلك..ولا تستغرب إن رأيت أكثرهم جرما يترقي ..ويتسنم أرفع الدرجات ويمشي في الأرض داعيا يهدي ويسب الماكرينا مع أن شيئا لم يتغير..رأيت كثيرا من الوجوه التي كانت تعارض في الأمس القريب وتحمل السلاح بقوة وتنادي بما شاءت من دعاوي حرية وديمقراطية وهاهي اليوم تجلس مع أعداء الامس حلفاء اليوم وتقوم بنفس الدور الذي كانت تستنكره..وتتحدث نفس اللغة التي كانت تحاربها...لذلك نحن نتأخر...فكل يهدم بطريقته...هذا بمعول الحكم وذاك بإزميل المعارضة ولا يفهم الشعب الجسور لم اختلفوا أولا وعلام اتفقوا ثانيا..فما ثمة شئ قد تغير إلا الوطن الذي تختفي ملامحه وتتسرب حبيباته وقطراته التي نعشقها.... غابات لم يمسسها إنس قبلنا ولا جان ونبحث عن الظل في أنحاء الأرض المختلفة ..هروبا ونزوحا ولجوءا واغترابا بمسميات وأسماء مختلفة..نجتهد في بناء غيره ونخلص في ذلك أيما إخلاص...ونحرمه من عرقنا وكدنا وجهدنا.. الاف الانهار والخيران والبحيرات والمسطحات المائية..والحصول علي ماء الشرب معضلة في معظم أنحاء الوطن المقهور...ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية والغذاء آفتنا ومشكلتنا التي تتفاقم يوما بعد آخر...ويطول جدلنا وترقبنا لسفن القمح القادمة من وراء البحار...هل في ذلك منطق لذي عقل...!!!! كل زاوية بل كل ركن يحتاج إلى عمل...تحت كل حجر كنز مكنون يحتاج فقط إلى ساعد أخضر يزيحه ويستخرجه...بينما طوابير الشباب العاطل عن العمل تحجب ضوء الشمس أقصي ما يتمنونه في الحياة هروبا من أرض الأجداد إلي أي مكان آخر ربما كان فيه ميعاد مع الأحلام والآمال التي تلامس الخواطر والخيال..يهربون إلي أمكنة لا تملك مثقال ذرة مما يملك وطننا الجسور...وتتساءل عنا المهاجر مستغربة والدهشة في عينيها ولا نملك في معظم الأحيان إجابة أو تفسيرا..يشفي غليلنا قبل غيرنا...لماذا نحن في المؤخرة دون غيرنا..لماذا نسير عكس الحاضر....لماذا أمسنا خير من يومنا ...ويومنا خير من غدنا...وغدنا شر مستطير...والتساؤل الأكبر لماذا هذا الشخص المسالم المتسامح ينتج كل هذه الأزمات والحروب والصراعات وهو الأقدر علي التعايش والإنصهار مع الجميع...قولا وفعلا.. اتذكر قطعان الماشية والضأن والماعز والمراعي الطبيعية والأمطار...ويحز فيني..أننا ننتظر حليب المراعي..من عمق الصحراء...من السعودية. هذا البلد العظيم يتسرب من بين أيدينا..يتمزق وشعبه وسوسه وساسته بكل ألوانهم ملهيون عنه...يفكرون في كل شئ إلا في وجعه وأنينه.....لئن لم ينتبه الجميع لن يجدوا حلبة ليعتركوا عليها... [email protected]