الجزيرة وقد تلقى فيها الامام المهدي..عليه الرحمة والغفران علومه الدينية على يد الشيخ القرشي ود الزين في قرية طيبة ، بل وأقترن باحدي بناتها ، قال انها بلاد خير حملت رجلين على ظهرها ، وأخشى ان هي وقعت الا يستطيع الرجلان حملها ! وهو يقصد أنها كفلت السودان بكل امتدادات نيليه الأبيض والأزرق وبقية المعنى لا تحتاج الى شرح ! بيد أن ذلك ليس كل ما كانت تمتازبه الجزيرة من خيرات ، لان الخير الحقيقي التي أنتجته تلك الأرض الولود هو شموخ رجالها وعفة نسائها فتلك هي الثروة التي لن تفنى وان ذهب القطن أو الذرة أو القمح أو حتى قطعوا عنها انسياب الري في الترع ! فهي التي أعطت زعامات الخريجين الأوائل و قادة اتحاد المزارعين الذين كانوا شوكة في حلق الاستعماروسندا ودعامة للانتاج الذي كان يغذي شرايين الاقتصاد بجدارة ودون فساد ! وهي التي أخرجت من رحمها أهل الفن الأصيل ورائدات العمل النسوي وأمهر لعيبة الكرة وغيرهم من الذين باتوا شامات خالدة على صفحة تاريخ السودان! لا نستطيع ان نقسم هذا الفخر أو نحصره في منطقة بعينها فعطاء الجزيرة كل لا يتجزأ ، وهي التي كانت عصية على الاستعمار فأطلق عليها عقب ثورة البطل جدنا عبد القادر ودحبوبة ، أرض العصاة وقام بحجز الأراضي ومنع أصحابها من فلاحتها ، فلم ينكسروا لحاكم أو يترجوا سلطة أجنبية كانت أم وطنية لتعيدها اليهم كمنة أو منحة ، فكانوا متمسكين بمبادئهم ومتشبثين بقناعاتهم ، خلال الحقب الديمقراطية، واستعصوا أيضا على محاولات اختراق كل الديكتاتوريات التي توددت اليهم بالترغيب تارة ، (واستورلت ).. عليهم بالنفخة الكذابة أحيانا وحرمانهم من الخدمات وحاربتهم في أرزاقهم، وحينما أراد البشير الذي لم يجد منهم ترحيبا وهو يعبر في كل مرة المنطقة ، قام باعادة تلك الأراضي لآل البطل ودحبوبة ، ظنا منه أن أجر مناولتهم حقهم المستحق سيكون ثمنه استقطاب الولاء لديكتاتورية نظامه، فلم يتزحزحوا قيد أنملة عن موقفهم الرافض لاستبداد سلطته ، فكان أولئلك هم ذاتهم أهل الجزيرة المتمثلين في أهلنا الحلاوين الذين قالوا للنائب الأول بالأمس قولتهم نيابة عن كل أهل المشروع الذي ضاع على يد الانقاذ فعز عليهم أن يتنازلوا عن عزمهم في مواجهة الظلم لا سيما في هذه الظروف المفصلية لتطأه أقدام من باعوا أرضه ، فرفضوا زيارة أحد افراد عصابة المافيا التي تقاسمت الوطن.. وهو علي عثمان محمد طه ! الحلاوين لم يتصرفوا كقبيلة ، فهم من أنجبت أرضهم شاعر في الفؤاد ترعاه العناية ، السفير يوسف مصطفى التني ، الذي قالها في عهد الاستعمار بالفم المليان.. ( ما بندور عصبية القبيلة ) فليس من المعقول ان يقبلها أهلنا الحلاوين في عهد مستعمر جديد وان بدأ في شكله من بني جلدتنا ! انها كلمة الجزيرة كلها لا منطقة بعينها ولا هي عودة لزمان الأثنية الضيقة ، وهي كلمة لها مابعدها وستنطقها الجزيرة بلسان أهلها جميعا ، حينما تنطلق الثورة القادمة من أرض المحنة وقلب الوطن كله، لتأخذ للسودان في كافة أطرافه ، ثأرهم من الذين غدروا به تقطيعا وبيعا وأعملوا في شعبه الأبي ، الالات سفهم محاولين اذلاله وهو العزيز أو تحقيره وما علموا انه الحليم الصبور ولكّن الى حين ! [email protected]