كان الوقت بعد العشاء بقليل لم أكن ادر ك وأنا طفل صغير أن ما طلبته من كسوة من أخي الكبير يفوق طاقته وإمكانياته المادية خاصة وانه عامل بسيط ، كنا مجموعة من الأخوة أشقاء وغير أشقاء من صلب أب واحد وأربعة أمهات وكانت ليلة صيفية يشع فيها القمر باسقاً ويعكس بضياه ظلال من المودة والمحبة بيننا وقد استلقينا على ( عناقريبنا )) نتسامر ونضحك بكل براءة وصفا عندما سألني أخي أن كنت في حاجة لشيء ، لم أتردد أن اطلب منه كسوة: بنطلونين وثاني أربعة قمصان وثاني جزمه و شبط خلاص ولا عايز حاجة ثانية بالرغم من تشجيعه لي كي اطلب كل ما احتاجه ألا أنني فضلت أن اكتفي بما طلبت لم يوعدني بتحقيق طلباتي ولكن أحسست بأنه صادق في نيته وآمانيه وسعيه بالاستجابة لها وتحقيقها ولو بقلبه وفي تلك الليلة نمت قرير العين سعيداً حد النشوة بما سيأتيني من ملابس جديدة وغرقت في أحلامي بسعادة تامة . ولكن في الواقع لم يتحقق شيء مما طلبته بسبب ظروف أخي المادية ولكن كان يكفيني السرور الذي ادخله على قلبي بتلك ألاماني و صدق مشاعره نحوى وأمنياته المخلصة في الاستجابة لطلباتي لعلمي انه لم يكن يقصد أن يكذب أو يخدعني لذلك لازلت أدعو له ولازالت سعادة تلك الليلة راسخة في ذاكرتي ولها مكانة في قلبي ووجداني ، تذكرت تلك الليلة وأنا اجلس أمام التلفزيون أشاهد واستمع لما يبثه إعلام الإنقاذ في نشرات الأخبار وبرامجه المختلفة من انجازات ضخمة ومشاريع لا وجود لها في الواقع ، بقصد امتصاص غضب الغالبية العظمي من الشعب وتخديرهم بأن الآتي أحلي وشتان ما بين المقصدين فأخي أراد بكل صدق أن يحقق لي ما طلبت مما جعلني أحلم و أنام قرير العين والإنقاذ تكذب وتخدع عمداً حتى ينام الشعب السوداني علي آمانيه يوماً بعد يوم. ولكن في الحقيقة أن الإنقاذ جعلت حياة المواطن السوداني كابوس مفزع بقتل وتشريد الابرياء في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان ، ولكن لابد من يفيق الشعب السوداني من هذا الكابوس الذي جسم علي صدره كل هذه السنوات ويبزغ ( الفجر الجديد ) وتعود لنا حلامنا الجميلة في بلادنا الحبيبة وذلك ليس ببعيد انشاء الله. [email protected]