صفق عوض الجيد باب المنزل وراءه وهرول مسرعا وكأنما يصفق وراءه أبواب جهنم . ولكن جهنم تتبعه إلى حيث هو فرأسه الآن قطعة منها . إنه يشعر بصداع فتاك للغاية . يقول الطبيب إنه صداع ضغط العمل ويقول عوض إنه صداع ضغط العمل والمنزل والشارع وأي مكان يقصده . إذا أين هو الأسبرين . توقف عوض لشراء الأسبرين وحذره الصيدلي كما حذره الطبيب مسبقا ولكن ما أدرى الطبيب وما أدرى الصيدلي بالذي يعاني منه عوض فماذا لو قدت قرحته كما يقولان فما الذي قد تضيفه إلى ما قد يعاني منه عوض . فقد قد جيبه من قبل ومن دبر و منذ زمن بعيد فما هو أشد وطئا وأكثر إيلاما . وقد قال له الطبيب بأن الأسبرين قد يؤدي إلى سيولة الدم وأن عليه إستبداله بالبندول . لابد أنه يمزح . هل يرفض عوض السيولة بنفسه ؟! . إنه يحتاج إلى اي .. اي نوع من السيولة فإن إفتقد إلى السيولة المادية فلاشك بأن سيولة الدم قد تخفف عليه شي ما . أو ترضى به شي في نفس يعقوب . ولاسيما بعد ما أخذ الكثيرون يرددون له ( الأيام دي دمك تقيل ) وأخذ عوض يتفكر في الكلمة وهو يتهجاها س..ي..و..ل..ة .... س..ي..و..ل..ة . وتخيل سيل من النقود يقطر من دمه . يا الله ماذا لو تحول الدم نقودا !! . وماذا لو كان ثلاث قطرات تكفي لثلاث وجبات لا بل ربما ثلاثة عشر . لا بل ربما أكثر . وأخذ يحسب ويحسب كم ستكلفه مصاريف الحياة اليومية من دمه في اليوم وفي الشهر وفي السنة . وإذ هو في حسابات تلك فإذا بها تتفلت قطرات من دمه عبر أنفه ..... إنه يرعف .. يا الله إنها المرة الثانية خلال أيام ولكنه لن يأبه ففكرته عن حوجة بنك النقد الدولي لبنك الدم الدولي لم تنفذ بعد على أرض الواقع . ثم لابد بأن هذا الرعاف بعض أعراض السيولة التي لطالما كان يحلم بها. وتوالت الأيام والأحلام والقطرات إلى أن جاء اليوم الذي حلم فيه عوض الجيد بمطالبة بنك النقد الدولي بحقوقه الخاصة فيه والتي عجز البنك عن سدادها قطرات دم أو عملات نقد وتدخلت الوساطات المتعددة لكي يمهل السيد عوض الجيد منوفلي البنك الدولي في السداد . وفي هذا اليوم بالذات شعر عوض بألم رهيب غاب بعده عن الوعي . لقد إنفجرت قرحته ولكنه ظل ولآخر اللحظات في حياته متشبثا بحلمه بأن يقطر دمه نقودا . ولكن هل يقطر الدم نقودا ؟؟ وهل تمطر السماء ذهبا ؟؟