درجت على مجالسة أندادي من بني وطني السودان كبروني سنا أم صغروا، وأسائلهم لماذا نحن خانعون للذل والهوان وقد سطر لنا آباؤنا مجدا ناصع البياض بل ظل يتفاخر به أعداؤنا لأنهم هزموا هذه الدولة التي أذاقت إمبراطوريتهم فنون الذل والهوان وقطعت رأس أعظم قائد وقديس لتلكم الإمبراطورية. السؤال يتكرر بطرق عدة وسبل شتى وتبقى العقول حيرى تحت وطأة الذهول مشروخة الأفكار وتظل القلوب مقطوعة الأنفاس معلقة بين ثرى الظلم والظالمين وثريا مجد الآباء المؤسسين. هل نحن أبناء من رووا أرض الوطن بأغلى ما ملكت أياديهم؟ هل نحن بني من بنونا و بنوا وطننا؟؟ أم نحن لقطاء وجدونا على أبواب المساجد التي كان يصلي فيها 70 ألف مصلي صلاة الصبح مجهزين بسيوفهم وأسلحتهم ودروعهم حماة للدولة والدعوة؟. هل نحن أبناء من ولجوا (الققر) حصون المستعمر وهدوها بأياديهم التي لم تعرف المستحيل؟ أم نحن بقايا جردة المستعمر التي استوطنت بالبلاد؟ هل نحن حفدة الذين (اتعاقدوا الطروف) ربطوا أطرافهم ببعضهم البعض وتواعدوا وتقاسموا على ألا يفروا عند الزحف ولا يولوا الأدبار هاربين، أم نحن أبناء الذين ولوا الدبر في معارك الوطن الأولى والجهاد الاستقلالي؟ هل نحن الذين شاد آباؤنا سيرا مخلدة إباء وضيما وكرامة وكرما وفراسة وشهامة وسؤددا وحماية لحما الدين والوطن أم نحن أبناء الذين دخلوا مع ونجد باشا ليدلوه على مواضع الأحرار والوطنيين من أبناء وبنات الوطن؟ هل نحن أبناء الذين تعاهدوا على االجهاد والاستشهاد في سبيل الدعوة والدولة أم نحن أبناء الذين عملوا للدنيا الفانية والذوات البالية؟؟ أسمع عن أحدهم مدحا يقول:- شدولو وركب فوق الحصان عصار مثل الهالة فوقه دارت الأنصار الكفرة النجوس من غير جهاد وحصار طاروا منه زي الريشة الشالها عصار هل هذا المدح لشخص قد يكون جد أحدنا ونحن في زمننا هذا لا نقوى حتى على قول كلمة الحق في أنفسنا ناهيك عن مخادعة ومهادنة الكفرة النجوس؟؟ هل نحن أبناء الذين صعدوا للمشانق باسمين؟ أم أننا من الذي تعجبهم فقط أغاني رقية بت إمام: ود حبوبة قام ورتب الأنصار في كتفية ديك كم شبعن صقار هل نحن حفدة الذين كانوا يتبسمون في لب المحاص ولم يخلُ شبر من أجسادهم إلا وبه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رشاش بنادق المستعمر، أم نحن الذين تجالسنا وتعاقرنا الخمر ولعبنا الميسر وظللنا نستمع إلى أغاني قد تهلك الزرع والحرث والنسل، وتجعل منا أمما أقل ما يمكن أن توصف به (الخيبة) وقد قال الله تعالى: ( وقد خاب من حمل ظلما). لم يكتف هؤلاء الأماجد بالبحث عن حروف اسم (هكس) في أم المعاجم والكتب بل قتلوه وجردته عن بكرة أبيهم في لمح البصر وقد كانت عدتهم وعتادهم أقل نفرا ونفيرا، ولكنهم هزموهم بإذن الله وقُتل (غردون) في لمح البصر لأن الآباء المؤسسين علموا أن النصر بيد الله يؤتيه من يشاء وعملوا له ورعوا بيعتهم مع إمامهم حق رعايتها. وباعوا وابتاعوا فربح بيعهم، ونحن الآن في الأذلين ونخسر كل يوم الخسران المبين فهل نحن أبناؤهم؟؟ لم يكن بعضهم مستنكر أو متنكرا لنور الله الذي سيطل عليهم بل كانوا يستعجلونه أشد من استعجال الأب لوليده الذي تئن أمه من المخاض فقال شيخهم: سيزول ملك الترك هذا بالذي رفعت مكانته على كيوان ذاك الإمام محمد المهدي من يهدي لسائر العرب والعجمان وبيننا اليوم ذات الشخص روحا وفكرا ودما ومخا وعظما لكنا مستنكرين ناكرين لعظيم فضله وجليل قدره ورجاحة رأيه ورؤاه، فما الفرق بيننا وبين أولئك الأوائل. ذات الطغاة الذين تحصن آباؤهم في (الققرة) مع غردون هم الحاكمون اليوم، يفعلون نفس الفعال ويأتون في ناديهم المنكر وبلغوا من الفساد والإفساد والاستبداد مبلغا لم يبلغه كل الأقوام التي عاشت على الأرض منذ قتل هابيل لقابيل مرورا بكل الأقوام التي أرسل الله لهم الرسل والرسالات مبشرين بالخير ومنذرين بين يديهم من الله عذاب شديد، ففاقوا بفعالهم من خسف الله بهم الأرض ومن أغرقوا ومن جعل الله عليهم عاليها سافلها ومن أمطروا مطر السوء ومن أرسلت عليهم الرياح تنزعهم كأنهم أعجاز النخل وغيرهم ممن أصمهم الله وأعمى أبصارهم، وها قد أتت آيات الله بجنود الجراد للظالمين آية، ونحن نجلس هاهنا نقول ونقدر ونذكر ونفكر وهم لا يسمعون، أما حُق لنا أن نفعل كما فعل آباؤنا بأشياعهم وآبائهم فنذيقهم من كؤوس أولئك الآباء المحررين الحارسين لمشارع الحق؟؟ إن لم نسطع أن نفعل شيئا فعلينا أن نعي أننا لسنا سوى لقطاء، لا نمت لأولئك الآباء بسلسلة نسبية أو وطنية أو دينية أو نضالية أو تاريخية أو أي مسمى نتفاخر به أمام الأمم، فهلا علمنا وعملنا من أجل النصر؟؟ [email protected]