كنا في مهمة عمل بمدينة بورتسودان قبل استفتاء الجنوب علي الوحدة وفي مكتب استقبال الفندق وبينما كان المدير يرتب لنا أمر أقامتنا دخل علينا شاب عشريني وبعد أن سلم مدير الفندق مفاتيح قام بتحيتنا أنا ومديري ودعانا لندوة مهمة جدا علي حد تعبيره تقام مساء ذات اليوم بالمدينة ، سألته عن القائمين بأمر الندوة اجابني : منبر السلام العادل واردف أها بتجونا ؟ اجبته بصوت عالي : لا ما بنتشرف والله ... صدم الشاب وبان عليه الضيق وجلس في كرسي مواجه لي وسألني ممكن اتناقشك معاك شوية ، اجبته بنعم ... سألني عدد من الاسئلة ، اوردها لك عزيزي القارئ ومعها كل اجابة مني . س : أنت سوداني ؟ ج : نعم . س : أنت موش ود عرب ؟ ج : انا سوداني دي كفاية ود عرب دي شنو كمان . س : شكلك ود عرب ، أنت موش مسلم ؟ ج : نعم مسلم . س : طيب أنت عارف أنو الجماعة ديل لو ما أنفصلوا الجيش دا ، جيشنا دا ح يكون أكتر من نصه منهم ما مننا ؟ ج : والله ما عارف عدد قواتهم لكن أها يعني شنو ؟ وابتسم الشاب ابسامة بلهاء واعتقد انه قد امسك بزمام الامور والنقاش وانه لا محالة منتصر واستعدل في جلسته وبدأ موجهاً حديثه لنا كلنا ( يا جماعة لمن الجيش يكون منهم معناتها السلطة ح تكون في يدهم وبكدا البلد دي ما ح يكون فيها شريعة أسلامية ، عشان كده نحن عايزنهم يطيروا ونبقي نحن بلد عربي مسلم مائة في المائة ) أنتهي وعلقت عليه باختصار ( أنا مع الوحدة وعايز العاصمة تكون جوبا ما الخرطوم ، والسودان شماله ما عربي ولا أي حاجة وكمان فيه ديانات تانية غير الاسلام وأنا عايز الدين يقيف في مسافة متساوية من كل الاديان وأنت والطيب مصطفي ممكن عادي ترجعوا الجزيرة العربية لو متضايقين وشكراً ) .. عذراً للمقدمة الطويلة ولكنها ضرورية في فهم الانتباهة لسان حال منبر السلام العادل وخطها المنادي بعلو كعب القبائل من الاصول العربية ، وعنصرية الصحيفة لسان حال منبر السلام العادل لا تحتاج لاثبات فيمكنك عزيزي القارئ مطالعة اي عدد منها وستجد ذلك ، لذا لم اندهش للاعلان المشين المنشور بها والذي ( يتقاطع تماماً مع سياساتها الراسخة واخلاقياتها وادبياتها ) والأعلان يطلب بنات سودانيات بمواصفات محددة : عمر ، جمال ، لون ..... ولا اشك البتة انهم بنشر الاعلان قصدوا مع سبق الاصرار والترصد ارسال رسالة محددة مفادها أن الفتيات ذوات البشرة السوداء غير مرغوبات في العمل وفات عليهم أن في نشر الاعلان قوادة صريحة ناهيك عن التمييز السلبي لفئة من النساء ، ويبدو أنهم قد ادركوا فداحة الأمر فنشروا اعتذار مبررين ان النشر حدث لعدم الدقة وسهوا ، دعونا نتقبل الاعتذار ولكن كيف فات عليهم وهم احفاد الناطقين بالعربية أن كلمة يتقاطع المنشورة في الاعتذار ومعها التأكيد تماماً تعني (الأتفاق) ... هل تعتذر الانتباهة صحيفة العرب عن هذا الخطأ الفادح ؟ اقلاها في حق اللغة العربية . مقتبس من الأعلان ( وتؤكد الصحيفة أن الاعلان المذكور مر سهواً عبر غربال الصحيفة الدقيق وأنه يتقاطع تماماً مع سياساتها الراسخة وأخلاقياتها وادبياتها ) الناس ديل كانوا ما بعرفوا عربي ما بعرفوا الخطوط المتوازية والخطوط المتقاطعة في الرياضيات ؟ بالمناسبة الصحيفة دي فيها كلمات متقاطعة ؟ لو فيها ينادوا الموظفين كلهم ويقول ليهم الكلمات المتقاطعة يعني المشتركة في حروف. [email protected]