فى السادس والعشرين من شهر مارس من العام 2000 إنتقل ألى جوار ربه الأخ العزيز الفريق الركن عاكف يس خاطر بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء مقرونة بحسن الخلق والأمانة والنزاهة وطيب المعشر. داهمت الفقيد نوبة قلبية وهو فى طريقه خارجاً من المسجد بعد أداء الصلاة. ذلك المسجد الذى قام بالإشراف على بنائه من الأساس حتى الإفتتاح بتكليف من لجنة الحى بشارع السيد على ببيت المال فكان أهلاً لهذا التكليف فنذر له نفسه وبذل فيه جهداً عظيماً. الفريق عاكف من خريجى الكلية الدفعة التاسعة وقد عمل فى مختلف أنحاء السودان فكان مثالاً للإنضباط وجودة الأداء وحميمية العلاقات الإجتماعية مما أكسبه حب وتقدير جميع أهل المناطق التى عمل بها. كان الفقيد مرجعاً للقوات المسلحة فى شئون التنظيم والتسليح وإدارة العمليات وما أظهره من كفاءة واقتدار أثناء عمله بأفرع القيادة العامة مديراً لفرع التنظيم والتسليح ثم مديراً لفرع العمليات الحربية. لقد توّج الفريق عاكف التأهيل العالى الذى تحصّل عليه داخلياُ وخارجياً بنيله لزمالة أكاديمية ناصر العليا فى شئون الحرب والدفاع بمرتبة الإمتياز ممّا أهله ليكون أول ضابط أجنبى يعترف له المصريون بهذا الإنجاز العظيم ويطلبون بإلحاح على مستوى رأس الدولة لينضم كمعلم بالأكاديمية متخطياٍ بجدارة مفهوم الدونية التى كان الأخوة المصريون ينظرون بها إلى من سواهم خاصة من السودانيين فكان وجهاً مشرقاً ومشرّفاً لبلاده. عاد الفقيد من فترة إنتدابه بمصر ليتسنّم منصب نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات مترقياً لرتبة الفريق فبذل جهداً خارقاً لترقية العمل ورفع الكفاءة القتالية وإعداد القوات وتخطى الصعاب مما أثار حفيظة الحاقدين والحاسدين وأعداء النجاح وعلى رأسهم رئيس هيئة الأركان آنذاك الفريق أول عبد الرحمن سوار الذهب فوشى به لدى الرئيس المخلوع جعفر نميرى فأحاله إلى التقاعد الإجباري!! لقد كان للفريق الركن عاكف من سعة الأفق وحسن الإدراك والكفاءة العسكرية والخبرة الممتازة ما يؤهله لتبوؤ منصب رئاسة هيئة الأركان وقيادة القوات المسلحة بإقتدار. على الرغم من المناصب التى تبوأها الفريق الفقيد والتى تمنحه العديد من الإمتيازات فقد ظل طيلة فترة خدمته بالعاصمة متمسكاً بالسكن فى منزل أسرته كعامة المواطنين بحى بيت المال. فلم يسكن قط بمنزل حكومى ولم يستخدم عربة حكومة ولم تمتد يده للمال العام ولم يستغل النفوذ ولم يعرف عنه سوء إستغلال السلطة. لقد نذر الراحل حياته كلها لأسرته الكبيرة ولشقيقاته وأبنائهم فكان لهم نعم الأب والأخ والصديق. وقد كان محباً لفعل الخير ينفق بيمينه ما لا تعلمه شماله ودون منًّ ولا أذى. لقد عاشرنا الفقيدعقوداَ من الزمان فكان نعم الأخ الصديق الصادق الوفى , دماثة فى الخلق ,حلاوة فى اللسان, فكاهة فى الحديث , هدؤاً فى النقاش, طيباً فى المعشر وإصلاحاً بين الناس. إننا لنشهد أن راحلنا العزيز لم يخضع يوماً لإغراءات المناصب فعاش بسيطاً متواضعاً مع الناس نبيلاً فى خلقه ، ناكراً لذاته، رقيقاً فى طبعه وصادقاً فى عواطفه. عزيزنا الراحل إننا نفتقدك كثيراً وسنظل نفتقدك ونحمل لك فى وجداننا جميل ذكراك الطيبة ونقول لك ما قيل: سقى الله أرضاً قدغدت لك منزلاً بكل سكوب هاطل الوبل مغدق اللهم هذا هو عبدك عاكف قد خرج هن روح النيا وسعتها ومحبيه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلاّ أنت وأنّ محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به. اللهم جازه بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا . اللهمّ نوّر مرقده وعطّر مشهده وطيّب مضجعه وآنس وحشته ونفّس كربته وقه عذاب القبر وفتنته وإنا لله وإنا إليه راجعون...... [email protected]