صلاح خريج لغة إنجليزية، وبعد التخرج التحق ببائعي الليمون، والنبق، واللالوب، والأكياس، والمناديل، ووقف عند إشارات المرور، وحام في الأسواق المركزية، والمحلية، وغير المحلية، وموقف كركر، وموقف جاكسون، ومر بكل المواقف المحرجة، وغير المحرجة، ومارس رياضة الجري ورا الدرداقات، وقام بتنظيف البصل، وتكويم البطاطس، وتقسيم البرتقال والقريب فروت في سوق الخضار، وبيع الخضار بالبكاسي، فقد حباه الله بصوت جميل، فهو يتلاعب بصوته الرخيم ويمر بكل مراحل الصوت من السوبرانو والتينور والآلتو إلى أعلى القرار، اتجه بهمته العالية تلك إلى المساهمة في تنظيف السمك، ورمي الطعمية، واللقيمات وما إلى ذلك. ذات يوم وهو في غمرة هذه الأشياء العجيبة تفتق ذهنه عن فكرة جهنمية، ألا وهي كيف جاز له أن لا يستغل اللغة الإنجليزية في مشروعاته واستثماراته الفاشلة هذه، نعم .. بدأ يدردش مع أبناء الحي عن المدارس والمدرسين وبدأ يتلمس مستوى اللغة الإنجليزية في المدارس من خلال مسحه ذلك وصل إلى معرفة أن هنالك مدرسة ما عندهم مدرس لغة إنجليزية .. فوراً اتجه إلى تلك المدرسة بخطاً واثقة متقمصاً الدور، وقابل مدير المدرسة والذي رحب به أيما ترحيب فقد وقع ليهو في جرح، وقد ذكر له أنه منقول من ولاية أخرى، وأن ملفه لسه ما وصل الوزارة. المهم لم يهتم المدير بذلك كثيراً، وقدمه لهيئة التدريس وذكر أنه منقول من مدرسة أخرى ليساهم في حل مشكلة عدم وجود مدرس لغة إنجليزية بالمدرسة، المهم صاحبنا تولى زمام الأمر، وقام بدوره على أكمل وجه، وعند نهاية أول شهر بدأ المدير في جمع مبالغ من المدرسين مذكراً إياهم بأن زميلهم آخر صرفيتو لسة ما جات، وأن الوزارة لم ترسل لهم ملفه حتى الآن، المهم كان المبلغ محترماً، واستمرت الحكاية دي شهرين تلاتة، وفي الشهر الرابع جاء موعد الامتحانات، ووضعه المدير في كشف المراقبين مراعياً لظروفه، وانتهت الامتحانات ورشحه المدير مرة أخرى لتصحيح الامتحانات، وهناك حدثت المفاجأة .. فقد قابل الأستاذ كمال الدين والذي سأله: بتعمل شنو هنا؟ وطبعاً هو عارف إن الأستاذ صلاح بياع خضار؟ قال له: بعمل الشاي للجماعة ديل؟ .. بتعمل الشاي ممكن، أنا قايلك شغال في التصحيح، تصحيح شنو ياخي. حينها انسحب تماماً وعاد إلى ما كان يمارسه من قبل، في انتظار عوض صديق ليضمه إلى نجوم الغد. محمد عبد الرحمن محمود [email protected]