منذ فجر التاريخ كان ولا يزال الجنوب بالنسبة للمصريين مصدر مخافة وأعني بالجنوب كل بلاد السودان الممتدة جنوبا من أسوان الحالية وحتي شمال خط الاستواء والمحازية للبحر وحتي أواسط شاد الحالية وقد نشأة عدة ممالك ودول في التاريخ القديم والحديث للمنطقة ولم يذكر لنا المؤرخون أن جيشا من الشمال انتصر علي جيش من لجنوب وحتي العرب والمسلمون لم يتمكنوا من دخول بلاد النوبة وعقدوا صلحا ورجعوا . لكن الجنوب غذا الشمال كثيرا وأشهرها في التاريخ القديم غذوة الملك باعنخي ملك النوبة العظيم والذي برر غذوه للمصريين قائلا بلغني أنكم تسيئون معاملة الخيل. وفي التاريخ الحديث تآمر المصريون علي بلاد السودان واستعمروه فيما يعرف بحقبة العهد التركي المصري ثم الحكم اثنائي الالانجليذي المصري . ولم تتغيير السياسة المصرية تجاه السودان بعد خروج المستعمر وكانت ولا تزال تراه بمثابة حديقتها الخلفية وعمقها الامني وامتدادها الجغرافي كما تري احقيتها في الاستنفاع بكل موارده ومخزونه الاستراتيجي من مياه وثروات وتستمد هذه الاحقية بإسم العروبة والاسلام والجغرافيا والتاريخ المشترك . لكن كل هذه الدعاوي من عروبة واسلام وغيره لم تقدم للسودان الحالي غير الخزلان وخيبة الرجاء فمنذ ان نال السودان إستقلاله وحتي تاريخ اليوم لم يقدم العرب والمسلمون للسودان دعما يذكر وكان يمكن أن ينعم الجميع بخيراته الوفيرة لو أنا المال العربي استثمر في السودان عشر ما يستثمره في الغرب . ومصر العروبة في تاريخنا الحديث كانت دوما تقف الي الجانب المعادي للسودان والخازل له في المحافل الولية . وقد بلغ قمة إستعلائها واستخفافها بالسودان أرضا وشعبا إحتلالها لمناطق عدة علي حدودنا أشهرها مثلث حلايب وقد ظلت السياسة المصرية سياسة عدائية تجاه السودان علي الاقل منذ ذهاب نظام مايو ولم يشفع لنا أننا هجرنا أهلنا ومواطنينا من وادي حلفا ليشرب المصريون وتروي اراضيهم الزراعية ولم تشفع لنا وقفتنا معهم في حرب التحرير ضد إسرائيل ولا تواصلنا معهم ابان القطيعة العربية لمصر بعد توقيع سلام إتفاقية كامديفد. واليوم تاتي زيارة الرئيس المصري للسودان ليطمئن ان السودان لم يتغيير تجاه مصر وليس لإقامة مشاريع تنموية ولا غيره وستثبت الايام ما ذهبنا اليه والتاريخ القريب شاهد علي ذلك فقد ظللنا نعقد الاتفاقيات تلو الاخري مع مصر ولم نشاهد علي أرض الواقع شيئا ملموسا . ولو كان هنالك تغيرا في سياسة مصر تجاه السودان لقا الرئيس الحالي بقرار شجاع بسحب قواته من جميع أراضينا وذلك احقاقا للحق وتوضيحا عمليا لان العلاقة اكبر من التحدد بحدود من صنع المستعمر ولكن مصر تأخذ دائما ولا تقدم للسودان شيئا. وإنني كلما أدرس العلاقة بيننا ومصر أحث بقبن شديد فنحن نحب أرض الكنانة وقد نهلنا من علمها ومعرفتها وتأثرنا بمفكريها وادبائها وفنها . وتصاهرنا معهم وحاربنا معهم واعترناها مرجعيتا في كثير من الامور وتخطئ في حقنا دوما ومتي ما عادت كنا نرحب بها اما الان لم يعد في كأس صبرنا من بقية وقد تواثقنا جميعا شعبا ونخبة أن لا تنازل عن حلائب ولا عن أي شبر من ارض وطننا لكائن من كان ولن تكون هنالك علاقات حميمة مهما بزلت الحكومة من تنازلات لان الشعب قال كلمته في شقيقة بلادي. فقد احبطتنا هذه الزيارة وكنا نتوقع من هذا الذي يوصينا أن لا نشتغل بسفاسف الامور ويقول ان الارض لله كنا نتوقع ان يعتزر ويسحب جيشه ويعوض . لا ان يمنح مزيدا من الاراضي والتنازلاتوإلا ما الفرق بين محمد العلماني ومحمد الاسلامي اذا مازالت العلاقة تحكمها الاهواء والمصلحة الاحادية . لنا عودة [email protected]