بسم الله الرحمن الرحيم في الذكرى الثالثة لرحيل والدتي رحمها الله تعود بي الذكرى إلى يوم إستلامي خطاب ترشيحي بالداخل لنيل درجة الدكتوراة والفرحة التي غمرتها حينها فقد كانت إحدى رائدات التعليم اللائي ناضلن لأجل المرأة وإنتزاع حقوقها؛ وبدأت رحلة المعاناة وتكبد المشاق فقد زادت أعبائي لا سيما و أن مجالي التطبيقي يتطلب إجراء تجارب حقلية في قرية تبعد كيلومترات مما يتطلب ذهابي وإيابي عدة مرات خلال الإسبوع وكلما زادت التجارب تعقيداً زادت الضغوط على حساب تواصلي مع الوالدين فقد قلت زياراتي إليهما ولجأت للهاتف بديلاً وكنا نلتقي يوم الجمعة حينما يأتيان لزيارتي وأنا أخدر ضميري بأن أعوضهما عن غيابي وتقصيري. عام وراء عام تمضي عجلة الحياة في تفاصيل التجارب الحقلية وتحليل العينات بالعاصمة واللهث من وإلى إدارة التدريب للتكرم بتسديد الأقساط الدراسية ولا أملك للوالدين سوى المزيد من الأعذار رغم عدم تذمرهما يوماً. وأخيراً حصلت على الدرجة العلمية وكان نصيب الوالدين إهداء يتصدر الإطروحة! ولكنه إهداء إلى روحيهما الطاهرتين فقد رحلا ولم أعوضهما عن تقصيري في حقهما رحلا ومعهما رحلت فرحتي رحلا إلى حيث لا درجات علمية سوى العمل الصالح ورضاء الوالدين رحلا وقد قصرت في حقهما لأجل ترقية حصلت عليها بعد إحدى عشر عاماً رحلا وقد زاد راتبي 50 دولاراً يا (ربيع عبدالعاطي)! رحلا وقد مضت أربعة عشر شهراً ولم أحصل بعد على ماتبقى من فرق الترقية رحلا وأنا أعود أدراجي بعد المحاضرة لأني لا مكتب لي رحلا وما تبقى من المليون ميل يفقد كل يوم المئات من حاملي الدرجات العلمية الرفيعة بحثاً عن وضع أفضل بدول المهجر رحلا وصانعي القرار في بلادي يدعون بأن هذه الأعداد من العقول المهاجرة لا تشكل هاجساً لأنهم يعوضون الفاقد بالشباب الذين قامت على أكتافهم الثورة !!!! وقد آن الأوان لمكافأتهم ولو كانوا بدرجة جيد أو مقبول؟ رحلا وأنا أدعو الله أن يسامحاني فقد قصرت فيمن يستحق لأجل ما لا يستحق. د. هند عبدالرحمن صالح الطاهر [email protected]