هناك مثل شعبي مصري يقول: «ما قدرش على الحمار إتشطر على البردعة» ويضرب المثل على من يعجز عن فعل شيء أساسي فينصرف عنه إلى ما دونه، ويقابل هذا المثل المصري آخر سوداني فحواه «غلبتو مرتو أدب حماتو» والمعنى واضح للمتزوجين، أما لغير المتزوجين فشرح المثل المصري يؤدي الغرض، ومؤداه أن فلاحاً كان يملك حماراً جموحاً شرساً وعدوانياً وكان إذا أراد معاقبة هذا الحمار على حردانه أو أي خطأ آخر وتفادياً لردود فعله الهوجاء التي قد تكلفه حياته برفسة قوية تطرحه بلا حراك، يلجأ إلى إخافة الحمار أو معاقبته بأن ينهال بعصاه أو سوطه على البردعة فيوسعها ضرباً «والجات من الحمار تتحملها البردعة»، وكان قدماء العرب يقولون في مادة بردعة «إبرندع الرجل للأمر إبرنداعاً» أي تهيأ له واستعد، والبردعة لمن وصفهم أحد أعضاء البرلمان بأنهم يحفظون عن ظهر قلب أسماء لعيبة كرة القدم العالميين ولا يعرفون شيئاً عن رموزهم السياسية والوطنية، هي تلك الحشية المحشوة قطناً أو أي مادة طرية أخرى وتوضع على ظهر الدابة لتكون وسيطاً بين إليتي الراكب والعمود الفقري للدابة لجعل عملية الركوب سهلة ومريحة وربما لتقيه من داء البواسير، ولكن ما مناسبة ذكر كل هؤلاء من همباتة وحواتة وبردعة وحمار وزوجة وحماة،. مهلاً سنأتي على ذكرها لاحقاً، ودعونا الآن نقص عليكم هذه الحكاية التي تعكس حجم الهوة السحيقة التي تفصل الأجيال الطالعة عن تاريخ بلدهم القريب ورموزها الوطنية ما قبل الاستقلال وما بعده... حكى زميلنا المدقق اللغوي جعفر أحمد البشير ذات «ونسة» جمعت بعض العاملين بالصحيفة، أن ناشر ورئيس تحرير مشهور وكاتب فطحل أهمّته هذه الفجوة المعرفية والجهل بتاريخ البلد الحديث دعك عن القديم والموغل في القدم، فآل على نفسه الاشتغال على هذه الهوة لردمها بتعريف هذه الأجيال بذاك التاريخ وتلك الرموز، فأوكل لبعض محرريه من ناشئة الصحافة القيام بهذه المهمة بعد أن زودهم بجملة من النصائح والمحاور وقائمة ببعض أسماء هذه الرموز ودليل تلفونات لتسهيل مهمة الاتصال بذويهم، تقاسم المحررون القائمة وكان الرمز محمد أحمد المحجوب الوزير ورئيس الوزراء الأسبق والشاعر والأديب والسياسي والمهندس والقانوني الضليع رحمه الله من نصيب إحداهن ويا لها من «نصيبة»، أدارت هذه الغشيمة أرقام التلفون، رد عليها من الطرف الآخر صوت ذكوري غليظ، قالت لا فض فوهها «ألو ممكن أكلم الأستاذ محمد أحمد محجوب»، فتأمل وتعجب!!... الشاهد في المثل والحكاية أن بعض أعضاء البرلمان تركوا كل شيء وتفرغوا لشن الهجوم الكاسح على الحوتيين «الحوّاتة» وهم أنصار ومعجبي الحوت الفنان الفلتة محمود عبد العزيز رحمه الله، والسلفيين والشيعة من الشباب، مستنكرين ما هم عليه من حال، ناعتين شباب اليوم بأنهم ذوي إهتمامات ضحلة وفارغة ومقدودة، يحفظون أسماء الفنانين والفنانات العرب ولاعبي كرة القدم من أمثال لطيفة واليسا ونانسي وميسي ورونالدو وأدريانو ولا يعرفون شيء عن قياداتهم ورموزهم الوطنية والسياسية، ولا أعرف من يلوم البرلمان على هذا الحال قبل أن يلوم نفسه، فهو بواقع حاله وممارسته جزء من الأزمة التي أفرزت هذا المآل، ولن يكون جزءاً من الحل إلا إذا أخذ النيابة بحقها وتصدى لمهامه الأساسية، بكل حزمٍ وعزم ووضع حداً لكثير من التشوهات والتخبطات والخبطات والخروقات، فاذا قدر على ذلك حينها ستكون قضية الحوّاتة مقدور عليها... الصحافة