إن الأمة السودانية تحتفظ برغم الظروف القاهرة والأجواء السياسية التي فرضت شيوع ثقافة «فوبيا كراهية الآخر»، هذه الامة مازالت تحتفظ بإرث إنساني عظيم يتسامى فوق الصراعات ويسبح عكس تيار الظلاميين، وينطبق عليها قول الشاعر «البحتري» المعبر عن وجدان الأمة: وفرسان هيجاء تجيش صدورها بأحقادها حتى تضيق دروعها تقتل من وتر أعز نفوسها عليها بأيدي ما تكاد تطيعها إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها وما يؤكد صدقية هذا الشعور الانساني النبيل هو ما تناقلته الاسافير عن ردود الافعال من قيادات هذه الامة تجاه ما جرى قبل أيام في منطقة «أبيي» المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، ومقتل رجال من اهل السودان الشمالي والجنوبي ذوي تأثير كبير وحضور دافق في وجدانات الأمة السودانية قبل وبعد الانفصال الماحق، لقد تناقلت الأنباء أحاديث كثيرة عشية مقتل السلطان كوال دينق سلطان قبيلة دينكا نقوك بأبيي، أحاديث يصب بعضها باتجاه تصعيد النزاع واخرى تعبر بصدق عن حقيقة تماسك الوجدان السوداني وتساميه فوق الأزمات، وهي كلام صالح سطره قلم الاخ مبارك الفاضل، ويشرفنا ان نفرد له بعضاً من الاسطر عسى ولعل يفشل مخطط تفجير القتال بين اهلنا المسيرية واصهارهم من دينكا نقوك في منطقة أبيي. كتب الاخ مبارك يقول: «لقد فجعنا بنبأ اغتيال السلطان كوال دينق مجوك كوال سلطان قبيلة دينكا نقوك بأبيي، بأيدي الغدر الآثم، وهو في طريق عودته مع قائد قوة السلام الإثيوبية من اجتماع مشترك مع وفد يمثل المؤتمر الوطني. لقد فقد السودان الكبير برحيله زعيماً وطنياً وابناً باراً من ابنائه ظل يعمل من اجل السلام والتعايش الأخوي مع قبيلة المسيرية وسائر القبائل على خط التمازج بين الشمال والجنوب، سائراً على درب والده الراحل العظيم الناظر دينق مجوك الذي أرسى دعائم التمازج والأخوة في الوطن في هذه المنطقة الحيوية الواصلة بين الشمال والجنوب من قبل استقلال السودان، وعلى درب جده السلطان كوال أروب الذي قاتل المستعمر مع الإمام المهدي وساهم في تأسيس الدولة السودانية. إننا إذ ندين بشدة هذا الاغتيال الجبان لرجال أعزل في مهمة سلمية، نطالب بمحاسبة الجناة والمحرضين على هذه الجريمة الشنعاء. ونهيب بأهلنا من قبيلة المسيرية أن يطهروا صفوفهم من ضعاف النفوس والمرتزقة الذين يسعون بالفتنة بينهم وبين إخوانهم من قبيلة الدينكا نقوك في أبيي من أجل مآرب حزبية ومادية ضيقة، ونناشدهم الحرص على السلام الأهلي في المنطقة مع أهلهم وجيرانهم من قبيلة الدينكا ببطونها المتعددة، لأن مصلحة القبيلة والوطن تلتقيان في بناء جسور التواصل والتمازج الأهلي والتنمية الاقتصادية بين دولتي السودان. إننا إذ نترحم على أرواح شهدائنا الناظر كوال ومعاونيه، نطالب بتحقيق دولي حول هذه الجريمة النكراء، ونناشد أهلنا المسيرية إدانة هذا الاغتيال وتبرئة القبيلة من دم الناظر ومعاونيه بالتعاون في كشف وتسليم الجناة، فلم يعرف عن المسيرية الأشاوس الغدر وهم الفرسان الذين قاتلوا مع الإمام المهدي، فالغدر شيمة الجبناء. ونتقدم بتعازينا القلبية الحارة إلى أسرة المرحوم الناظر كوال ممثلة في أبنائه وإخوانه دكتور فرانسيس دينق، الفريق بيانق دينق، وزكريا دينق مجوك وعلي دينق ولوكا بيونغ والسفير أروب، وابناء عمومته وعلى رأسهم الوزير دينق ألور كوال وأصهاره وعلى رأسهم الأخ ياسر سعيد عرمان». الصحافة