عندما كنت صغيراً ... هه وجميلاً كنت أحيا بإهتمام الجميع بي,قبلات الجميلات وأكواب الحليب. لم يضايقني جهلي بالعديد من الأشياء,ولا تلك الرموز الهيروغليفية والتي يقولون أنها كيفية كتابة إسمي على الورق.ما كان يضايقني هو ظهور إمرأة مجهولة من كل حينٍ لآخر وهي تهتف بحماس: هَي يا حناني ... تعال أسلم عليك. وقبل أن تصدر مني بنت شفة,أو أي إعلان عن الموافقة أو الرفض إذ بقوة عنيفة تعتصر وجهي وضلوعي, وفي أحيانٍ أُخر, بعض أطرافي.وما إن تصدر زفرة الخلاص حتى كنتُ أكتشف أن هنالك جلسة مساج أخرى من إمرأة من فئة المجهولين لدي,وهي تهتف بحماس أكبر: تعال لي أنا حبوبتك ... تعال أشُمك ! في دواخلي كنت أُزمجر: (ياخي أنا داير أكبر عشان ما اتباس ولا أتشم .. أنا ما فتيل ) لا الممانعة تجدي,ولا البكاء يجدي ! وحده الإذعان ! ... إلى أن كبِرت. توقفت خدمات المساج والشم والقبلات المُعدية و غيرها, ولكن كَبُر معي (البعاتي),(ود أم بعلو),(الدودو) وغيرهم من هادمي اللذات ومفرقي الجماعات.حقيقةً لم أخشى المذكورين آنفاً لفترة طويلة ,فسرعان ما ساعدني برنامج محوالأمية و بإحلال أسماء مُحترمة كالجن والعفاريت وشخصيات أُخرى أجدر بالمهابة.ولكن للأسف غيري ما زالوا يخشون.. وأطفالنا ما زالوا يسمعون نفس الأحاجي والخُرافات. ما أجمل أن نُربي أطفالنا على الترغيب والتحفيز والمنع عند الضرورة,بدلاً عن زرع الشك والمخاوف في مخيلاتهم .وإن لم يكن هنالك مفرمن التخويف,فالمسيح الدجال وإبليس أولى بأخذ أدوار البطولة في أحاجينا. د. هوازن عباس [email protected]