بسم الله الرحمن الرحيم قبيلة بلي ........ وعروبة البجه (2 -3) قبيلة (بلي ) في كتاب السودان الوعي بالذات وتأصيل الهوية للدكتور – احمد اليأس حسين . نبدأ من حيث انتهي المقال السابق ( بنص ابن بطوطة الذي مره بالمنطقة عام (732ه -1333م ) قال : ثم ركبت البحر بعد ذلك من ( جده ) في صنبوق برسم عيزاب فردتنا الرياح إلي جبل يعرف باسم دواير وسافرنا منه في البر مع البجاة ، ووردنا ماءا كثيرة النعام والغزلان ( فيها عرب جهينة وبني كاهل وطاعتهم للبجاة ) ووردنا ماءا يعرف بمفرور وماءا يعرف بالجديد ، ونفذ زادنا واشترينا من قوم من البجاة وجدناهم بالفلاة أغناما وتزودنا لحومها وبعد مسيرة تسعه أيام من رأس دواير وصلنا عيزاب ... واكترنا الجمال وخرجنا صحبه طائفة من عرب دغيم ... ووصلنا إلي قرية العطواني وهي علي ضفة النيل مقابلة لمدينة ادفو من الصعيد الاعلي ( انتهي ابن بطوطة ) . نفس المصدر يقول ( وقد ذكر كل من المقريزي – الذي لم يوضح مصدره والقلقشندى الذي نقل عن الحمداني ( توفي نحو 670 – 1271م ) اسم إحدى عشرة بطنا لبلي في منطقة مابين أسيوط واخميم ، وفصل القلقشندى مناطق استقرار كل بطن علي النيل مما يوضح إن بلي كانت بصورة عامة قد استقرت علي النيل وارتبطت بالارض والزراعة . قبيلة جهينة : - ويقول ( جهينة قبيلة عظيمة فيها بطون كثيرة ، وكما يقول المقريزي والقلقشندى هي أكثر عرب الصعيد وهي من أوائل القبائل العربية التي دخلت مصر ، وعندما خرجت من اشمون للقرشيين استقرت بجوار بلي في منطقة اخميم علي النيل ، كما شاركت جهينة القبائل العربية الاخري ( 9م ) بالعمل في ارض المعادن وعلي العكس من بلي ، فقد ورد تواجد جهينة في الصحراء شرق النيل كما يتضح من نصب ابن بطوطة الذي مر بالمنطقة . المصدر يتضح أن البجة كانوا تحت إدارة مستقلة أو شبة مستقلة سواء علي المماليك في مصر او مملكة المقرة رغم ان المماليك قد اقاروا علي سواكن وأخضعوها إلي سلطانهم عام ( 664- 1265م) وعام ( 716- 1316 م ) كما ذكر النويري ، هدث هذا بعد إسلام ملوك مملكة المقرة ، فسلطة البجة كانت قوية ومستقلة لدرجة كانت القبائل العربية المتجولة في المنطقة مثل جهينة وبني كاهل تحت حكمهم . كان البجه يسيطرون ويحمون طرق التجارة من حاضرتهم سواكن والاماكن الواقعة إلي الجنوب والشمال منها ، ويبدوا ان أمراء مكةوجدة سعيا وراء امن وسلامة الطرق التجارية ..... وقد تصاهروا مع البجه فقد كان سلطان جزيرة سواكن حين وصولها ابن بطوطة كما ذكر ( الشريف زيد بن ابي نمي ، وابوه امير مكة واخواه أميرها بعده .... وصارت إليه من قبل البجاة ، فانهم اخواله ومعه عسكر من البجاة وبني كاهل وعرب جهينة ، وكان اختلاط أولاد كاهل بالبجه قويا بحيث يتحدثون لغة البجه كما قال ابن بطوطة ( بني كاهل مختلطين بالبجاة عارفين بلسانهم ) . فابن بطوطة في تجواله من جنوبسواكن وحتي مدينة ادفو علي النيل في صعيد مصر وجد جهينة وبني كاهل فقط في منطقة البجه ، واكتري جمال من غرب دغيم ليصل إلي ادفو ، وذكر ابن الفرات ( ت 807 – 1205م) في كتاب حوادث سنه ( 680- 82م) إن عربان جهينة ورفاعة تقاتلوا في صحراء عيزاب فكتب السلطان الظاهر بيبرس إلي حاكم أسوان ليصلح بينهم من اجل سلامة الطريق . وقد أورد ابن خلدون بعض المعلومات عن قبيلتي بلي وجهينة يبدوا فيهما كثير من الخلل والاضطراب ، وربما رجع السبب في ذلك إلي بعض الأخطاء في النقل ، وأيضا إلي بعض أحكام ابن خلدون العامة عن النوبة والعرب توحي بان معرفة ابن خلدون بما جري في المنطقة لم تكتب دقيقة مع العلم بأنه عاش في مصر وعاصر بعض الإحداث التي أعقبت إسلام ملوك مملكة النقرة فقد توفي في مصر عام ( 808 – 1406م) . قال ابن خلدون وبالصعيد الاعلي من أسوان وما وراءها من ارض النوبة إلي بلاد الحبشة ( البحر الأحمر ) قبائل متعددة متفرقة كلهم ، وزاحموا الحبشة والبحر الأحمر ) في بلادهم وشاركوهم في إطرافها ، والذين يلون أسوان يعرفون بأولاد الكنز . وقد اتضح مما ذكر أعلاه ان عرب جهينة كانوا علي اتصال بالبجه ، وكانت هنالك قبائل عربية تشاركهم الحياة في تلك المناطق ، وكانوا تحت حكم البجه بشهادة ابن بطوطة ، غير ان عرب جهينة لم يشاركوا في الغزوات التي شنوها المماليك علي مملكة المقرة ، وإنها الحكم المسيحي في مملكة المقرة في بداية القرن الثامن الهجري (14م) وهي ابناء الكنز وبنو هلال وأولاد أبو بكر وأولاد عمر وأولاد شريف وأولاد شيبان . ولو افترضنا ان ماذكره ابن خلدون عن هيمنة أفراد قبيلة قضاعة علي المنطقة من دنقلا وحتي البحر ( بلاد الحبشة كما عبر ابن خلدون ) فان ذلك لايجد أيضا مايدعمه لان القبائل التي هيمنة علي الإحداث مابين دنقلا غربا وعيزاب وسواكن شرقا في النصف الأخير من القرن الثامن الهجري . أي عندما كان ابن خلدون عائشا في مصر وكتب تاريخه - هم ابناء الكنز من ربيعة والعكارمة من الانصار وبنو جعد من لخم وبنو شيبان وأولاد عمر الذين رجحنا كونهم من قضاعة ولم تكن جهينة بين هذه القبائل ، كما لم تتعرض المصادر المعاصرة لتلك الأحداث التي كتبت عن قبيلة جهينة مثل كتب المقريزي والقلقشندى والأسيوطي لهيمنة وسيطرة قبيلة جهينة علي تلك المناطق ، أما ماورد في النص من إضافة أولاد كنز إلي قضاعة فواضح فيه تصفيف من الناقلين ، إذ من المعروف ان بني كنز لاينتمون إلي جهينة . المصدر – ومن المعروف ان بلي وجهينة عبرت من موطنها في شبه الجزيرة العربية إلي مصر أبان تحركات العرب المبكرة التي عاصرت دخول العرب المبكر إلي مصر ، ولم يذكر ابن خلدون أو غيره من المؤرخين والنسابة عبور لاحق لقبيلتي بلي وجهينة في القرون اللاحقة واستقرارهم في الصحراء الشرقية والقيام بما ذكره ابن خلدون من توسعات أو حروب . وكما سبق ان أوضحنا لم تشير المصادر قط إلي اشتراك جهينة في غزو النوبة أو مصاهرة الأسرة الحاكمة أو المشاركة في الإحداث التي تلت إسلام ملوك مملكة المقرة ، بل حدث ذلك من قبيلتي بني الكنز وهم من ربيعة وبني جعد وهم من لخم ولم يكون لجهينة أي حضور في ذلك ، ثم ان ملوك النوبة بعد إسلامهم كانوا ليزالون علي عرش المقرة عندما كتب ابن خلدون تاريخه في مصر . محمدين عيسي هلال بور تسودان / ديم عرب [email protected] نواصل .........