تغولت ظاهرة مؤسفة في جميع مفاصلنا الحياتية و جاري سريانها على نحو منظم في كامل جسد الدولة تقريبا حتى وصل الامر بإحدى المنظمات الدولية الكبرى في مجال رصد اوجه الفساد في العالم ان تعتبر ما يجري من فساد بمثابة اكبر كارثة فساد علي الاطلاق ان مفهوم الفساد هنا لا يشمل مجرد الفساد بمعنى المبتز والمختلس والسارق للمال وأسباب التبديد وهدر الموارد أن الفساد المالي هو جزء يسير يراد به ايضا مظاهر الفساد الاداري التي تضع الشخص في غير موضعه وكذلك تتضمن كلمة الفساد موارد عدم الاقدام على فضح ومحاسبة الفساد والمفسدين مع وجود القدرة على ذلك اما خوفا من سطوة الفاسدين او محاباتها لقد تضافرت ثلاث أسباب قوية في السنوات الاخيرة من اجل جعل صورة الفساد لدينا على ما هي من قتامة وحجم مهول تستحق به ان تحوز لقب المؤسسة الفساد المنظم بل جعل منها كاحد روافد الحياة العامة وجزء أصيل من تعاملات الخاص مع العام والمواطن مع المسئوؤل لا ندري ما هي المؤسسة التي تقرر ذلك وما ذا تفعل وتنجز ما تريد أن تصل اليه باقل جهد واسرع وقت و بأقل أنفاق وهذه القوى التي اوصلت الفساد لدينا الى ما هو عليه كثر وللحقيقة فان دور هذه الحزب في استشراء ظاهرة الفساد في السودان ما يزال بعيدا عن دائرة الضوء الامر الذي يملي على المهتمين بتتبع هذه الظاهرة التركيز على هذا العنصر شديد القوة والغموض في آن واحد ثانيا فساد النخبة السياسية ليس المقصود من هذا العنوان ارادة التعميم على جميع افراد النخبة السياسية في السودان فلا ريب في وجود من تثير حفيظته كلمة الفساد ويخلو سجله من المخازي والعار الوطني هذه الكلمة بل المقصود من هذا العنوان العدد الاكبر ممن تصدوا لإدارة الدولة سواء عن طريق التعيين او الانتخاب ولم يعلنوا حتى هذه اللحظة الحرب الشاملة ضد الفاسدين والمفسدين بل ان فيهم من يسهم في خلق جو ملائم لازدهار الفساد في حين يفترض به ان يكون اداة للفتك بجراثيم هذه الافة فعلى مستوى البرلمان ما يزال اعضاءه ابعد ما يكونون عن وضع استراتيجية لمكافحة الفساد. وقد تابعنا منذ مدة ليست بالقصيرة وبأسى كبير مماطلة نيابية ومن دون تشريع نص قانوني بديل يعالج فكرة قانون لمحاربة هذا الفساد بقوة القانون وعلى مستوى الطاقم الحكومي فان المواطن العادي لم يلمس حتى الان جدية في تنفيذ الوعود الرسمية بشان معاقبة الفاسدين والمفسدين من الذين اعلنت اسماؤهم على الملا والتي لم تعلن الحكومة عن اسمائهم بعد، ما يشي بتحول قضايا الفساد الى مشاريع للمساومات والمقايضات السياسية اكثر منها جرائم تستدعي التحقيق والقصاص العادل اما بالنسبة للخطط والمعالجات الرسمية الرامية لمكافحة الفساد فإنها في مجملها تمثل حلولا وقتية ان لم نقل أن عنها حبوبا مهدئة سرعان ما ينتهي مفعولها لتبدأ عجلة الفساد بالدوران ثانية وتهين المواطن وتنهاك ميزانيته وتجعل من قيم الفساد هي الاعلي كما يحدث الان أن هنالك ثلاثة مستويات عليها أن تكون في مستوي المسئولية في الدفاع عن حرمة البلاد والعباد من الفساد والمستوى الاول هو يتمثل بالأجهزة الرسمية الرقابية كجهاز المراجع العام المربوط بالحكومة الاتحادية وتتمثل نقطة ارتكاز الفساد في مثل هذا الجهاز وغيره بكونه تابعا الى جهة قد تكون مرتبطة بالفساد قيد التفتيش والتحقيق مما قد يفقد هذا الجهاز الرقابي القابلية في غلب الاحيان القدرة على اشهار ما توصل اليه من فضائح مالية لاسباب سياسية وعلي الجانب الاخر يتمثل هذا الجانب بهيئة النزاهة العامة التي تقف مكشوفة الظهر امام اسلحة مؤسسة الفساد الفتاكة، الامر الذي يجعل منها في احسن الاحوال طرفا خاسرا ومستعدا للمهادنة دائما، فضلا عما يتردد عن سريان عدوى الفساد الى بعض اركان هذه المؤسسة ايضا اسوة بمؤسسات البلاد الاخرى ويمثل هذا امتحانا لنزاهة هذه المؤسسات ومدى اخلاصها في تقصي حالات الفساد لاسيما في نطاق كبار موظفي الدولة وفي المستوى الثالث: يتمثل هذا المستوى ببعض أجهزة الاعلام التي ينتهي بها الحال في اوقات كثيرة الى التفريط بحقوق المواطنين من اجل نيل فتات الفاسدين والمفسدين، او لكون بعض هذه المؤسسات قد تمثل اذرعا اعلامية لواجهات فاسدة. ويُعتقد الكل بانه العوامل الاساسية التي ادت الى تنامي قوة الفساد وتحوله الى مؤسسة قومية فاعلة، من المناسب التساؤل عن الطريقة التي ما من شانها ان تعيد الامور الى نصابها وتعالج ازمة الفساد ؟.يقول البعض ان الضمانة الاساسية لابعاد البلاد من براثن مؤسسة الفساد تكمن في تفعيل اجهزة الدولة الرقابية والارتقاء بعملها المؤسساتي لتصبح قادرة على تحطيم قواعد الفساد من جذورها وما مسالة الا خطوة موفقة على هذا الطريق. غير ان هناك من يشكك بقدرة الجهاز الرقابي بوجه عام في احراز هذه الاهداف ذات القيمة على صعيد الحرب مع الفساد ويقترح بديلا لذلك سلاحا لا تصمد بوجهه جميع قوى السياسيين النفعيين والوصوليين والموظفين الخائفين من اعلان الحقائق و من خلال اجهزة الاعلام انها قوة الشعب بشرط ان تنظم هذه القوي تنظيما جيدا يبتعد بها عن الصمت وجعل الكشف عن الفساد هو الهدف الاعظم وكذلك بداية لتأسيس مؤسسة عظيمة للنزاهة بحجم الوطن وحبنا له . زهير عثمان حمد [email protected]