كان الهلال بالأمس قاب قوسين أو أدنى من حصد نقاط مباراته أمام أهلي شندي. لكن أخطاء الجهاز الفني، سيما في الدقائق الأخيرة قلبت الأمور رأساً على عقب ليخرج الأزرق متأخراً بهدفين لهدف بعد أن كان متقدماً بهدفه الوحيد. أخرج أحمد آدم بويا بعد تدخله المتهور على لاعب أهلي شندي زكريا وربما تأثره نفسياً بعد ذلك بالإصابة البالغة التي تعرض لها زكريا. الفكرة بدت سليمة جداً من مدرب الهلال وقد أعجبتني لحظتها. لكن ما أن سألت صديقي ياسر عبد المنعم الذي تابعت معه اللقاء بمنزله عن هوية اللاعب البديل، تأكد لي أن أموراً كثيرة سوف تتغير. فعندما علمت أن ( الأشتر) إيكانغا هو اللاعب الذي يقف على خط التماس استعداداً للدخول عرفت أن عافية سوف يشركه في الوسط ويعيد ( التائه) خليفة للدفاع. وقد حدث ما توقعته وحدثت هزيمة الهلال في دقائق معدودة. ولو لا هذا التغيير لما تمكن فتية الفاتح النقر من تغيير النتيجة. بعد أن تغيرت الأمور وأتاح عافية بذلك التبديل غير الموفق الفرصة للأهلي شندي لقلب الموازيين، قلت لصديقي ياسر أن النقر سيخرج علينا صبيحة الغد فرحاً ومهللاً بفوز ساعدته فيه الظروف. وبالفعل طالعت اليوم تصريحات للنقر يقول فيها أنه عمل على إرهاق الضيوف خلال الشوط الأول وأنه كان يعلم بأن لياقة لاعبي الهلال لن تسعفهم في شوط اللعب الثاني.. الخ الأسطوانات المشروخة التي يشنف بها معظم المدربين السودانيين آذاننا كلما ساعدتهم الظروف في تحقيق فوز أو تعادل مع أحد ناديي القمة المزعومة. كلام فارغ المحتوى تماماً. فمن قال للنقر أن الهلال الذي يزعم بأنه عمل على إرهاق لاعبيه في الشوط الأول لن يسجل هدفاً ثانياً يؤمن به النتيجة؟! فلو ولجت كرة المخالفة التي نفذها مهند بصورة جيدة شباك الدعيع لانقضى الأمر تماماً ولما سمعنا أي حديث عن محاولات الإرهاق المزعومة هذه . لم يقتصر خطأ مدرب الهلال على إدخال إيكانغا مكان بويا، إلا أن هذا الخطأ بدا أكثر تأثيراً على سير المباراة. فقد وقع عافية في خطأ آخر كبير جداً عندما أخرج كاريكا ليشرك الحريف عبده جابر مكانه. ولا أدري كيف ينظر عافية للنواحي الفنية في فريقه. شخصياً لا أرى لاعباً يستحق أن يرتدي شعار الهلال هذه الأيام سوى كاريكا، فكيف يخرجه المدرب ويترك خليفة وتراوري وغيرهما ممن لم يكونوا في حال أفضل منه؟! تراوري حكايته حكاية، فمنذ زمن لم أره يقدم ما يشفع له أو يشير إلى أنه محترف أجنبي مفيد. لعب الفتى القليل جداً من المباريات الجيدة فهلل له إعلامنا ورفعه في السماء ومنذ ذلك الحين صرنا نراه في النازل كل يوم. بالأمس شكل تراوري عبئاً على فريقه وكان يمارس عكاً غريباً ويلف ويدور في كل مرة ليفقد الكرة مهدراً مجهود زملائه على قلته. حتى تمريرة كاريكا الجميلة التي نتج عنها هدف مهند الرائع كان يمكن أن تضيع سدىً لو أن كاريكا تجاوب مع تراوري. فقد تحرك تراوري بطريقة غاية في الغباء حيث اتجه ناحية كاريكا ليمنحه الكرة. طالما أن كاريكا سيمنحك الكرة وأنت تجاوره فلماذا لا يتصرف فيها بنفسه يا تراوري؟! المعروف والمفهوم في كرة القدم هو أن ( تفتح خانة) لزميلك لكي يمرر لك ويتقدم الفريق للأمام. أما أن تأتيه لتأخذ منه الكرة فهذه إضاعة للوقت وتصرفات لا تشبه لاعبي الكرة المحترفين في شيء. عندما لاحظ تراوري أن كاريكا يركز على المساحة الأبعد من تواجده تراجع خطوتين وما زال ينتظر الكرة رغم أنه لم يكن في وضعية تسمح له بعمل أي شيء بها لو أنه تلقاها. ولو أن كاريكا مررها له لاستلمها منه مدافعو الأهلي شندي بكل سهولة. لكن الحريف كاريكا لعب الكرة في المساحة الخالية لمهند الذي كان مهيئاً للتصويب رغم أن الكرة كانت في رجله اليمنى وبالفعل صوب الأخير بقوة وبصورة جميلة فجاء هدف الهلال الوحيد. أما تراوري فعليه أن يراجع حساباته ويجب أن يقف مدربه على مثل هذه الأمور. فالطريقة التي يؤدي بها هذا اللاعب لن تفيد ناديه في شيء، وهو حتى الآن وباستثناء مباراتين أو ثلاثة لا يبدو أفضل من بقية لاعبينا المحليين. أرى أن دخول إيكانغا وإعادة خليفة للدفاع قصم ظهر الهلال، لكن ليس معنى ذلك أن المخطئ الوحيد هو مدرب الهلال. فالطريقة التي تعامل بها دفاع الهلال مع لقطتي الهدفين تؤكد أن مشاكل الدفاع التي يعاني منها الهلال ومعظم أنديتنا السودانية ما زالت محلك سر. وسبق أن قلنا مراراً أن المشكلة ليست طريقة غارزيتو ولعبه بثلاثة مدافعين. لكن المشكلة في مدافعينا الذين يصل الواحد فيهم إلى الأندية الكبيرة قبل أن يتعلم أصول التمركز الصحيح وكيفية إغلاق المنافذ أمام المهاجمين أو سرعة التصرف. بويا قطعاً لم يتعمد إصابة زكريا، لكن المشكلة في أن بويا رغم خوضه للكثير جداً من المباريات المحلية والقارية لا يريد أن يتعلم أن الدخول على المهاجمين لا يكون على طريقته الهوجاء. لابد من تقدير جيد للمسافة بينك وبين الكرة وبينك وبين اللاعب الخصم قبل إدخال رجلك خاصة عندما يتم ذلك بتلك القوة يا بويا. هذه من الأمور الأساسية في كرة القدم. والمشكلة أن بويا والكثير من لاعبينا الآخرين يفتقرون لهذه الأساسيات، ورغماً عن ذلك ما زلنا نعول عليهم في الفوز بكأس قارية. لا أدرى ما الذي كنا سنسمعه من النقر لو أن هدفاً قد نتج عن تلك المخالفة التي نفذها مهند بطريقة جيدة وأوشكت الكرة بالفعل أن تغالط الدعيع. طبعاً كان النقر سيكتفي بلوم حكم اللقاء وربما أضاف عليه بعض الحديث عن سوء الحظ. بمناسبة حكم المباراة، لا أظنه قد أشهر بطاقة صفراء لبويا. صحيح أن بويا لم يتعمد إصابة الخصم، لكن التدخل كان عنيفاً وحتى إن لم يصب زكريا بأي مكروه كان يتحتم على الحكم أن يشهر لبويا البطاقة الصفراء. لقطة قبيحة أخرى لم يتعامل معها الحكم بالصرامة اللازمة تمثلت في الحركة العجيبة للاعب خليفة. فقد انقض عليه لاعب أهلي شندي بصورة عنيفة واحتسب الحكم المخالفة، لكن خليفة الغاضب الذي ظن أنه يلعب في الحواري توجه نحو اللاعب محاولاً الاعتداء عليه و( أخذ حقه بيديه). تصرف غاية في الحماقة أعطانا الانطباع بأننا نتابع دافوري في أحد أحياء الخرطوم. أيعقل أن يتصرف لاعبون يوصفون بالكبار بهذه الطريقة دون أن تتخذ الجهات المسئولة عن تنظيم الكرة في البلد أو الأندية أي إجراءات في حقهم! حادثة إصابة اللاعب زكريا كانت حافلة بالتصرفات الخرقاء التي تعودنا أن نشاهدها في ملاعبنا كثيراً. بادي ذي بد دخلت عربة إسعاف متهالكة للملعب وبدلاً من التحرك السريع وإتباع إجراءات الإسعاف بطريقة احترافية شاهدنا الهرج والمرج المألوف. احتكاكات بين بعض أعضاء الأجهزة الفنية. ونقاشات حادة بين بعض اللاعبين. وسلام بالأحضان بين النقر ولاعب الهلال تراوري. وسائق عربة الإسعاف يجلس على المقود بنفس مفتوحة ويشعل سيجارته وكأنه يهم بنقل بعض الأصدقاء أو أفراد العائلة في رحلة ترفيهية. ثم انطلقت عربة الإسعاف المتهالكة وأبوابها الخلفية مفتوحة لتهوية المصاب!! يتركون الأبواب مفتوحة من توفير التهوية للمصابين وسائق الإسعاف يدخن أثناء نقلهم للمستشفى! أيعقل يا جماعة الخير أن نعجز عن توفير عربة إسعاف فسيحة تحمل اللاعب المصاب بطريقة مريحة ويتوفر بها تكييف هواء حتى لا نضاعف من آلام المصاب. وبعد كل هذا السوء يخرج علينا أسامة عطا المنان ليقول أنه ليس من حق الإعلام أن ينتقد اتحادهم لأنه يقوم بعمله على أكمل وجه! ورغماً عن كل هذا الفشل في التنظيم وفي الإدارة والتنسيق وفي تحكيم مباريات الدوري الممتاز يتم اختيار مجدي شمس الدين رئيساً للجنة الحكام بالاتحاد الأفريقي. يعني باب النجار مخلع تماماً يا جماعة الاتحاد الأفريقي. معلوم أن الاتحاد الأفريقي يعاني من الفساد، ولذلك لا أرى أي معنى للتصريحات من شاكلة أن فوز مجدي بالمنصب الجديد يعد نصراً وفخراً للسودان. ففخر السودان الحقيقي هو أن يرى أهله تنظيماً واشرافاً جيداً لاتحاد الكرة على النشاط في البلد، يؤدي في نهاية الأمر لرفع مستوى منتخباتنا وأنديتنا ويمكنها من تحقيق نتائج جيدة. أما أن يفوز هذا الفرد أو ذاك بمنصب قاري بطريقة أو بأخرى مع استمرار عجلة التخلف فهذا لا يعنينا كسودانيين في شيء. أختم مقال اليوم بسلبيات وفشل قناة النيلين الرياضية في نقل مباريات الدوري الممتاز. ويبدو أن الجماعة اتفقوا مع اتحاد الفشل على نقل ما بين 40 إلى 50 دقيقة من كل مباراة. ولا أدري أين ذهبت تصريحات نائب مدير القناة خالد الأعيسر الذي ملأ الدينا ضجيجاً بعد عودته من لندن وتولي منصبه الجديد في سودان اليوم الذي لا يفتح المجال إلا لأصحاب الحناجر الواسعة. قال الأعيسر الكثير عن استعدادات القناة والكاميرات الجديدة والتجهيزات الفنية الكبيرة لتقديم خدمة متميزة، لكننا لم نر لهم أي طحين حتى يومنا هذا. واضح جداً أن البلد لا تقبل من العائدين لها سوى فئة محددة ذات مواصفات محددة وقدرة على ركوب موجة الفشل. وكان الله في عون هذا البلد الذي كلما عادت له فئة من أبنائه المغربين يكتفون بتضليل الناس وترديد معسول الكلام بدلاً من نفع وطنهم بما اكتسبوه من خبرات. بالطبع لم ننس قضية المغدورة الجراحة رحاب الطيب التي قتلها زوجها المصري المجرم، ولنا عودة لهذا الموضوع الهام الذي كرست له ثلة من بعض الإعلاميات الوطنيات وقتاً ثميناً وفتحن له ملفات في الفيسبوك وأطلقن حملة من أجل رحاب رحمها الله رحمة واسعة وأنزلها منزلة الصديقين والشهداء ونفع الأخت الأستاذة حباب جلاب من المجلس القومي للصحافة والمطبوعات وزميلاتها الأخريات بمثل هذا العمل الوطني والإنساني الذي يقمن به ومساعيهن للوقوف في وجه الهجمة الإعلامية الشرسة للإعلام المصري الكاذب دوماً. وإشادة خاصة بالدعوة المقدمة لتنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية في لندن يوم الأحد الموافق 26/5/2013 وأتمنى أن يشارك كافة السودانيين المقيمين بعاصمة الضباب ونواحيها في هذا الحدث الهام. [email protected]