اليوم نقف كأمة امام الحدود الفاصلة بين زمنين .. فالمناخ العام بين الشد والجذب ، مداً وجذر .. فمابين الدخول لأبي كرشوله واستعادتها ..يسود الخطاب التعبوى والحربي ، فالحكومة لابد من ان تفرض هيبتها وحملة السلاح يحاولون خلق موقف تفاوضي جيد .. والسجال المستمر خلَّف واقعاً حياتياً منهِكاً للمواطن ليس فى ابو كرشولا وحدها انما فى كل الوطن .. واليوم الفرحة الغامرة التى هبت ريحها نرى ضرورة تحويلها الى مسارب التعافي الوطنى .. وهذا مالن يتم الا بالتوقف امام السؤال الكبير : علام نحن مختلفون ؟!والى متى يعجز السودانيون عن الوصول الى مستوى الحد الأدنى من التعايش ؟! رغم اننا نطلب دائماً مستوى من الجدية فى مناقشة قضايانا تحت سقف الحد الأعلى .. فالسيد الرئيس قد صرح فى بداية الأزمة ان التفاوض سيستمر بالرغم من الاعتداء على ام روابة .. وكانت تلك هى الحكمة بعينها ، والثابت لدينا ان الحكومة لاترغب فى الحرب ولاحملة السلاح من الراغبين فيها .. وشواهد الواقع كل يوم تؤكد ان لاحرب تحمل فى طياتها حلاً ولم يعد فى منطق الحرب اليوم منتصر او منهزم ..بل ان المنتصر فى الحرب منهزم فى السلام هذى نتائج ماافرزته حروب عالمنا المعاصر.. وفى بلادنا ان مايجمع بين الخصماء اليوم هو اكثر مما يشكِّل مدعاة للإحتراب .. والوطن الذى ضمنا جميعاً لماذا ضاق بنا الان ؟! فالتمرين التشاركي فى الحكم الذى تم عقب اتفاق نيفاشا والتجربة فى حد ذاتها برغم ماإعتورها من مشاكسات الا انها اثبتت بمالايدع مجالاً للشك ان السودانيين قادرون على تجاوز مشكلاتهم .. فاذا كان هذا التصور حقيقة وله مايسنده على ارض الواقع ، فينبغى ان ننتقل خطوة للأمام تتمثل فى ان نتفق بان الفرصة الحالية قد تكون الأخيرة .. والواقع الذى فرض نفسه بالامس يحتاج الى إرادة الحل .. وارادة الحل .. زادها إرادة التغيير .. وإرادة التغيير هى فكرة وبداية الفكرة المعرفة بطرائق التغيير وأُس هذه المعرفة ان الخاسر الأكبر هو هذا الشعب والضحية الكبرى هو المواطن والإحتراب فاتورة يسددها الوطن من تنميته وقدرته ونهضته .. والسياسيون بكافة فصائلهم وكل انتماءاتهم مسؤولون عن مآلت اليه الاحوال .. فالاستهداف الخارجي ..والاطماع الأممية.. وارادة المجتمع الدولى ..وشرعية الأمر الواقع ..يُضاف اليها الأزمة الاقتصادية ، وإفرازات النزوح .. كل هذه الإحتقانات التى تعانى منها بلادنا نرى انها جرس انذار حاد الرنين من المفترض ان يرن فى اذان الساسة عله ينبههم الى ان هذا الشعب الذى ضحى لأجلهم ..فتركوه ضحية اطماعهم وطموحاتهم ..وانه علَّمهم واهلّهم وملّكهم مصيره وقراره ..فاهملوه وغيبوه وجوعوه .. لالذنب جناه سوى انه فوّضهم نيابة عنه وسلمهم قراره ومصيره وتدبيره .. فما اشركوه ولاصانوه ولاحافظوا على احلامه وامانيه وحقه فى وطن معافى .. وبرغم هذه اللوحة السوداوية .. والبلد التى صارت مبنية للمجهول ، تنبعث الآمال متوثبة نحو ان تكون هذه الحرب هى نهاية طريق الالام .. ومانزف من دمٍ سوداني غالى نرجو ان يكون الفداء الكبير لأهل السودان .. فهل فى الذهن السياسى مايرتفع عن انانية الانتصار الحزبي وعقلية ورثة الانقاذ وطريقة الفهلوة السياسية ؟! الى مستوى اننا اصبحنا فى وطن آيل للسقوط ؟!وان الأحداث صارت اكبر من ان تنحصر فى مكايدة الحكومة ، لأننا قد نلتفت ولانجد وطنا نتكايد عليه ؟!ولطالما اخذت الحرب فرصتها التى وصلت الى نصف قرن ..فلماذا لايكون مابعد ابوكرشولا هو السانحة الصادقة لياخذ السلام فرصته ؟! وسلام ياوطن سلام يا .. (11)مستشفى خاص بالولاية ليست بها غرفة عناية مكثفة حالة كشفها الرائد عادل فضل العطا ابن سائق الزعيم الأزهرى الذى رحل عن دنيانا بعد سبعة ايام من ملاحقة المستشفيات، ووزير الصحة الخط الاحمر يحدثنا عن التبغ ومحلات العطارة ..والشطارة فى التجارة .. وموت الانسان ماخسارة .. ورقصنى ياجدع.. رحم الله الحاج فضل العطا.. جريدة الجريدة 29/5/2013 [email protected]