ان ما يحدث من صراع قبلي مسلح بين القمر و البنى هلبة فى ولاية جنوب دارفور بسبب ادعاء البنى هلبة تبعية حاكورة القمر لولايتهم الاهلية , يعتبر و بكل المقاييس حرب عبثية الغرض منها استنزاف انسان دارفور , تحقيقا لغاية حكومية مركزية , و هذا ما يفسره صمت القبور و عدم المبالاة من قبل الحكومة و من المنتفعين و الرقيق السياسي للمؤتمر الوطني من ابناء دارفور امثال الحاج ادم (ابو ساطور) الذى غرق حتى أذنيه فى مستنقع قاذورات العنصرية النتنة لأجل تحقيق غاية المركز و غاية اخواله فى توسيع دائرة نفوذهم بالحصول على المزيد من الأراضي التى تدعم امتياز الوصل الى السلطة و احتكارها مناصفة مع حلفاءهم من القبائل الاخرى , اما الغاية الثالثة و هى غاية شخصية تخص (ابو ساطور) فى نيل مزيد من الرضاء و القبول من قبل عشيرته بالتبني. اما على محمود وزير الكسرة ايضا صمت بل دعم حرب عشيرته ضد السلامات بواسطة المجرم الهارب "على كوشيب" قائد قوات ابو طيرة بمحلية رهيد البردى و الذى يتلقى اوامره من وزير المالية , ان قصة على محمود تشابه عقدة (ابو ساطور) الا انها تختلف فى التفاصيل , لقد تعرض على محمود (لشاكوش) عنيف من قبل احدى بنات عشيرة ناظر التعايشة الذى رفض طلب زواجه من ابنته الدكتورة (زينب) و عيره بأصله الوضيع و الالفاظ المعهودة عند رفض العبد من الزواج بحرة , الان وفرة له الانقاذ الفرصة فى ان يرفع من شان خشم بيته درجات فى سلم تراتيب النفوذ العشائري بعد ان تدثر بالسلطة و المال , و هى محاولة منه لرد الاعتبار و الظهور بمظهر البطل و المنقذ الوحيد للتعايشة و انه كان اهلا لحبيبته السابقة. وبفضل وسطاء على مستوى ولاية جنوب دارفور تمكن ابو ساطور و على محمود من تمرير الدعم لأهلهما لتحقيق الغايات الثلاث (المركز و العشيرة و الشخصية) , غايات متزاوجة مع بعض و ان الآن هو انسب وقت لتحقيقها من الناحية السياسية و السلطوية خاصة و ان حقبة العهر الانقاذى شارفت على الزوال . شهادة الوالى بداية النهاية لمشروع (هبت) كان الاسبوع الماضي حافل بالمثير و الجديد حيث تكشفت بعض من خيوط المؤامرة التى احيكت على نطاق واسع ضد القمر , فبعد ان صمد القمر و افشلوا على الاقل حتى الان كل المخططات التى هدفت الى تهجيرهم او ابادتهم فى وقت وجيز و سريع , بعد ان راهن المعتدين على تباين موازين القوة بين الطرفين بفضل العتاد و الدعم الذى يتلقاه البنى هلبة , فبدأت بعض تحالفاتهم تنهار امام معطيات الميدان و التى من بينها تراجع الوالي جار النبي عن موقفه السابق بشكل مفاجئ , قد يكون تراجعه تكتيكي او ربما تبديل فى المواقف , اتخذ خطوة الى الخلف لا يمكن التكهن بدوافعها لكننا نترك الايام تكشف عن ذلك ,قال جار النبى " ان هجوم قبيلة البنى هلبة على القمر فى "كتيلا" كان بمشاركة اجانب " انتهى ( الاهرام اليوم العدد رقم 1222 , 28 مايو )و بذلك "شهد شاهد من اهلها " . ان ما صرح به الوالي امام اعضاء المؤتمر الوطني بولاية جنوب دارفور تعتبر شهاده من العيار الثقيل او بالأحرى فضيحة , لقد اكدت هذه الشهادة الحقائق التى اوردناها فى المقال الاسبق بعنوان " انهيار الهدنة بين قبيلتي البنى هلبة و القمر ... لأجل ماذا و لمصلحة من هذه الحروب القبلية ؟" , و الذى ذكرت فيه ان ملامح جثث بعض القتلى فى "جوغين" تشابه ملامح اولئك القادمين من مالي, و بهذا الاعتراف انهار احدى اعمدة الدعم و اهم حليف لهم فى حربهم المفتعلة بمساعدة "الوطني و الأجنبي" , و الجدير بالذكر ان تاريخ الصراعات القبيلة فى دارفور لم يسجل اى واقعة ان استأجرت قبيلة ما مرتزقة ليقاتلوا عنها بالوكالة , انها وصمة عار. و هنا لدى سؤال للوالي ... من الذى اوى هؤلاء الارهابين عندما هربوا من مالي خوفا من ابناء " ديغول" ؟ و من الذى استجار بالمرتزقة التشادين فى الحروب الاهلية السودانية ؟ طبعا الحكومة , كان الغرض من ايواء الماليين الهاربين هو استخدامهم ضد نظام دبى باعتباره عضو منظومة الحلفاء الذين شاركوا فى حرب مالي , فنجحت الحكومة فى استخدامهم كفزاعة اخافت بها "دبى" ليرضخ لطلبات الانقاذ فى ارسال قوات لحماية نظامها من تهديد الجبهة الثورية و اعاقة تقدمها نحو عش الدبابير فى الخرطوم . اذا ان الحكومة هى من فتحت و وفرت عرض لسلعة المرتزقة فى سوق دارفور ليجدها الراغبين فى الشراء و الاستئجار, فالأولى للسيد جار النبي اخلاء دارفور من هؤلاء المرتزقة , و يجب ان يعرف المقام ليس مقام تكتيكات او مهادنة لكسب مزيد الوقت او محاولات للرجوع الى خانة الحياد , فانت راعى و مسؤول عن رعيتك , وان كل نفس قتلت خلال هذا العبث معلقة فى رقبتك , سواء بسبب سياستك فى غض الطرف او الدعم النشط لطرف دون الاخر لأجل مشروع وهمى خلف مئات الارمل و الايتام. اما فى ذيل تصريح الوالي كما اوردته الراكوبة و سودانيزاونلاين , ان البنى هلبة حنثوا باليمن الذى ادوه امامه بعدم الاعتداء مرة اخرى , و هذه فضيحة ثانية , ان اهل دارفور مشهورين باحترام القسم المغلظ ناهيك عن القسم على المصحف , انه دليل انتكاسة اخلاقية و دينية لم تشهدها دارفور من قبل , و خلال هذا التنوير استنكر عدد من الحضور هذه الحرب العبثية و ادانوا و استنكروا مسلك البنى الهلبة فى نقد العهود و الغدر . و فى ذات السياق اوردت صحيفة الصحافة العدد (7120) 27 مايو الجاري , ان سلطان دار قمر هاشم محمد عثمان بصدد فتح بلاغات فى مواجهة مسئولين تورطوا فى الاعتداءات الاخيرة ضد شعبه , و كذلك التقى السيد هاشم ببعض المسئولين و شرح لهم الدعم و السند الذى يتحصل عليه البنى هلبة من خلال ابنائهم فى السلطة و عرض ادلة (بطاقات عسكرية , لوحات لعربات عسكرية , اجهزة اتصال , نماذج لأسلحة حكومية ) هذه الادلة تم تجميعها من المواقع التى اعتدت عليها مليشيات البنى هلبة فى دار قمر , و بناء لهذا اجرت السلطات الامنية تحقيقات حول بعض المشتبه فيهم , اسفرت عن اشتباه تورط قائد قوات الاحتياط المركزي بولاية جنوب دارفور (نصر الدين) الذى تم اعتقاله بتهمة توجيه عتاد عسكري و اموال تخص الدولة و تقديم دعم فنى و استخباراتي لأهله و هو الان يخضع للتحقيق. ان ما حدث فى " ابو بشير " يوم 28 مايو كانت محاولة يائسة من البنى هلبة لتحقيق نصر ميداني يمكنهم من دخول المفاوضات التى اعلن عنها الوالي و حدد لها يوم الخميس 30 مايو , لقد كان هذا واضح من حجم العتاد و العدد الذى زج به فى محرقة " ابو بشير و ام تكينا" التى مات فيها مئات الاشخاص من الطرفين, ان اصرار البنى هلبة على تحرير حاكورتهم كما يدعون , يعطى انطباع كأننا نعيش فى بدايات القرون الاولى حيث لا توجد سلطة و لا قانون. لقد ذكر فى تعميم صحفي لشرطة ولاية جنوب دارفور نشر بأكثر من ثلاثة صحيفة فى يوم الخميس 30 مايو اكدت فيه الشرطة اعتداء البنى هلبة على القمر فى بلدة "ام تكينا" و ان القمر كبدوهم خسائر كبيرة فى الارواح و الاموال , هذا البيان محاولة من الشرطة لتصحيح عدم حيادها السابق و كذلك للتغطية على الاتهامات التى طالتها بشان تسخير بعض منسوبيها للعتاد و السلاح لصالح اهلهم و كذلك لتظهر ان السيد "نصر الدين" المعتقل الان كان يتصرف كفرد و ليس كمؤسسة. تعبئة و استنفار لاسترداد ما غنمه القمر و انه غير مستبعد ان يعاود البنى هلبة الكرة مرة اخرى و الهجوم على القمر ابتغاء الانتقام و الثأر و هذا يتبدى من خلال حملة الاستنفار و الحشد الكبيرين خلال اليومين الماضيين , حيث عقد البنى هلبة امس الاربعاء اجتماع بدارهم بضاحية الحاج اليوسف فى الخرطوم بحرى بحضور كل من صديق الزبير رئيس الاجتماع و العميد شرطة محمد صالح و العقيد قوات مسلحة "على" (الاثنان كانا يرتديان بزاتهما العسكرية ) !!! ذكر خلال هذا الاجتماع ان عودة قائد الجنجويد محمد عبد الرحمن بقواته الى غرب دارفور احتجاجا على عدم حصوله على مستحقاته المالية كانت السبب فيما حدث فى "ابو بشير و ام تكينا " و قال المتحدث لولا هذا الامر كان العبيد ديل ما قدروا علينا" انتهى . قرر الاجتماع عمل كرامة اليوم الجمعة للموتى و عقد اجتماع عاجل مع لجنة التعبئة التى تضم العميد و العقيد اعلاه و مدير مكتب الحاج ادم يوسف نائب الرئيس ". كما تحدث ممثل الطلاب (ياسر ) و قال ان الطلاب قدموا حتى الان (7) شهيد فى هذه المعارك. و بالمقابل عقد القمر اجتماع بإحدى قاعات مساجد الخرطوم و شارك فيه لفيف من القيادات و الطلاب و النساء , ترحموا على موتاهم بعدها قدمت اللجنة العليا تنوير " قال المتحدث ان القمر حتى الان فى خانة الدفاع عن ارضهم و عرضهم و ان العدو يمتلك ترسانة عسكرية كبيرة بفضل تسخير امدادات الدولة و حلفائهم من القبائل الاخرى , و ان اللجنة قابلت النائب الاول و وزير الداخلية و الدفاع و ملكوهم الحقائق و طالبوهم بكف هذا العبث. كما رصدت مصادرنا امس الاربعاء خروج (10) عربات رباعية الدفع من نيالا و توجهت الى دار بنى هلبة تحقيقا لمخرجات اجتماعهم الذى عقد فى نيالا المتمثل فى شعار استرداد ما غنمه القمر و الثأر لموتاهم , كما رصد ذات المصدر خروج (3) عربات دفع رباعى من نيالا و توجهت الى دار قمر و رجح مصدرنا انها قد تكون محملة بذخائر و اسلحة , لاحظ ان كل هذه التحركات القبلية تجرى تحت سمع و بصر اجهزة الدولة و هى لا تحرك ساكنا ابتغاء المزيد من القتل و الموت , ان هذا التمادي و الاعداد سوف يقضى على الاخضر و اليابس بالمنطقة و ان نيران هذا الحريق قد يطال مناطق اخرى فى الجنوب الغربي لمدينة نيالا و بالتالي سوف يفاقم من حجم الازمة و الكارثة الانسانية التى يعانيها الاقليم منذ عشرة اعوام . متاهة قوم زنوج ذو عقلية عروبية و بالرجوع الى اللفظ الذى استخدمه متحدث ذلك الاجتماع فى وصف القمر بالعبيد , انه سلوك غير مستغرب خاصة بعد ان نجح المركز فى اعادة انتاج كثير من الدارفورين و شكلهم على نهج يدعم سياسته الرامية الى احداث قطيعة دائمة بين مكونات الاقليم بحيث يصعب تحالفهم لأجل انتزاع حقوقهم, فانطبق علينا و صف "الباقر العفيفي" للذهنية العروبية المركزية بمتاهة قوم سود ذو عقلية بيضاء , و انا اعيد صياغتها لتناسب وضعنا فى دارفور "متاهة قوما زنوج ذو عقلية عروبية" و الكثير منا يعرف هذه الحقيقة لكنه يتجاهلها او يعتنقها لأنها تخدم اغراضه . و الحقيقة المرة , اننا كدارفورين و بكل تنوعنا نعتبر عبيد فى الاطار الضيق للعقلية المركزية , فكما قلت سابقا لا فرق بين موسى هلال و عبد الواحد محمد نور لدى الانقاذ الا بقدر نجاح الاول فى تنفيذ اجندة المركز , و النماذج التى تدعم هذا الافتراض كثيرة منها , قصة الصحفية سمية هندوسة " الرزيقية الدرافورية العربية التى نقلت فى فيديو مبثوث على الانترنت تجربتها مع الاعتقال و التى قالت فيها ان جلادها قال " ان لونك و شعرك نتاج لجينات اجدادنا الذين هجنوا امهاتكم الخادمات ", فجعلوها صليعه ليستردوا شعر اجدادهم و كانت هذه رسالة واضحة لا تحتاج الى شرح لمن اراد ان يفهم ؟ اذا وضعنا فى الاعتبار رمزية جهاز الامن الوطني الذى يمثل قلب مشروع الانقاذ المركزي. اما المثال الثاني هو المقولة المشهورة لعمر البشير بشان قضية الاغتصاب , و التى قال فيها ( الغرباوية تتشرف إن ركبها الجعلي) , ان صيغة التعميم فى هذه المقولة لا تحتاج الى شرح , لكن لاحظ الاشارة المبطنة فى لفظ (جعلي) التى ترمز للشمال العربي رغم اننا نعرف ان الذين اشتهروا بالاغتصاب فى دارفور هم الجنجويد و ليس افراد جهاز الامن , فبسبب عدم اعترافه بعروبة جنجويد دارفور فضل هذا القذر استخدام رمزية اكثر ادعاء للعروبة و بالتالي يفهم صراحة ان كل حرائر دارفور خدم و يفهم ضمنا ان كل رجال دارفور عبيد من غير استثناء لاى قبيلة !!!. اوردت هذين المثالين بمثابة تذكير لبعض اخوانا العرب فى دارفور بان لا ينظروا الى القبائل الاخرى من منطلق الدونية و التقليل من شانهم حد الابادة او الطرد و التشريد , و هذا ليس مصادرة لحق احد فى ان يدعى انه (سكسونى او انجلكانى او هاشمى)و له ان يفتخر و يعتز بذلك هذا حق مشروع , لكن ما ليس مشروعا هو ان تكون هذه الهوية المتغمسة مدعاة للغطرسة و اضطهاد الاخرين. لذلك نرجو من العقلاء من الطرفين ان يدركوا ان الحرب ليس فيها منتصر حتى لو نجح المخطط فى طرد القمر و تهجيرهم او نجاح القمر فى تدمير ريف البنى هلبة , ان ذلك لا يعتبر انتصار بل يعتبر بداية لمرحلة جديدة لحرب من نوع مختلف فى المستقبل المنظور , وان ما يحدث من اقتتال بين القبائل فى دارفور هى محاولة من الحكومة طمس ادلة الجرائم التى ارتكبتها فى حق شعوب دارفور و هى ايضا طريقة لتذويب ازمة الاقليم و الباسها ثوب قبلي يمكنها من تضليل الراي العام المحلى و العالمي ان مصلحتنا كشعوب دارفورية تكمن فى تجاوزنا لطريقة اطار التفكير الضيق و ان لا ننظر الى الأمور من خلال عدسة القبيلة , و ان نتبنى طريقة التفكير الجمعي المتجاوز لسطحية التأثر بالألوان و الاشكال , و ندرك ان مستقبلنا الواعد مرتبط ارتباط وثيق بإمكانية تعايش كل سكان الاقليم. مصطفى اندوشو 31 مايو 2013