صبيحة يوم الخميس الموافق الثالث والعشرين من شهر مايو المنصرم لم يكن يوما عاديا من ايام الحزن والألم فى بلادنا فقد صادف هذا اليوم الذكرى السابعه لرحيل العملاق الفنان الكبير ابراهيم عوض الذى اغمض عينيه للمرة الاخيرة وودع عالمنا فى منتصف نهار هذا اليوم الحزين قبل سبعه اعوام وهو لايزال يحتفظ بنضارة صوته والقه المميز وحبه للفن ،وقبل اكثر من ثمانين عاما وبالتحديد فى العام 1933 كان هنالك ايضا يوما عظيما وغير عادى من ايام الفرح فى تاريخ السودان حينما انطلقت صرخة ابراهيم عوض الاوله فى هذه الحياة لتكون تلك الصرخة هى اول ماجادت به حنجرته المذهلة واظنها لم تكن صرخة عادية كصراخ كل الاطفال حينما يولدون ،بل كانت صرخة منمقه لها طابع موسيقى جميل خرجت من اعماقه كما تخرج دندنة الموهوب بالفطرة والميلاد وانطلقت لتشنف اذان كل من شهدوا اطلالته الاولى للحياة كما لو انها لحنا شجى ليعلن الطفل ابراهيم عوض بهذه الصرخة انه قادم كى يتربع على عرش الغناء السودانى وليكون واحدا من اكثر الذين قدموا لهذا الشعب فنا راقيا عاش فى وجدانهم لأكثر من نصف قرن من عمر الزمان ومازال يعيش حتى اللحظة. الفنان الذرى ابراهيم عوض لم يكن فنان عادى يغنى ويطرب فقط بل كان مؤسسة متكاملة للأبداع تجد فيها كل تفاصيل الفن من جمال الصوت وحسن المظهر والادب الجم والذوق الرفيع كان هو قدوة الشباب حين تغنى فى خمسينات وستنينات القرن الماضى واستطاع ان يشبع تلك الاجيال من الفن الاصيل وينقلها الى سماوات الابداع حتى انهم باتوا يؤمنون بأن ابراهيم عوض هو حلم جميل وطيفا حالم ودنيا وردية جاءهم واقعا فلم يصدقوا ان الزمان اعطاهم هذا الابداع المدهش وهذا الاعصار الفنى الذى اجتاح قلوب كل السودانيين واستحوذ عليها فى بضع سنين لذلك ظل هو اسطورتهم الفنية المتكاملة فكانوا يتغنون باغنيات ابراهيم عوض ويضحكون كما يضحك ابراهيم عوض ويختارون ملابسهم على طريقة ابراهيم عوض ويحاكون تسريحة ابراهيم عوض الشهيرة ويفعلون كل مايفعل فالحياة فى ذلك الزمان كانت بلون وطعم الذرى ابراهيم عوض وحين كان الراحل يقود سيارته المميزة فى ذلك الزمان من منزله فى حى العرب قاصدا مبنى الاذاعة القديمة كانت الجماهير تصطف على طول الطريق كى تحييه وتصفق له فى ذكرى رحيل عزيز دنيا الفن ... الفنان الذرى ابراهيم عوض لاشك ان ابراهيم عوض فى زمانه ادهش كل هذا الشعب ومن بينهم الراحل العملاق الكبير عبد الرحمن الريح الذى احتضنه واكتشف موهبته وامن بها ولم يدخر وسعا فى دعمه خلال مسيرته الطويلة وحين يتلقفك شخص بقامة عبد الرحمن الريح فلابد ان تكون مسكونا بالابداع وقد كان ابراهيم عوض كذلك بل تخطى كل التوقعات واضحى هو غاية الامال وعزيز دنيا الفن والابداع وملهم هذا الشعب ،وبعد محطته مع العبقرى عبد الرحمن الريح تغنى ابراهيم عوض للكثير من الشعراء العمالقه منهم الشاعر والملحن الكبير الطاهر ابراهيم وسيف الدين الدسوقى وابراهيم الرشيد ومحجوب سراج ولاننسى الملحن الكبير الشفيع خضر الذى اسهم فى مسيرة الراحل بمجموعه من الالحان اقل ماتوصف بانها الحان عبقرية كل هؤلاء الكبار تعاونوا مع الذرى فزادهم القا على القهم وجعل نجمهم الساطع يزداد بريقا وحين رحل الذرى عن هذه الفانية وقف كل هؤلاء يرددون يازمن وقف شويه واعطنا رجل بقامة ابراهيم عوض وانت واه منك ايها الذرى الراحل حضورا وانسانا وفنان لن يتكرر اليوم يا ابراهيم عوض هيجتنى الذكرى ومعى الملايين من محبيك وانت بعيد عن دنيانا لسبعة اعوام مضت من دون اطلالتك البهية ،سبعه سنوات عجاف وكئيبة مرت على دنيا الفن من غير منى واحلام ونحن لازلنا حتى اللحظة نذكر يوم وداعك الحزين حين تحرك قطارك(شوية شوية) وارتحل بعدها على عجل دون ان تلوح لمحبيك وتودعهم وبكت عيون كل هذا الشعب الذى يعشقك ،ابراهيم عوض ياغايب اليوم عن عيون كل محبيك مع انك ستظل فى دواخلهم، ايها الذرى الذى توهج طوال خمسين عام ،احب ان انقل لك فى ذكرى رحيلك السابعه اشواقنا الشديده اليك التى لن تنتهى ابدا واحب ايضا ان اطمنك ان رسمك فى قلوبنا حاشى غيرك ماعشقنا وماهوينا ،ايها العبقرى الراحل صرنا بعد رحيلك المؤلم مرة نضحك ومرة نبكى ومرة بنتحمل اسانا لكننا لن نعتبر حبك ابدا حكاية وانتهت لاننا لانزال نعيش فيها بكل مشاعرنا التى كنا نحسها وانت بيننا وياملاذ افكارنا الهيمانه بنشتاق ليك وانت معانا وستظل معانا الى الابد ، اللهم يارب العرش العظيم ارحم ابراهيم عوض واسكنه الجنة مع الصديقين والشهداء اللهم ارحمه بقدر عطائه لهذا الشعب وبقدر حبه للناس وحب الناس له . مدثر عمر قرجاج [email protected]