* مما تعلمناه في قاعات الفلسفة أن مفردة (ينبغي!!) هي مبعث خطر على سامعيها من تلقاء قائليها.. * ثم يزداد الخطر قوة إن كان القائلون- أو الناطقون بها- هؤلاء في موقع يسمح لهم بأن (يفرضوا!!) الذي (ينبغي) هذا على أرض الواقع (فرضاً).. * أي يجعلونه (يتنَّزل)- و(ينداح!!)- ويمشي واقعاً بساقين بين الناس.. * فهي مفردة- حسب بعض ضروب المنطق الفلسفي- تدل على (استبداد بالرأي!!) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. * وخطب هتلر (النارية!!)- على سبيل المثال- كانت تعج بما يقابل المفردة هذه من اللغة الألمانية وهو يلوح بيديه يميناً وشمالاً (دون عصا!!).. * وكذلك كان يفعل موسوليني وبونيشيه وشاوشيسكو والقذافي والأسد (الكبير).. * فحيثما وُجِدت (الدكتاتورية) وُجدت مفردة ينبغي وأخواتها من شاكلة (يجب) و (يُفترض) و (لابد).. * والمفردة هذه (تطايرت) في سماء السودان بكثرة مع مجيء الإنقاذ لتصيب- حين (تتنَّزل)- الرؤوس والقلوب والبطون وكأنها (حجارة من سجيل!!).. * وزميلة صحفية من مصر تتكبد (رسوم) مهاتفتنا من القاهرة- عقب فوز مرسي- لتسألنا: (انت فاكر اللي كنت بتؤولو عن كلمة ينبغي وعلاقتها بالاستبداد والكلام ده؟).. * وحين نجيبها بالإيجاب تمضي الصحفية هذه قائلة: (أهو بسلامتو مرسي أَلها من أولها كده وربّنا يستر!!).. * وبالفعل (تنَّزلت) تبعات (ينبغي) وبالاً على المصريين- (عمَّال على بطَّال)- مع إصرارٍ على ترديدها يومياً من جانب المتنفذين (الإخوان!!) هناك.. * وقبل أيام قال واحد منهم- الإسلامويون هؤلاء- دون أن تهتَّز في لحيته شعرة: (ينبغي ضرب سد الألفية الأثيوبي عشان يعرفوا إيه هِيِّا مصر).. * وهنا في السودان أكثر ربيع عبد العاطي من ترديد مفردة (ينبغي)- خلال مقابلة تلفزيونية الإسبوع الماضي- دون أن (يتواضع!!) مرة واحدة (بالغلط) ليقول: (رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأيهم خطأ يحتمل الصواب).. * والضمير في كلمة (رأيهم) هنا يعود إلى المخاطَبين بعبارة: (ينبغي عدم المراهنة على بديل مجهول!!).. * وكأنما (القائل) هذا لم يكن (مجهولاً!!) إلى ما قبل ليلة الثلاثين من يونيو (89).. * وكأنما نافع والجاز والمتعافي والخضر وبكري وإسماعيل وعبد الرحيم لم يكونوا من (المجهولين!!) قبل الليلة تلك كذلك.. * وكأنما- باختصار- رحم الوطن قد (شطَّب خلاص!!) بعد تلكم الليلة وأغلق (بيت الوِلِد) ب(خيط من عصب).. * ف(ينبغي!!) عليكم- يا أيها الإخوان في مصر والسودان- أن تتذكروا مقولة ابن الخطاب (أخطأ عمر وأصابت إمرأة) وأنتم ترفعوا شعارات (الإسلام!!).. * وإياكم- (مِنَّك لُهْ)- أن تجعلوا من مفردة ينبغي (بتاعتكو دي) مصدر (خطر!!) على الآخرين.. * وعلى أنفسكم أنتم- كذلك- ولو (بعد حين!!!!!). [email protected]