بشكل شبه عام أستطيع أن أجزم أن عدد متابعي القنوات السودانية، الحكومية منها بشكل خاص، ليس كبيرا ولا مؤثرا أو متأثرا من ناحية الرأي العام المتشكل، حول القضايا السياسية والاجتماعية في السودان. لكن دعوة النائب السوداني ‘دفع الله حسب الرسول ‘ مؤخرا وفي جلسة تبث على الهواء مباشرة على القناة السودانية، نقلتها فيما بعد بعض القنوات الخاصة العربية والأجنبية، منها الBBC، هذه الدعوة لا تخلو من الظرافة والغرابة، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها السودان مؤخرا على المستويين الداخلي والخارجي. ولأجل تلك الظروف تحديدا، ظهرت دعوة النائب السوداني بتعزيز قوى الدفاع الداخلية، ودعم الجيش السوداني بالقوة البشرية التي لن تتحقق برأيه إلا بطريقة واحدة وهي .. تعدد الزوجات! مثنى وثلاث ورباع الموضوع أثار جدلا واسعا كعادة مثل تلك المواضيع التي تمس المفاصل الانسانية الشخصية، خاصة تلك المتعلقة بالزواج والمتعة والتعدد والاختباء خلف أي مسببات وأهداف حقيقية أو افتراضية أو خارجة عن المألوف، فقط لتمرير الفكرة التي احتلت في الآونة الأخيرة مكانا وزمانا زائدين عن أهميتها. فمن تعدد الزوجات من أجل انقاذ فتيات الهجرات القصرية، التي سببتها الثورات العربية، إلى تعدد الزوجات لجهاد النكاح، وتعدد الزوجات للقضاء على العنوسة في العالم العربي والاسلامي، ثم أخيرا وليس آخرا تعدد الزوجات من أجل تأمين الجبهة الداخلية وتعزيز قوى الجيش! في برنامج بي بي سي اكسترا والذي خصص حلقة كاملة حول الموضوع، سمعت آراء من أطراف سودانية كلها تسخر من دعوة النائب السوداني المثير للجدل كما يقولون عنه، خاصة وأنه كان يدعم دعوته تلك بحجج لا تقل غرابة عن الدعوة نفسها. فالنائب ‘دفع الله حسب الرسول' قال في مداخلته الثلاثاء الماضي إن السودان أمة مستهدفة، وإن الجيش يحتاج إلى دعم، وبما أن التعدد هو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى المرأة السودانية أن تعين زوجها على التعدد. ليس هذا فقط بل زاد عليه أن عدد الرجال فوق سن الخمسين في السودان ‘وهو منهم طبعا' يناهز السبعة ملايين، وبالتالي فإن التعدد سيضمن خمسة وثلاثين مليون رجل سوداني إلى المجتمع. ولكن للأسف أن النائب لم يوضح كيفية ضبط الأمور فيما بعد بحيث يتم ضمان انضمام الملايين القادمة إلى الجيش السوداني، هذا إن كانوا ذكورا بالكامل طبعا، وبالتالي فتح أميركا وليس ‘كاودا' حسب كلام النائب، في إشارة إلى مدينة كاودا معقل الجبهة الثورة التي تحارب السلطات السودانية. أحد المعلقين قال: ‘يبدو أن العضو البرلماني المثير للجدل دفع الله حسب الرسول يعاني من مرض التعدد فهو يبحث دائما عن ذريعه لإدخال أمر الزوجة الثانية والثالثة والرابعة إلي قبة البرلمان وكأنما الكل متزوج ومستور الحال أو كأنه لا يعلم أن عدد المعسرين يفوق عدد المتزوجين' وأخرى استهزأت من الفكرة التي لا تراعي الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن السوداني، واعتبرت الدعوة للقادرين فقط وهم قلة قليلة، يعزفون عن الزواج من الفتيات اللواتي يعانين من العنوسة التي تنخر في المجتمع السوداني، ويقبلون على الفتيات الصغيرات جدا، ما يدل على أن الهدف السامي الذي يلوحون به، ليس أكثر من كذبة يبررون بها ترف أهوائهم. القدس العربي